نصوص أدبية

عبد الكريم الياسري: عَبَاءَةُ أُمِّي

لَا،

فَالْعَبَاءَةُ مَا تَزَالُ مُعَلَّقَةْ،

هذي،

وَتَبْدو كُلَّ فَرْضٍ مُشْرِقَةْ

*

في كُلِّ فَجْرٍ تَقْتَفي صَوْتَ الْأَذَانِ

تَظــلُّ فـي صَـادِ الصَّــلَاةِ مُـحَــدِّقَــةْ

*

تَرْنُو لَـهَا سَجَّادَةٌ،

أَوْ تُرْبَةٌ

كَــانَتْ تَـمَـــسُّ جَبينَهَا كَـــيْ تَعْتِقَهْ

*

أُمِّــــي تُــــرَدِّدُهَـــا الْــمَنَــاجِـــلُ كُــلَّمَـــا

رَفَّتْ بِكَـــفِّ الْكَــادِحينَ الْمِطْـرَقَةْ

*

كَانَتْ تَلُمُّ الْغَيْمَ،

تـُحْصي غَيْثَهُ،

وَبِهِ تُسَافِرُ لِلْفَلَاةِ لِتُنْفِقَهْ

*

أُمِّي لَيَذْكُرُهَا الْعِرَاقُ،

فَطَالَمَا

اتـَّحَــدَتْ بَقَايَاهَـــا لِتَحْمِــلَ بَيْرَقَهْ

*

الْأُمَّهَــاتُ صَهَرَنَ أَحْــزَانَ الْعِرَاقِ

وَصِغْنَ مِنْهَــا أَلْفَ بُشْرَى مُورِقَةْ

*

وَنَـحَتْنَ فَــــوْقَ الْمَــاءِ هَيْبَةَ فَــــارِسٍ

من نَضْرَةِ الْأَشْجَارِ يَـجْمَعُ فَيْلَقَهْ

*

وَنَسْجْنَ مِنْ قَصَبِ الْـجَنُوبِ حِكَايَةً

تُــرْوَى إِذَا مَــــا الْمَــوْجُ شَـــاكَسَ زَوْرَقَهْ

*

بِنْتُ الْعِرَاقِ مِنَ الثَّرَى ابْتَكَرَتْ حُروفاً

وَانْبَرَتْ لِلْمُسْتَحيلِ لِتَمْحَقَهْ

*

وَتُزَخْرِفُ الْمَعْنَى عَفَافاً،

يَزْدَهي

بِنُضَارِهِ شَوْقُ الْقُرَى الْمُتَـرَقْرِقَةْ

*

وَتُـجَدْوِلُ الطُّرُقَاتِ بِاسْمِ اللَّا انْتِمَاءِ

لِــــتَــتَّــقــــي شَــــــــرَّ الــظُّــنُــــونِ الضَّــيِّـقَــــةْ

*

تَنُّورُهَا الطِّينيُّ يَرْقَبُ كُحْلَ كُوخٍ

يَشْــــرَئِبُّ قُبَيْــلَ عُــــشِّ الــزَّقْــزَقَــةْ

*

أُمِّي *.

تُسَامِرُهَا مَوَاويلُ الرَّغيفِ

بِـحُضْنِ سَاقِيَةٍ تُـهَدْهِدُ زَنْبَقَةْ

*

أُمِّي تـَحُجُّ لَـهَا النُّجُومُ لِتَحْتَسي

مَــــاءَ الْـخُلُودِ بِكَفِّهَا الْمُتَصَدِّقَةْ

*

أُمِّي عَلَى الْكَلِمَاتِ روحُ صِفَاتِـهَا

تَطْفو،

وَحَفَّ بِـهَا السَّنَا كَيْ تَسْرِقَهْ

*

يَتَصَفَّحُ الصَّفْصَافُ سُـمْرَتَـهَا،

وَبِالْقُبُلَاتِ يَرْشُقُهَا الْخِضَابُ

لِتَرْشُقَهْ

*

يَتَضَــوَّعُ الرَّيـْحَــانُ مُبْتَهِلاً إِذَا

نَادَى بـَهَا مَاءُ الدِّلَاءِ لِتُهْرِقَهْ

*

وَإِذَا اسْتَجَارَ بـِهَا الْمَدَى مِـمَّا بَدَا

وَشَكَـــا عِنَــــادَ غُــيُــومِــــهِ الْمُتَفَــرِّقَـــةْ

*

وَصَفَتْ لَهُ عِشْقَ الْعِرَاقِ تـَميمَةً

لِـيَـعــودَ مَنْتَصِــراً عَــلَــى مَـــا أَرَّقَـــهْ

*

وَطَني الَّــذي قَصَدَ الْـحـُسَيْنُ تُــرَابَهُ

هَلْ يَسْتَطيعُ الْـحُرُّ أَلّا يَعْشَقَهْ؟

***

عبد الكريم الياسري

البصرة في آذار 2014

القصيدة منشورة في مجموعتي "حين يحتفل القصب"

 

في نصوص اليوم