تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

جودت العاني: الغمام..!!

في كل وقتٍ يحط الحمامْ

أراه يفتش

عن خله أو بقايا طعامْ..

وعند تخوم السواحل

يمرح الحزن

في عيون النوارس

تشتكي من ضباب القلوب

وعمق الندوب

ومسخ الكلام..

**

وعند قدوم المراكب والسفن

بأشرعة

تئن أنين الصواري

تثير الشجن..

وتسلب مني عيوني المنام..!

**

فخذ ما شئت

أيها الطائر بين الغيوم

وفوق الصخور

ودعني أفتش عن مرتعٍ في الغمامْ..

**

يراودني العيش عندَ السواحلِ

أدفن وجهي بين القوافي

لتنعش روحي بمعنى السلام..

وصوت النوارس

وصمت الكلام..

**

أجدني،

أضاجع هذا المساء

بهمس الثواني..

أرى العاديات يزرن

جنون الغواني..

فيبزغ فجر هذا الصباحْ..

يُعطرُ قِبْلَةَ الوجد

وينثر عطرها المستباحْ..

**

تمر سريعاً أمامي

حزمة من ضياء

ونفحة عطر الياسمين

والشبابيك

عند المساءْ..

تشتهي

نسمة عابرة،

وخيال

تشتهيها القوافي إشتهاءْ..

**

ليس هذا نثيث الرؤى

في عيون المها

تتعاطى

رقصة القهر

والتعاسات في جوفها لا تنامْ..

**

يصطفي الغبش الملعون

فوق الربى

يترنح

يعلن ترحابه

قبيل نزيز السخامْ..!

**

عندها،

تخطت هواجس

هذا الزمان المريع

وتاهت فلول القطيع

تصول بعري الرؤوس السكارى..

وترغي

ولا تستفيق

على صرخات الجياع الحيارى..

وتذري بذاءاتها

على طول تلك التخوم..

من يداوي الكلوم..؟

من يراعي نجمة الصبح تبكي

صغار النجومْ..؟

**

يسود السكوت

سحاب الوجوم..

يجول بأقدامه العاثرات

دروب الجحود

دروب السجود

ولا من يداري رضيع الفطامْ..

**

فكم حاصرته الكآبة

في مشوارها

وكم لآزمته المهابة

حتى يفك القيودْ..

**

الطريق إلى مدخل السور

رهن النهارات

يضيء بصمت الدروب

وصخب الحروب

وعبر المساءات

يموت الغروبْ..

فكيف يكف العزاء

ويمنع نيرانه

تحت وطئ الهشيم..؟

وتلك الرياح على حالها

تصفر

عبر الغصون اليابسات

لتلهب من تحتها

رغبة الصحو

فتغدو شواغلها عاصفات

بِهَمِ المتاع الحرامْ..

**

تموت النهارات

من فرط هذا العبوسْ..

وتلك النفوس التي شربت

ذلها بحرب البسوسْ..

**

من يداري سلام النفوس..؟

من يعيد الرؤوس إلى أعناقها

في مواخير المدام..؟

هل يمسح الليل أهدابه

كي يجاري الليالي القفار..؟

مستنيرًا بأحلامه

وبُعْد المسافات الطوال

يسترق السمع

كلما حاورته العصافير

والناس من حوله

يمتطون سويعات هذا النهار..

ويسكر بعضهم

دون خمرٍ

بل الحلم يبني الطريق

ولا يشتكي من سكاكينه

فهذا يدور بترحاله

وذاك يئن أنين الجريح..

" وذاك يدق بناقوسه

وذاك بمأذنة يصيح " ..

وبينهما يمرح الموت

سكرانًا

يحث الخطى

ويَعِدُ السهامْ..!

**

ولو حاول الموت

أن يستظيف النوارس

لغداء السواحل

مهرجانًا للسنانير

وللغربان

تقفل الحارات أبوابها

لم تعد تستقبل

الشمس

والهمس

وصوت العصافير

والريح يملؤها العفن

تجتاحها رغبة في البكاء..

على حفل ذاك الشواء

تنهض من نومها

تتحاشى عواء الذئابْ

في هزيع الظلام..

**

أراها تحدق في هوة

ليس فيها قرار

إلى أين يفضي الفرار..؟

فتلك إيقونتي

أرى فيها شهوة الأنتظار

لم تكن قد فارقت

شفتيها قهوة الصبح

حتى تلاشى الصمت في نغم الحوار..

**

من يدين لتلك

الرؤوس الفارغات

يرونها

محشوة بالقش

يساقط منها

في نوبة الصحوٍ

يحار الغضبْ..

فيا للعجبْ..؟

كيف تبقى الرؤوس

معبئة بالقش

تطوي حالها في نذور

الماكرين

القانطين

ومنهم من تولى ذرى الأنتقامْ..

أهو الغمام..؟

أم الحرام

أم المدام

في نوبةٍ الوهم صولاتها

فتاوى هذا الجذامْ..؟

**

يمضغون الوقت عند السواحل

في نوادي السجالاتِ

في مقاهي الفراغاتِ

حالهم

كالنرد

لا يبرح الرقمٍ

ولا يعتليه القدر

دعوه يرنو طويلاً

إلى ساحل البحر

يشكو عناء السهر..

لكي يبقى عصيًا

يقاوم محنةً لا تنامْ..

**

تقول له:

أوزعني أيها القلبُ نفحًا

لكي أبقى في عيونك أصلي..

**

آه من صمتها الراسخ

حين يدب

دبيب الخطايا

ويسأل .. أين نحن

من نهاراتنا العابقات

بشذى الأقحوان

وعبق النذور

فهل أقتفي ظلها

كلما لآح لي شبحًا في المنامْ..؟

**

أفتح في الغبش نافذتي

فيندلق الصمت سيلاً

والهواء الرطب

يحمل نسمة البحر

والفجر يمضي

ليسجد ركعتين

بينهما مرتعين

هما الدفء

لا غير في عالم الأشتهاء

سوى الصمت

وهذا نذير كلامْ..!!

***

د. جودت العاني

22- 01 - 2018

 

في نصوص اليوم