تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

عقيل العبود: الخط المحروق (2)

انتهى الأمر بإرجاعهم إلى مطار (س) مكبلين بالاحباط، والوهن، كان المساء ينذر بالبرد، والهلع، والترقب، حتى أن أحدهم تم صفعه واحتجازه في مطار (ص) يوم سأله أحد الضباط عن جواز سفره أثناء التحقيق.

أحس صاحب المعطف، ومن معه أنهم باتوا أمام منعطف ربما يسوقهم إلى الحبس، والاعتقال، لولا بصيص أمل ضعيف، حتى أمسى أكثر الحاضرين توبيخا لنفسه، مستسلما لمعادلة تأنيب الضمير، بعد أن وضع عائلته تحت قيود المساءلة القانونية، تتابع ذلك مع ليال توالت آفاتها مع هذا النوع من الأزمات.

جرى احتجازهم في مطار (س) والذي يشبه فنادق الخمس نجوم، وهذا ما يخفف عنهم بعض العناء، رغم أنه ليس لديهم الحق في الحركة خارج المطار، بل وحتى المطالبة بعلاج بسيط لنزلات البرد التي عصفت بأكثرهم.

أمست مظاهر الكرب، والانزعاج مألوفة مع أقصى حالات التوتر التي ترافقت مع النعاس، وفقدان النوم، ومشاجرة البعض مع البعض الآخر.

لم يعد بإمكانهم شراء ما يطلبون إلا من أسواق المطار حيث ترتفع الأسعار بشكل مضاعف، فتكلفة زجاجة الماء يصل إلى ثلاثة دولارات، أما الطعام فلا قدرة لهم على شرائه بما في ذلك علب الديدان، والصراصير البلاستيكية المغلفة والمعدة للبيع، والتي بسبب الجوع صار البعض يشتهي تناولها.

مضت الأيام مخيفة مملة، ولم يبق لديهم إلا القليل، حيث لم يعد هنالك ما يكفي للمأكل والمشرب، صاروا يطلبون قناني الماء من القادمين، أو المغادرين، حتى أن رجل دين من أصول لبنانية أثرت به حكايتهم، وراح يستمع إليهم مؤملا إياهم أنه سيدلي بخبرهم إلى الأمم المتحدة، أو منظمات حقوق الانسان، متبرعا لهم بمبلغ بسيط.

دبَّ الاستسلام في جوارحهم، حتى ساقهم إلى التسليم لما حل بهم.

بدا صاحب المعطف الأزرق منزعجا حيث تراجع الأمل لديه مثل سحابة انكمشت بعد أن عبثت بها سطوة ريح عاصف.

افترشوا زاوية تقبع في الطابق العلوي من المطار بالقطع الكارتونية التي عادة ما يتم الاستغناء عنها من قبل بعض المحلات التابعة، لعلها تقيهم برودة الأرض، عند النوم عليها مع استخدام ملابسهم كأغطية.

كان التحقيق يجري معهم في ساعات الليل، وكانوا يسمعون صراخ البعض ربما أثر التعذيب، لكن يبدو أن هذا البعض يعود إلى صنف آخر من المحتجزين، لا أحد يعرف حكايتهم.

أما هم فكان التحقيق يجري معهم للإجابة فقط عن الاسئلة المتعلقة بسفرهم.

أقبل صاحب المعطف الذي كان يأمل خبرا، يقيهم شر ما تعرضوا إليه، منكسرا بعد استكمال التحقيق معه، وأبلغهم بنبرة حزينة بأنه قد تم إبلاغه بأمر الاستعداد للعودة بعد أيام.

***

عقيل العبود

....................

الحلقة الثالثة ماذا حل بهم يوم عودتهم إلى دولة (ق)؟ سيأتي في الحلقة ٣.

 

في نصوص اليوم