نصوص أدبية

يحيى السماوي: أبـا الأحـرار

"الى سيدي أمير المؤمنين، إمام المتقين

علي بن أبي طالب عليه السلام"

***

عـذيــري أنَّ فـردَكَ لا يُــعَــدُّ

جَـمَـعـتَ الـمـكرمـاتِ وأنـتَ فـردُ

*

وحُـزتَ الـحسـنـيـيـنِ: وصِـيُّ طـهَ

ولــلأطـهــارِ أنــتَ: أبٌ وجَــدُّ

*

فـمَـنْ ـ إلآكَ ـ بـيـن الـخـلـقِ شـقَّـتْ

جــدارًا كـعــبــةٌ لـِـيُــهَــزَّ مَــهـــدُ؟

*

فـلـسـتُ بــمـادحٍ شــمـسـًا بـقَـولـي

تـفـيـضُ سـنـىً فطـبـعُ الـشمسِ رَفـدُ

*

ولا مَـدحـًا إذا فــاضــتْ حـروفـي

وقـلـبـي فـيـكَ قبلَ الـثـغـرِ يـشـدو

*

فـمـا مـعـنـى قـصـيـدي لـيس فـيـهِ

الـى مـيـلادِكَ الــقــدسـيِّ قــصــدُ؟

*

لأنـتَ الـشـمـسُ لـكـنْ لا غـروبٌ

وأنــتَ الـحَــدُّ لــكــنْ لا  تُـحَــدُّ

*

ولـيـسَ سـواكَ يُـرجـى يـومَ عُـسـرٍ

ومـا لِـســواكَ ســـيـفٌ لا  يُــرَدُّ

*

وأنـتَ الـبـحـرُ لـكـنْ دونَ جَــزرٍ

فـبـحـرُكَ وحـدَهُ فـي الـجَـزرِ مَــدُّ

*

وأنـتَ فـتى الـحـنـيـفِ الـلـيـسَ يُـعـلى

ومُــورِدُ عَــزمِــهِ إنْ عَـــزَّ وِردُ

*

وأنــتَ بَـرودُهُ إنْ شــبَّ جــمــرٌ

وأنــتَ لـهــيــبُــهُ إنْ ضـجَّ بَــردُ

*

وعِــيــدُكَ وحـدَهُ لـلـظـلـمِ وعــدٌ

وعـهـدُكُ وحــدَهُ لـلـعـدلِ عَـهــدُ

*

وأنـتَ مـن الــنـجـومِ تــمـامُ بَــدرٍ

فـهــلْ مـجـدٌ كـمـا مُـجِّـدتَ مَـجــدُ؟

*

وأنـتَ الـسَّـحُّ والـتسـكـابُ غـيـثـًا (2)

وغـيـرُكَ غــيــثُــهُ بــرقٌ ورعـدُ

*

وُلِـدتَ مُـطـهَّـرًا فـي خـيـرِ بـيـتٍ

وخـيـرُ الـخـلـقِ مـنـه عـلـيـكَ بُـرْدُ

*

فـمـنْ ـ إلآكَ ـ مُـبـغِــضُـهُ كـفـورٌ

وعُـقـبـى عـاشـقـيـكَ جَـنـىً وخُـلـدُ

*

كـفـاكَ مـن الـشـجـاعـةِ أنتَ مـنـهـا

كـمـا " حـاءٌ " إذا مـا خُـطَّ "حـمـدُ "

*

كـسـيـحُ الـخـطـوِ غـيـرُكَ خـوفَ حَـتـفٍ

وأنـتَ كــمــا  ســيـولُ الـسـفـحِ تـعـدو

*

وأنـتَ عـلـى الـضـعـيـفِ الـرفـقُ صِـرفـًا

وأنـــتَ عــلـى شـــدائــدِهــا  الأشـــدُّ

***

أبــا  الـفــقــراءِ: شــكـوى فـاطِـمِـيٍّ

تـــمــاثــلَ عـــنــدَهُ: تــاجٌ ولــحــدُ

*

ولـي عـذري إذا عَـجَـزتْ حــروفـي

وألـجَـأنـي الـى " الـضـلِّـيـلِ " قــصــدُ (3)

*

" ولـيـلٍ " طـالَ حـتى قـلـتُ: دهــرٌ (4)

وصــبــحٌ غـابَ حـتـى قــلــتُ: وأدُ

*

أعـاديــنــا لـهــمْ مِــنــا عـلـيــنــا

يــدٌ تـسـطـو وأخـرى تـســتــبــدُّ

*

مَـشـيـنـاهـا ومـا كُـتِـبــتْ عـلـيــنـا

خُطىً مـا زانـهـا فـي الـمـشيِ رُشــدُ

*

ومـا دالــتْ بــنــا الــدنـيـا ولـكـنْ

ربــابــنــةٌ تـــزوغُ ولا نـَــردُّ..!

*

تـصَهـيَـنَـتِ الـعـروبـةُ واسـتـجـارتْ

مـن الـسـبـيِ الــمُـذِلِّ مـهـا ودعــدُ!

*

فهُـم فـي الـقـولِ "حمزةُ" أو "حـسيـنٌ" (5)

وهم في الفعلِ "حـرمـلـةٌ" و"هـنـدُ"

*

إذا تـشـكـو الـسـقـامَ الصعـبَ روحٌ

فـلـيـس بـنـافـعِ فـي الـبُـرءِ جِــلــدُ

*

ولـيـس بـمُـحـرقٍ شـمـسًـا لـهـيـبٌ

ولـيـس بـمـوهِـن الأقـمـارِ سُـهـدُ

*

ولـيس بـســيِّـدٍ  مَـنْ سـاسَ قـومًـا

إذا لــلأجـنـبيِّ الــوغــدِ عــبــدُ

*

فـكـلُّ تـبـاعــدٍ فـي اللهِ قــربٌ

وكـلُّ تـقـاربٍ فـي الـجـاهِ بُــعــدُ

*

تـهـشَّـمَـتِ الـنـفـوسُ فلا نـفـيـسٌ

ودكَّ صــروحَـنـا شَــتَـتٌ وكـيــدُ

*

فـكـمْ من " مُـلجِـمٍ " أخـفـى حـسـامًـا (6)

يــسـيــرُ بـهِ الـى الأبــرارِ حــقــدُ

*

فـمـنـذُ شُـجِـجـتَ رأسـًــا والـرزايــا

عــلـى أيــامِــنـا بـالــرزءِ تـعــدو

*

تـعـطَّـلـتِ الـكـرامــةُ واسـتـجـارتْ

عـروبــتــنـا وشــلَّ الـعـزمَ قَــيــدُ

*

فـمـا نـفـعُ الـكـتـائِـبِ دون حـزمٍ

يــسـيــرُ بـهــا إذا مـا جَـدَّ جِــدُّ

*

فـيـا جـبـلَ الـشـهـامـةِ ذا زمـانٌ

رثـى فـيـهِ خـنـوعَ الـسـيـفِ غِـمـدُ

*

فَـجَـرَّبـنـا الـمُـجَـرَّبَ وهو لـصٌّ

فـبـيـنَ صـبـاحـنـا والـلـيـلِ سَــدُّ

*

أبـا الـفـقـراءِ مـا جـاعـتْ جـمـوعٌ

إذا الـحـادي بـمـا أوصَـيـتَ يـحـدو

*

إذا جـاعَ الـرغـيـفُ فـأنـتَ قـمـحٌ

وإنْ عَطِـشَ الـنـمـيـرُ فـأنـتَ وِردُ

*

فـكـنْ يـوم الـورودِ شـفـيـعَ صَـبٍّ

بــهِ لــلــقـائِـكَ الــقــدسـيِّ وَجــدُ.

***

يحيى السماوي

................

(1) ألقيتُ القصيدة في مهرجان الإمام علي  بن أبي طالب  " ع " للإبداع الشعري في دورته السادسة والذي عُقِد برعاية المكتبة المختصة في كانون الثاني عام 2024 في النجف الأشرف .

(2) السح: المطر الخفيف .. التسكاب: المطر الكثيف الشديد الهطول .

(3) الضليل: امرؤ القيس .

(4) إشارة الى قول امرئ القيس:

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي .

(5) حرملة: هو الملعون حرملة بن كاهل الأسدي قاتل عبد الله الرضيع ابن الإمام الحسين وأحد المشاركين في قتل العباس عليهما السلام .

هند: هي الملعونة هند بنت عتبة والملقبة بـ " آكلة الأكباد".

(6) ملجم: هو الملعون عبد الرحمن بن ملجم الذي اغتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .

 

في نصوص اليوم