آراء

هل يمكن انتاج الفاشية من اتباع مجريات التاريخ الاسلامي؟

emad aliعندما تفكر بانك الحق المطلق والاخر على الخطا، عندما تعتبر توجهاتك وعقليتك وكينونتك وفكرك وايمانك وسلوكك هو الصح والحقيقة، وعكسه خطا، عندما تعتبر كل ما تملكه وتتسم وما تعيشه هو جوهر الحقيقة ولا حقيقة سواه، ماذا يمكن ان تنتج منه، اعتقاداتك الدينية واضافة الى تعصبك العرقي وما استنتجته من تاريخك وما حدث فقط، وعندما تكون انت تؤمن ما تؤمن دون ان تضع نسبة للخطا لك او نسبة من الحقيقة لغيرك، اليس هذا جوهر الفاشية بكل معنى الكلمة .

لو اقتصرنا كلامنا على الاسلام وما يمكن ان يؤدي الالتزام به الى الفاشية، يجب ان نقتنع بان الاسلام وتاريخه وما مر في هذه المنطقة هو مصدر الفاشية المحتملة، وما يمكن للفاشية الانبثاق منه هو النص المقدس الذي لا يحتمل الخطا وصالح لكل زمان ومكان وغير قابل للنسخ وا لحذف ولا حقيقة غيره في نظر السلفيين وهم اداة الفاشية، وكل هذه السمات المثالية والتعصبية للدين الاسلامي والعرقية او القومية العربية، هي ما يؤكدها ابن حنبل والسيد قطب والابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم كثيرون . ومواقفهم وارائهم ممتلئة بالنصوص المعتمدة والمفسرة من الايات القرانية، والقران هو الذي يرفض اي نص عقيدي او فكري غيره ولا يعمل بذاته فقط بل يجبر من يؤمن بالدين الاسلامي ان يتبع العمل على نفيه وازاحته بكل الوسائل الممكنة لديه . وخير دليل على ذلك وهو ما يوجد من الفقهاء المسلمين استاثروا بالفاشيين من تاريخ الغرب والمنطقة امثال موسوليني وهتلر كما هو نظرة حسن البنا اليهم، ووجهوا الجميع بما فعلوا ضمنا من خلال الحفاظ على العرق ونفي الاخر .

من جانب اخر، اليس من الفاشية ان تفرض الحجاب على المحصنات التي تعتبرها عرضك وتنتهك الجواري والسبايا التي تحصل عليها غنيمة الحرب او تشتريها كاية سلعة اخرى، اليست الاثنتان انسان ولكل منهما عرضها وشرفها وشخصيتها وعقليتها وحياتها التي يجب ان لا تختلف عن الاخريات، اليس هذا حلال وواجب التنفيذ وفق فلسفة القران ونصوصه .

من يتابع المسلمين وما يعتبرون انفسهم المؤمنين بالدين الاسلامي من الفقهاء والعامة، وبما اختلط في عقليتهم بمفاهيم العصر وما يتبعون من مزج القومية والتعصب القومي من خلال الدين، فلم نسمع عن تحريم السبي لنساء الايزيديين على ايدي داعش بشكل رسمي وواضح، اليس هذا الفاشية بنفسها ويحصل ما اتى به الاسلام في وضح النهار جهارا وبشكل مباشر وفي القرن الواحد والعشرين .

الفاشية هي عدا التعصب الاعمى وحب الذات من خلال الايمان بالقومية او العرق الصافي بشكل عام، فانها من جانب اخر هي الاحساس بالنقص والتاريخ غير المشرف الخاص بالمجموعة التي تنتمي، وهي الالتزام بالقوة ونفي الاخر من اجل العودة الى السيادة والقوة والاعتلاء والتكبر والعودة الى السلطة التي كنت فيها في مرحلة تاريخية ما من قبل، او تريد ان تصل اليها باي وسيلة وعملية كانت، ومنها نفي وانهاء واستئصال الاخر بكل السبل. اليست الفاشية هي الاحساس النابع من البحث عن الثار والانتقام ضد الاخر التي تعتبره اقل منك او لك الحق ان تكون اعلى منه، اليست الفاشية هو انكار الديموقراطية وما يؤدي اليها من الارضية الموجبة لتطبيقها وان انكر الاسلام السياسي ذلك . اليست الفاشية هي التوسع على حساب الاخر بالقوة ظلما وهل الفتوحات دوافعها يمكن ان تكون في خانة اخرى غير ذلك .

خلط الاسلام المباديء الاساسية للقومية او العرقية مع ما اعلنه من الاسس العامة للدين الاسلامي من اجل الحفاظ على القومية واستخدمه وسيلة لنفي الاخر وذوبانه عن طريق اللغة او الانهاء الجسدي في كل المحاولات التي هدف التوسع ونفذ ما كان سهلا له في هذا الجانب، وكم من قوميات استعرب ولحد الان المحاولات مستمرة وبشكل مختلف من خلال تلك العملية التي ينتهجها الاسلام السياسي اليوم، اليس هذا تنفيذ للفاشية بما تعنيه نصا وعملا .

ان كان العرب في صدر الاسلام في الحضيض والتخلف ولولا هذه التوجهات وا لافكار والعقائد الفاشية لكانوا الان في خبر كان ولم نجد منهم الا اقوام صغيرة منعزلة في الجزيرة العربية يرعى الابل ويعيش تحت الخيمة .

اي التاريخ الاسلامي ممتليء بالافعال القذرة والسلوك الفاشية وتوارثت الاجيال تلك العقلية الفاشية بقشرة اسلامية سياسية، وكما نحن فيه اليوم نرى تنظيمات واحزاب اسلامية سياسية لا تختلف باي شيء يُذكر عما سلف من هذا الجانب وهي تطبق الفاشية في هذا العصر .

طالما بقت تلك الافكار متداولة ويؤمن بها الاسلاميين ولم ينزعوا عنها ما يؤدي الى نفي الاخر، فان المجتمع وخاصة في هذه المنطقة معرض لافرازات الفاشية وسلبياتها، وطالما التزمت السلفية بما تامره به العصبية والقبلية وتنفذ ما هو موجود في نخاعها بوسيلة سلفية قحة لا تليق بالعصر عن طريق هذه التنظيمات التي تنتشر ونحن في القرن الواحد والعشرين، نكون نحن والعقلية الانسانية جمعاء معرضة للفناء . اي تاريخ الاسلام وما يتضمن من الاحداث وما توارثنا منه من الافكار والعقائد عن طريق الدين وما نؤمن بما فعل السلف ونعتقد انه الصح والحقيقة انه سيبقى عاملا اساسيا لانتاج الفاشية واستمراريتها لمدى غير منظور .  

 

في المثقف اليوم