آراء

ليس حبا او كرها بامريكا

emad aliعندما يكتب اي منا عن امريكا وافعالها واهدافها ونواياها لا يعني اننا نكره امريكا كدولة او ندخل خضم النقاشات حبا او كرها تقليديا نابعا من افرازات الحرب الباردة، من يقيَم امريكا وتوجهاتها وسياساتها ينتقد النظام الراسمالي العالمي الجشع، يكره استغلال الانسان من قبل نظام لم يسر الا على حساب ومصلحة الانسان رغم الادعاءات الزائفة من قبيل مفاهيم الديموقراطية والانسانية زورا وبهتانا، وجل ما تسير عليه هو سلسلة معادلات وتعاملات استخبارية في المضمون فيها من الخدع والتضليل وخدع الاخر وعكسها على العلن . عندما تاتي امريكا وتدافع عن نفسها اولا ومن خلال ضمان مصالحها تُقدِم على خطوات تكون او تقع من جريانها لصالح بعض شعوب العالم عفويا او لاجل اهداف خاصة بامريكا ايضا،هذا لا يعني انها تفعل من اجل عيون تلك الشعوب التي تستفيد من خطواتها التي تتخذها لاهداف ونوايا ومصالح ذاتية اخرى، لا تمت بصلة لمصالح شعوب تلك المنطقة احيانا من الاساس وربما تقع لصالحها كتحصيل حاصل لمسيرتها وخطواتها التي درستها قبل ان تقدم عليها من زاويتها الذاتية المصلحية . وعندما نقول الحقيقة عن نظام راسمالي ومحتواه، نجد انه هناك من امثالها ايضا ما يفرض السلوك ذاته والذي يسلكه المؤمنين بها على الرغم من مقدار ما او نسبة معرفتهم بحقيقة امريكا وهل انهم متاكدون من ان اتباعها قناعة ام مصلحة لا يملكون غير ذلك، وهل هم غافلون عن انه تكون حقيقة هذا النظام من الاساس هي ضد الانسانية او العدالة والمساواة .

هناك من يتعامل مع الكتابة عن امريكا ونظامها وكانه صاحبها لانه مستفيد من الناحية الشخصية من نظامها، وكانه من يكتب عن امركيا يريد من الاساس ان يقف ضدها مهما كانت خلفيته، وهذا منافي للحقيقة . والاصح هو الكتابة عن التعامل مع مرحلة عابرة مهما طالت في زمنها من النظام العالمي، ولكن التشبث بما موجود على انه النهائي وكما سموه بنهاية التاريخ بعد الغرور من نشوتهم مابعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتاثيرات العولمة وما طرحوه من صراع الحضارات، رغم الثغرات في نظرياتهم . ان من ينظر الى ما يجري في العالم من زاوية امريكية او حياتية شخصية طموحة ونابعة من ما يوفره النظام الراسمالي للفرد على حساب الجماعة والمجتمع بشكل كلي له ما يقول ولكنه ينظر الى الموضوع من منظور ضيق لا يهم الشعوب . ان النظام الراسمالي العالمي لا يستقيم ان لم يتم استغلال الاخر من خلال خطواته الاقتصادية والسياسية، وهي عملية يمكن ان نسميها السرقة الشرعية والمستندة على القانون الراسمالي . بمعنى، ان كنت تعيش على اكتاف الاخر وتسرق من قوته وتنفرد في الربح على حسابه اليس هذا سرقة بعينها . اننا نتكلم عن السياسة والفلسفة الاقتصادية الامريكية التي نعرفها بالراسمالية وهي تدعي انها خير ما توصل اليه الانسان ولصالح البشرية وهوالنظام الملائم وليس سواه .

ان لم نغور في الفلسفة اليسارية وما تعلم الناس وتعلمناه من مضمونها وما فيها من الحقيقة لصالح الناس، وتكلمنا فقط عما كنا نراه من السياسات الامريكية العالمية وما فعلته من اجل مجموعة ضيقة وليس الشعب الامريكي بكله، لا ندرك كم هي دولة مستغِلة للاخر وحتى افقرهم ولا يمكن ان نعرف ماهية هذا النظام وحقيقته . واننا على يقين بان هيمنتها على العالم جاءت نتيجة استغلالها للاخرين اكثر من انتاج الذات وانها استقوت بامكانيات وقدرات الاخرين ولا يمكن انكار هذا لو تمعنا في تاريخها .

ان الفكر هو من يفعل ويجبر اي كان على السير بالشكل الذي يريد، ولو حللنا الفلسفة الاشتراكية او الشيوعية وقارنناها بالفلسفة الراسمالية والتي تعتبر مرحلة متنقلة ما قبل الاخيرة للوصول الشيوعية، لوجدنا النقص الواضح في بنيتها وعدم تكاملها وهي تنفي نفسها بعد استكمال مستوجبات مرحلتهاو هذا ما تفسره لنا نظريات وقوانين النفي النفي ووحدة وصراع الاضداد والعلة والمعلول بشكل جميل وواضح علميا. وبعد التراكمات الكمية التي تسير عليه الراسمالية في مرحلتها المعينة التي تتوصل اليها ستتحول التراكمات الى الكيفية وهذا ما يدفع او يجبر الى الانتقال مهما طال الزمن به الى المرحلة مابعد الراسمالية او المرحلة الشيوعية النهائية .

اما من النايحة السياسية، فان امركيا تفعل ما تهتمها ونظامها وهي متاكدة من مكامن المرحلة التي توصلت اليها وتاكدت من انتقاليتها، فهي تريد ان تطيل من عمرها ونظامها فترة اخرى .

اننا عندما ننتقد امريكا على اسس سياسية كانت ام فلسفية لا يعني هذا كرهنا للشعب الامريكي بقدر تقيمنا وتاكدنا من انها تستغل الشعوب الاخرى ليس من اجل شعبها ومصالحهم بقدر مجموعة اثرياء اصحاب المصالح المشتركة ستاتي نهايتهم في اخر مخاض المرحلة . وعليه يجب ان يتكلم الكُتاب عن هذا الموضوع بخلفية علمية واسعة ودقيقة لبيان الاصح في الجدال الدائر منذ مدة ليست بقصيرة .

في المثقف اليوم