نصوص أدبية

مصطفى علي: بينَ الصُحُفيّ المنكوب والْيعْرُبيِّ الغَضوبْ

(شكوى الحمزةُ إبْنُ وائِلَ إلى ولاةِ الدمِ)

ياربُّ عفْوَكَ إنْ أتيْتُكَ سائِلا

كَرَماً تُؤازِرُ في الشدائدِ وائِلا

*

لا عَدْلَ مابينَ الخلائقِ في الورى

فَقَصدْتُ خالِقَها الرحيمَ العادِلا

*

هاهُمْ وُلاةُ دمائِهم في سَكْرَةٍ

وَصَفوا القَتيلَ بِما يُريحُ القاتِلا

*

ربّاهُ قد غَدَرتْ أعاريبُ الحِمى

فَغَدا المُصابُ على رِجالِكَ هائِلا

*

تَتْرى على جَسَدِ الجريحِ نوائبٌ

لِيُذيعَ جَوّاً بالدِماءِ عَواجِلا

*

نَفَثوا صواريخَ الضغينةِ والخَنا

حِمَماً على فِلْذاتِهِ فَتَمايَلا

*

مَنْ هَوْلِ عَصْفِ الريحِ عندَ هُبوبِها

ثُمّ استوى جَبَلاً مَهيباً ماثِلا

*

وأراهُ يدفنُ صابراً أشلاءَهمْ

لتصيرَ أوقاتُ العَزاءِ فَواصِلا

*

أجُبِلْتَ من لُبِّ البَسالةِ والفِدا

لَتَصدَّ عن مسرى الرسولِ نَوازِلا

*

بِفِدائكَ الطوفانُ أصبحَ شُعْلةً

فَضَحتْ لِغافِلَةِ الأنامِ أراذِلا

*

قَطَعوا براعِمَكَ الفَتيّةَ إنّما

ماإنْفكَّ صوتُكَ في الفضاءِ زلازِلا

*

وَأخالُ حَمزةَ يرْتقي أُحُداً وقد

شَهَروا على كَبِدِ الشَهيدِ مَناجِلا

*

ياهِندُ قد شَهِدَ الغُرابُ على التي

حَمَلتْ بمكنونِ الفُؤادِ غَوائلا

*

وَتَهونُ طعناتُ الرماحِ على الفتى

وتظلُّ طعناتُ الرِياءِ نواجِلا

*

لم يبقَ غيرُكَ ياإلهي موئلاً

فَلَقدْ نَعينا في الفلاةِ مَوائلا

*

أبَتاهُ إنّي كافِرٌ بِعروبَةٍ

عَجَزتْ ترينا في الوقيعةِ صائلا

*

أفنيْتُ عُمْري عاشِقاً لِعُروبتي

وَلِأجْلِ عَيْنيْها هَجوْتُ عَواذِلا

*

واليومَ جِئْتُكَ تائباً مُسْتغْفِراً

عن عِشْقِ سلمى موطِناً وَقَبائلا

*

طَلَلٌ تَهاوى خَلْفَ ذاكِرتي سُدىً

مُذْ هَدّموا فوقَ الفُؤادِ منازِلا

*

خانوا الرِسالةَ يومَ أن بَعَثوا إلى

تلكَ اللقيطةِ في الظلامِ رسائلا

*

يَرْجونَها مَحْواً لِغَزّةَ هاشِمٍ

مَعَ كُلِّ مَنْ حَمَلَ اللواءَ مُقاتِلا

*

أتَهاوتِ الغاياتُ ياابْنَ أرومتي

حتى ترى في الأرْذَلينَ وَسائِلا

*

أبَتاهُ عُذراً إنْ هَجرْتُ عُروبَتي

ماعُدْتُ في نَغَماتِها مُتَفائلا

*

دَهْراً تُلَقّنَني شَمائلَ قومِنا

وَلَكمْ أضاعوا ياحَبيبُ شمائلا

*

تَرَكوا الثَكالى في العراءِ مواكباً

وكذا اليتامى في الهباءِ قوافِلا

*

أَتَهبُّ من كُلِّ الديارِ أعاجِمٌ

وَنَرى ذَوي القربى النِيامَ هَياكِلا

*

يختالُ طاغيةُ البلادِ خيانةً

حتى يرى في العاصفاتِ جَحافِلا

*

وَتَكادُ تشتعلُ المدائنُ في الدُنا

مُستهجنينَ مجازِراً وَمَهازِلا

*

عجباً نرى عَرَبَ البلادِ تقاعَسوا

والشعبَ في بلداننا مُتَثاقِلا

*

ياخاذلينَ كِرامَهمْ حينَ الوغى

وَيُلومُ منكمْ خاذلٌ مُتَخاذِلا

*

وَغَداً يُباهِلُنا الذي بَذَلَ الدِما

أكْرِمْ بمن خَبِرَ الجهادَ مُباهِلاً

***

د. مصطفى علي

 

في نصوص اليوم