آراء

فضائيات الساسة مخطط استبدادي يراد به إسقاط واستنزاف سلطة العقل

akeel alabodبعيدا عن برامج الفضائيات التافهة، كما بعيدا عن ثراء رجال الدين وبهرجة السلطة، العراق يحتاج الى ثورة سلاحها العلم ودستورها المعرفة، اما باقي ادواتها فهو ذلك التاريخ الذي ما زال حافلا بانجازات العباقرة ومحافل الطيبين.

وانا استمع الى انجازات العالم المصري الدكتور مصطفى السيد والمختصة بعلاج اورام السرطان بالذهب انحني اجلالا لقامة من قامات هذا العصر الذي يعد الإنسان فيه مفردة مستهدفة للصراع الدائم بين مقولتي العلم والجهل؛ القوة والخنوع،باعتبارهما مسألتان على اساسهما تتشخص جميع مشكلات وأزمات هذا الوجود، كما انحني لهكذا نمط من البرامج ووسائل الاعلام .

هنا حيث يشهد العراق ترديا وتلكوءا في كافة المسارات، المستقبل البشري هو المحور الذي به وعلى اساسه تتشخص مفردات هذا المسار،لهذا يصبح من الواجب البحث في طبيعة وحقيقة مكونات هذا التلكوء، املا في ايجاد منهج ملائم يساعدنا على حماية العقل من افات التخلف والانحدار، خاصة ونحن في وطن تحكمنا فيه مؤسسات مستبدة وفاشلة.

لقد استبدلوا البرامج الخاصة باستقبال اصحاب العقول والخبرة ببرامج "اكو فد واحد" وبرامج ما يسمى "شباب" وما يبث الان من الاغاني التافهة مع ما يرافقها من لقطات غير محترمة،ما يشير الى ان هنالك فضائيات محكومة بمؤسسات واجندة اهدافها كما يبدو تسفيه الذوق وتخريب طبيعة الحس الجمالي الفطري اي فن الذائقة،هذا ناهيك عن افة الدمار الشامل التي تمارسها سلطة الدين بتياراته المختلفة ،هذه السلطة التي تروج لدكتاتورية الحكومة تحت ستار يحكمه المنتفعون باسم الدين،هي افة، بل افات هذه التي تتخذ من الدين لباسا، بينما هي تقتل ابنائها بطريقة التجويع والاستخفاف بمشاعرهم وعقولهم واستخدام سلاح التكفير والتسقيط تحت هذه الذريعة اوتلك مع المثقفين،كما يجري الان مع هؤلاء الذين يسعون لتسويق ثورة الحسين وشعاراتها المقدسة وفقا لظاهرتي المطالب والابتزاز.

هنا بعد ان اثبت الساسة فشلهم في ادارة الدولة وبعد ان اعلنت الميزانية عجزها، لم يبق للديمقراطية الا ان تمارس حقها للمطالبة باقالة المتخمين والمنحرفين بطريقة ربما تحتاج الى صبر ودراية . لقد كنا نسمع بخبراء اقتصاد العراق ايام عامر عبد الله ومهدي الحافظ هذا الرجل الذي لا زال متزنا هادئا،هنا حيث لا اريد تمجيد احدا لكنني اقول اين خبراء السياسة والاقتصاد وعلماء الاجتماع والثقافة، اين رجال الطب والهندسة والابحاث، أين تلك العقول؟

لذا ومن باب الشيء بالشيء يذكر اقول، لقد استبدلنا هؤلاء جميعا، فتحت اسم الحسين (ع) مثلا صرنا نمجد هذا الرادود وذاك الرادود وهذا السيد وذاك السيد وصارت فضائيات الاحزاب تجند برامجها لامتلاك مشاعر الانسان وتقييدها بطرق تستهلك معها لغة الوقت والتفكير.

اليوم يصبح من الواجب البحث عن العقول المتخصصة بعيدا عن مفردات الدين والاحزاب، ذلك للكشف عن أهم عوامل الخلل في مضمار البناء الهرمي للمكون الحكومي، فيما يتعلق بجميع مرافق الدولة ومؤسساتها الخدمية والادارية، أي في باب القانون والسياسة والاقتصاد والشوؤن الدولية وموارد الطاقة والميزانية والثقافة ، ما يضمن حماية البيئة الجغرافية والبشرية على اساس المعايير التي يجب ان تتبناها اي دولة اوحكومة ناضجة .

ان ما يحصل اليوم في العراق يعد كارثة ومأساة انسانية يدفع ثمنها الشعب الذي اختار حكومته وفقا لتداعيات ظروف سيئة ومكونات سياسية ليس لها القدرة على حماية مصالح الجمهور، هذا ناهيك عن عدم امكانية المواطن البسيط بالتصريح أواتهام اي واحد من الوزراء الذين تم تنصيبهم رغما عن انفه بعد ان تم تضليله وتكبيله بلعبة اسمها الإنتخابات لتحكمنا النماذج المرفوضة والمدانة نفسها تلك التي استغلت وانتهكت حقوق الشعب .

لذا ومن باب التذكير والحزن والاستنكاراقول، ان العراق بات محاصرا من جميع الجهات، فهوكما تراه محاصرا من داعش، تراه محاصرا بالمترهلين والشياطين، لهذا فان سحب الثقة من هذا وذاك ، يحتاج التسلح بمفردات العلم وتوسيع رقعة الثقافة المسؤولة بعيدا عن البرامج السيئة والرخيصة التي تشرف عليها فضائيات هذا وذا النمط من الزعامات.

 

في المثقف اليوم