آراء

السِيْنَاتُوْرُ (جَوْنُ مَاكَّينْ) .. هَلّْ عَادَ بِخُفَّيّْ حُنَيّْن؟ (1)

mohamadjawad sonbaالسِيناتورُ (جون ماكين)، رئيسُ لُجنَةِ الدِّفاعِ في مَجلِسِ الشُيوخِ الأَمريكيّ. وزعيْمُ تَجَمُّعِ الجَمهورييّنَ، في (الكونكرس) الأَمريكيّ. وأَحَدُ أَقطابِ فَريْقِ الصُقورِ الجمهورييّن.

(ماكين) يَمتَلِكُ رُؤيَةً تُخالِفُ رُؤيَةَ الرَّئيسِ الدِّيمقراطيّ (أَوباما)، في التَّعَاطي مع الأَحدَاثِ في العَالَمِ عُموماً، والعِرَاقِ خُصوصاً. فـَهو يَرى أَنَّ الرَّئيسَ (أَوباما)، تَعامَلَ مع العِراقِ بمرونَةٍ شَديدَةٍ، الأَمْرُ الّذي أَفقَدَ الولاياتِ المتَّحدةِ، قُدّرَتَها في السَّيطرَةِ على السَّاحَةِ العِراقيَّة.

جاءَتْ زيارَةُ السِيناتورِ )ماكين( للعِرَاقِ، في أَعقابِ زيارَةِ رئيْسِ مَجلِسِ الشُورى، لجُمهوريَّةِ إِيرانَ الإِسلاميَّةِ (عليّ لاريجاني) للعِرَاق. وكأَنَّ مَشْهَدَ الزِّياراتِ المُتعاقِبَةِ، للمَسؤولينَ الإِيرانييّْنَ والأَمريكييّنَ، يَعكِسُ مَدَى التَّنافُسِ الشَديدِّ بيّْن الطَّرفَيّْن. فكُلُّ طَرَفٍ يُريدُ أَنّْ يُقَدِّمَ، رسالةً إِلى بَلَدِهِ (إِلى الدَّاخلِ)، وأُخرى (إِلى الخَارجِ)، إِلى العَالَمِ عُموماً وإِلى الطَّرَفِ النِّدِّ خُصوصاً. ليُثبتَ كُلُّ طَرَفٍ، وجُودَ بَلَدِهِ كقُوَّةِ نُفُوذٍ فاعِلَةٍ ومُؤَثِرَةٍ، في السَّاحَةِ العِراقِيَّة.

فَقَدّْ صَرَّحَ (علي لاريجاني)، عنْدَ زيارَتِهِ للعِرَاقِ في 24 كانون الأول 2014، قَائلاً: (وقَفنَا مُنّْذُ اللَّحظَةِ الأُوْلَى إِلى جانِبِ العِرَاقِ، حُكومَةً وشَعّباً، في مُحاربَةِ الإِرهابِ، وسُنواصِلُ هذا الدَّعم.).

أَمّا السِيناتورُ (جون ماكين)، فَقَدّْ انتَقَدَ أَمامَ وسَائِلِ الاعلامِ، الاتِّفاقيَّةَ الاسْتراتيْجيَّةَ، الّتي وُقِّعَتّْ بيّْنَ العِراقِ والولاياتِ المتَّحِدَةِ الأَمريكيَّةِ، (معتبراً إِيّاها بأَنَّها "فَشَلَتْ إِذّْ كانَ لها أَنّْ تُبرَمَ، مِن خِلالِ السُلطةِ التَّنفيذيَّةِ، دونَ الذِّهابِ إِلى التَّشريعيَّةِ، ما أَدّى إِلى سَحِب جَميْعِ القُوَّاتِ الأَجنبيَّةِ، الّتي كانَتْ موجودَةً في العِراقِ، و وصُولِ الحَالِ إِلى مَا هوَ عليه ِالآن)(وكالة السومرية نيوز).

هذا التَّصريحُ بحَدِّ ذاتِهِ، هو رسَالَةٌ إِلى الدَّاخِلِ الأَمريكيّ، أَوْحَى مِنها السِيناتور (ماكين)، سَبَبَ فَشَلِ اسْتراتيجيَّةِ الرَّئيسِ (أَوباما)، في التَّعامُلِ معَ المَلَفِّ العِراقي. كما أَكَّدَ فيها نَظْرتَهُ الاسْتِعماريَّةُ لبُلدَانِ العَالَمِ.

و في تَصريْحَاتٍ صُحفِيَّةٍ للسِيناتور(ماكين)، ذَكَرَتّْها (السومرية نيوز) مِنْها:

(إِنَّ (أَوباما) أَعلَنَ أَنَّ هَدفَهُ حمايَةُ المواطنينَ، والمُساعَداتُ الانسَانيَّةُ، وهذا لا يُعَدُّ استراتيجيَّةً للقضاءِ على (داعش)، (مُعتبراً أَنَّ): هناك غيابٌ لرؤيَةِ استراتيجيَّةٍ في التَّعامُلِ مع هذا التَّنظيم.)(انتهى).

مِنْ جهةٍ أُخرَى، فإِنَّ هذهِ الانتقادَاتِ، تُعتبَرُ بمثابَةِ دِعايَةٍ لصَالِحِ (ماكين)، أَمَامَ الجُمهورِ الأَمريكيّ، تَعكِسُ مُخَالَفَتِهِ للسياسَةِ الخَارجيَّةِ للدِّيمُقراطييّْن. كمَا أَنَّها رسَالَةٌ إِلى الجَانبِ الإِيرانيّ. أَعرَبَ فيها (ماكين)، أَنَّ الجَمهورييّْنَ يُتابعونَ النَّشاطَ الإِيرانيّ، في العِراقِ عَن كَثَب. ولسانُ حالِهِ يَقُولُ: لا يَظُنَنَّ الإِيرانِيّْونَ، بأَنَّهُم سيَفوزونَ بالكَعكَةِ الّتي جَهَزَتّها أَمريْكا.

إِضَافَةً إِلى ذلك، فإِنَّ السِيناتورَ (ماكين)، استَبَقَ الأَحداثَ ليقْطعَ الطَّريقَ أَمامَ الحُكومَةِ العراقيَّةِ، حتّى لا تُطالِبَ بإِلزامِ الحُكومَةِ الأَمريكيَّةِ، بتَنفيّْذِ بُنودِ الاتّفاقيَّةِ الامنيَّةِ ((SOFA، ومنها (المادَّةُ الرَّابعَةُ: المُـهِـمَات)، الّتي نَصَّتْ على مايلي: -

(تطلب حكومة العراق المساعدة المؤقتة من قوات الولايات المتحدة لمساندتها في جهودها من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق، بما في ذلك التعاون في القيام بعمليات ضد تنظيم القاعدة والمجموعات الإرهابية الأخرى والجماعات الخارجة عن القانون وبقايا النظام السابق.)(انتهى)(المصدر/ الموقع الالكتروني للسفارة الامريكية في العراق).

 

و مِنَ المعلومِ في الأَوساطِ الاعلاميَّةِ، أَنَّ حكومَةَ السيّدِ المالكيّ، طلَبَتْ مِن الحُكومَةِ الأَمريكيَّةِ، شِراءَ أَسلحٍة أَمريكيَّةٍ لمواجهَةِ الإِرهابِ، لكنَّ الحُكومَةَ الأَمريكيَّةَ، لَمّْ تُبْدِ مُرونَةً في التَّعامُلِ، مع طلباتِ الحكومَةِ العراقيَّةِ. كما أَنَّ حكومَةَ السيّد المالكيّ، طلَبَتْ منَ الحكومَةِ الأَمريكيَّةِ، قَصفَ مواقِعِ مُعسكراتِ (داعش)، الموجودَةِ في المناطِقِ الحُدوديَّةِ بيّْن العِرَاقِ وسُوريا، لكنَّ الأَمريكانَ وعَدوا ولَمّْ يُوفُوا بذلك. (مقتَضَبٌ ملخّصٌ من حديثٍ للسيّد نوري المالكيّ، مع مجموعة من الاعلامييّن في 29/12/2014).

في هذهِ الزيارةِ، لَمّْ يتَفَوَّهْ السِيناتورُ (جون ماكين)، بكلمَةٍ واحدَةٍ، عَن انتصاراتِ الجَيّْشِ العِراقيّ، وقُوّاتِ الحَشّْدِ الشَّعبيّ، ودَوْرِ القائِدِ العَامِّ للقُوّاتِ المُسلَّحَةِ العِراقيَّةِ، ودَوْرِ وَزيرَيّ الدِّفاعِ والدَّاخليَّةِ العِراقييّنِ، في مُحاربَةِ عصَاباتِ (داعش)، باعتبَارِ أَنَّ أَمريكا، تَتَزَعَّمُ حَمّلَةً دوليَّةً لمكافَحِةِ الإِرهَاب. لكنَّهُ أَشَادَ بدَوْرِ قُوَّاتِ (البيشمركه)، وقِيَادَةِ (مسعود بارزاني)، عنّْدَما زَارَ إِقليْمَ الأَكرادِ، في يَومِ السَبتِ 27 كانون الأَول 2014،حيّْثُ قالَ:

(أَنا على عِلّْمٍ بأَنَّ الرَّئيْسَ البَارزانيّ مُتواجِدٌ في جَبهاتِ القِتَالِ، و هُوَ يُشْرِفُ بنَفسِهِ على سَيّْرِ العَمليَّات).... . وأَضَافَ قَائلاً: (جِئْتُ لأَسْتَمِعَ عنْ كَثَبٍ إِلى آراءِ الرَّئيْسِ البَارزانيّ ومُلاحظاتِهِ، بشَأْنِ المَواقِفِ السِياسيَّةِ والعَسكريَّةِ، على جَبَهَاتِ القِتَالِ، ومُتَطلَّبَاتِ (البيشمركة) في حرّبها ضِدَّ الإِرهاب.)(انتهى)(المصدر السابق).

كلماتُ السِيناتورِ (ماكين) أَعلاهُ، تَتَنَافي معَ اللّياقَةِ الدُّبلوماسيَّةِ في التَّعامُلِ معَ الحُكومَةِ المَركزيَّةِ العِراقيَّةِ، فَهُوَ إِذنْ، جَاءَ إِلى كُردُستانَ ليَستَمِعَ (عَنْ كَثَبٍ إِلى آراءِ الرَّئيْسِ البَارزانيّ ومُلاحظاتِهِ، بشَأْنِ المَواقِفِ السِياسيَّةِ والعَسكريَّةِ، على جَبَهَاتِ القِتَالِ، ومُتَطلَّبَاتِ (البيشمركة) في حرّبها ضِدَّ الإِرهاب.).

و كأَنَّ (ماكين)، لا يَثِقُ بالحُكومَةِ المَركزيَّةِ، ثِقَتَهُ بحُكومَةِ الإِقليْمِ. كما نَسّْتَشِفُّ مِن هذا التَّصريحِ لـ(ماكين)، أَنَّهُ يُرسِلُ تَلميْحَاً إِلى الحُكومَةِ المَركزيَّةِ، وإِلى إِيرَانَ أَيْضاً، بأَنَّ الأَكرادَ هُمّْ حُلَفَاءٌ مُخلِصُونَ لأَمريكا.

في الحَلَقَةِ الثَانِيَةِ مِن هذا المَقَالِ، إِنّْ شَاءَ اللهُ تَعَالى، سَأَطّرَحُ أَسئِلَةً مُحدَّدَةً على السِيناتور(جون ماكين)، دونَ أَنَّ أَطلُبَ مِنْهُ الاجَابَةَ عَليّها، لأَنَّ الاجابَةَ عليّها، تَتَعارَضُ مع السِياسَةِ الأَمريكيَّة. بَيّْدَ أَنَّها ليْسَتْ خافيَةً على القَارئ اللَّبيْب. ومِنْهُ تَعالَى نَسْتَمِدُّ العَوّْنَ والسَدَاد.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه

كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

 

في المثقف اليوم