نصوص أدبية

إسماعيل مكارم: في محبة الله

هذه المقطوعة من الشعر في محبة الله، محاكاة لشعر المتصوفة، أقدمها بمثابة هدية  إلى الأستاذ ماجد الغرباوي العالم في قضايا الفقه وعلوم الإسلام، بمناسبة ميلاده السبعين.

***

نورُ الهدى

يا هندُ ليسَ من العشاقِ إنصافٌ

إنْ لاحَ في زمن الكتمانِ إيضاحُ

*

لا فوزَ للناسِ إن أبيحَ سرّهُمو

سرُّ الحبيبِ لكل الناسِ فضّاحُ

*

لا شكرَ لي بمناجاةِ الحبيبِ هُنا

فالله نورٌ وفي نور الهُدى راحٌ

*

إني لأعلمُ أنّ العفـــــوَ مقبولٌ

فالحقُ دوما لمن يرجوهُ سَمّاحُ

*

إني دعوتكَ لا جاها ولا طمَعا

ربّ البريّةِ طهرُ النفسِ مِصباحُ

*

إني نهلتُ من العلومِ مِكيالاً

وما عرفتُ بأن الصبرَ مِفتاحٌ

*

إني سَعيتُ إلى دُنيايَ منهمِكاً

وقد ظننتُ بأنّ العُمرَ أفراحُ

*

يا من يُسرُّ لذاك الجاهِ مُبتهجاً

سرُّ الوجودِ صَفاءُ الرّوحِ صَدّاحُ

*

عشرونَ عاماً بدارِ غربتي وحدي

طالَ الطّريقُ، متى يا قلبُ ترتاحُ؟

*

أنا المسافرُ أهلُ الشام أحبابي

ففي دمي عنبٌ حلوٌ وتفاحُ

*

أهلَ الكرامةِ نهديكم مَحبتنا

حبُّ الكرامِ لأهل الجودِ لمّاحُ

*

لولا الحبيبُ لما بكت مُعذبة

ولا تندّت لأهل العِشقِ أقداحُ

*

لولا المَحبّة ُما طارت حَماماتٌ

ولا بَدتْ عندَ أهلِ الخيرِ أرباحُ

*

أخا المُروءَةِ، في الأبعادِ مازلنا

في البُعدِ تسودّ أو تبيضّ أرواحُ

*

دنيا العِبادِ تكللتْ بأعلام

فكن حكيما كما في اليمّ مَلاّحُ.

***

كتبت حسب البحر البسيط .

الأستاذ الدكتور إسماعيل مكارم

..........................

شهادة

أخوتي الأعزاء من نخبة المثقفين العرب، والأخوة من القوميات الشقيقة.

لا شك أننا نعيش زمن تزوير الحقائق، زمن تزوير السردية العربية، وصولا إلى تزوير الوجدان العربي – الإسلامي، انتشرت موجات الإسلاموفوبيا في بلاد الشرق وبلاد الغرب. أقرأ في الصحافة، رجل يسأل: لماذا جيش الصهاينة يقتحم المستشفيات في غزة ؟ تجيب واحدة من القراء: يقتحمون المشفى، كون الإرهابيون متمركزين داخل المشفى ...!!!

هذا ما أراده الغرب من تشكيل تنظيمات الإرهاب مثل داعش والنصرة وأعداد عديدة مثلهما. تزوير السردية العربية، والرواية العربية. الأمر بدأ ليس الأمس القريب، بل بدأ منذ الحملات الصليبية، ما سميناه نحن حملات الإفرنج، وسماها الغربيون الحملات الصليبية. لو صادف مراسل لواحدة من المحطات في إحدى المدن الغربية مظاهرة مطلبية في شارع، وفي شارع آخر حادث سير عادي، ولكن السائق عربي، يترك أمر المظاهرة، ويصور حادث السير ويتحقق من هذا العربي؟ ومن أين قدم إلى اللجوء؟ وهل له سوابق.. أم لا؟ ويبنى أسطورة كبيرة، كل هذا كونه مكلف في تضخيم حالة الإسلاموفوبيا.

يقابل كل هذه الهجمة على مجتمعاتنا ضعف في صفوفنا الوطنية، هذه الصفوف التي تحتاج إلى اللحمة الوطنية، تحتاج إلى الإنسجام، وعدم التشتت والضياع. من يقول أن التيارات الثلاثة من الإسلاميين، والقوميين العرب، واليساريين لا يمكن لهم التنسيق فيما بينهم لمواجهة قضايا الأمة، فهو غلطان، ويعيش في زمن آخر. إذا كان الغرب مجتمعا يود للعرب والعروبيين الشر، فعلى العرب في أضعف الإيمان أن لا يتناحروا، ويقتتلوا فيما بينهم.

الضعف أيضا أخوتي ظهر في مؤسساتنا الروحية، التي تحتاج إلى إعادة نظر في الموروث، وتفسيره تفسيرا صحيحا، والنظر إليه نظرة أكثر دقة، وأكثر إستيعابا. هنا يبرز دور العلماء المتنورين والمخلصين في الفقه، وعلوم الدين. هناك قول شعبي إذا كنت قد اقتربت من نور الهدى، وأصبحت متنورا، عليك أن تحمل قنديلا لتضيء درب الآخرين.المؤسسات الروحية بحاجة إلى علماء كرسوا حياتهم وعملوا لأجل إعلاء كلمة الحق فيما يقولون. نحن معشر المثقفين القريبين من (صحيفة المثقف) فخورون بأننا نعرف العالم الكبير الأستاذ ماجد الغرباوي، هذا المفكر والباحث في أمور الدين، وقد سعى من خلال مشروعه إلى تحرير العقل من بنيته الإسطورية، وإعادة فهم الدين على أساس مركزية الإنسان في الحياة، وترشيد الوعي من خلال تحرير الخطاب الديني من سطوة التراث، وتداعيات العقل التقليدي. رأينا كيف عمل ويعمل الأستاذ العالم الغرباوي من خلال قراءة متجددة للنص تقوم على النقد والمراجعة. ورأينا أستاذ الفقه السيد العالم الغرباوي يؤكد على وجوب فهم متجدد للدين كشرط أساسي لأي نهوض حضاري للأمة. الأستاذ الغرباوي كرس عمره وكل عمله لأجل بناء مجتمع خال من العنف والتنابذ والإقتتال والتناحر، ورأيناه يعمل لأجل حقوق المرأة في المجتمع ونبذ الرؤية القرووسطية للمرأة.

أرجو النجاح والتوفيق للأستاذ العالم ماجد الغرباوي في مشروعه التنويري.

***

بقلم: ا. د. إسماعيل مكارم – أستاذ اللغة العربية، والحضارة العربية في جامعة كوبان – جنوب روسيا.

 

في نصوص اليوم