آراء

التركمان ضحايا الإحصاءات السكانية

jasim mohamaان الإحصاء السكاني (Census) في العرف العام هو عملية منهجية موحدة وغالبا ما تكون رسمية أو حكومية، تذهب أبعد من تعداد السكان، لتشمل جمع البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي تنطبق في فترة زمنية محدودة على كافة الأشخاص في بلد ما أو جزء محدد منه، ويتم جمع هذه البيانات ثم تحليلها ونشرها، وهو عملية دورية يتم خلالها عد السكان رسمياً. يشير هذا المصطلح عادةً إلى تعدادات السكان في كل دولة، والتي تجرى وفق توصيات الامم المتحدة مرة كل 10 سنوات، لكن في العراق سارت الأمور دائما بالاتجاه المعاكس حيث سخرت الأنظمة وخاصة أنظمة حكومات الجمهورية بعد 1958 هذه الإحصاءات السكانية لصالح أهدافهم السياسية بل ان الجرد والتعداد والتقيم كانت عملية طردية مدى الولاء لهذه الأنظمة القائمة في حينه، وكذلك في كل مدينة او دائرة او مدرسة حيث كان هناك عملية احصاء مستمرة تقوم بها الدوائر القمعية لتلك الأنظمة.

اما التركمان كان الحلقة الضعيفة في دساتير الأنظمة الحاكمة فان جميع الإحصاءات التي جرت في العراق كانت تستهدف التقليل من عدد نفوسهم وتمثلت سياستهم بهذا الصدد بتسجيل عوائل تركمانية بل عشائرية معروفه عربا وذلك بالجبر والاكراه بالاضافة الى ذلك ونتيجة لخطة التهجير والتعريب حاولت هذه الأنظمة التقليل من نسبة التركمان في المدن والمناطق التركمانية المهمة مثل كركوك وطوز وتلعفر حتى لا تظهر في هذه المدن الكثافة السكانية التركمانية الواضحة، وهكذا فان التركمان يعتبرون ضحايا كل تعداد سكاني، حيث ترتفع نفوس العراق ونسبة القوميات الاخرى بينما في كل تعداد تقل نسبة التركمان او في أحسن الأحوال تبقى ثابتة لا يتغير وكأنه عقمت نساء التركمان ؟؟؟

اما الحقبة المظلمة وسياسة نظام صدام في الاحصاء العام لسنة 1977م استخدم الاساليب الهمجية كالضغط و اصدار التعليمات الادارية الى موظفي الاحصاء لتسجيل قسم من العشائر التركمانية عربا حسب ادعائه و كذلك التعليمات الحزبية الخاصة، اما في الاحصاء العام لسنة 1987م فقد تم حصر حقل القومية في استمارات الاحصاء بالعرب و الكرد فقط على قرار دستوره المؤقت الذي لا يعترف بوجود غيرهما، و وصل به الحد الى اصدار قرار التطهير العرقي قانونيا (تصحيح القومية ) والذي يعتبر قرارا جائرا حيث اثر بشكل كبير مستنديا بعدد التركمان في العراق، ان عدد نفوس التركمان وبلسان ناطق حكومي في سنة 1965 هو 780000 نسمة اي 9.44 % من مجموع سكان العراق، وحسب مجلة انكوايري البريطانية الصادرة في شباط 1987م جاء فيها ان عدد نفوس التركمان عن 1500000 نسمة اي يزيد عن 9.15 % من مجموع سكان العراق .

المتطلع لما جاء في المعارف العراقية ( wikipedia ) والتي تعتمد عليها الامم المتحدة تشير ان الرقم التى أحصتها الجماعات الكردية والباحثين الغربيين هي أن التركمان العراقيين يشكلون 3-2٪ من سكان العراق، ما يقرب من 500،000-800،000 ومع ذلك، ليس كل الباحثين الغربيين تقبل هذا الرأي، على سبيل المثال، في عام 2004 اقترح Scott Taylor أن تركمان العراق تمثل ل2،080،000 من 25 مليون اي 8.3 % من عدد سكان العراق، في حين ذكر Patrick Clawson في تقريره أن التركمان العراقيين يشكلون نحو 9٪ من مجموع السكان وعلاوة على ذلك، فإن المنظمات الدولية مثل منظمة الامم المتحدة والشعوب غير ممثلة ذكرت أن المجتمع التركماني العراقي يمثل 3 ملايين نسمة أو 13٪ من سكان العراق. و قد اعلن تركمان العراق أن مجموع سكانهم أكثر من 3 ملايين نسمة . وهم يعيشون بصورة رئيسية في منطقة تسمى تركمن ايللي والتي تمتد من شمالى غربى البلاد إلى الشرق في وسطه .و يعتبرون كركوك هى العاصمة.[25]

وتستمر هذه الوثائق والتقارير مؤكدا، يمتد مناطق تواجدهم من قزانية ومندلي القريبة للحدود الايرانية، عبورا من جلولاء والسعدية وكفري شرقا إلى سليمان بيك وامرلي وطوز خورماتو، إلى كركوك واربيل ووسهل نينوى وتلعفر في الشمال الغربي قرب الموصل، و اكثر اماكن تواجدهم في شمال العراق، في كركوك أربيل ونينوى .[11] وفى إحصاء عام 1957 حددت أن أولئك الذين لغتهم الأم اللغة "التركية" وصل إلى ما يقرب من 40٪ من السكان في مدينة كركوك، التي تشكل غالبية السكان.[34][35] ومن ثم تعتبر كركوك قلب المجتمع التركماني العراقي.[34] و ثاني أكبر مدينة تركمانية عراقية هي كانت تلعفر فهم يشكلون 95٪ من سكانها.[36] وطبقا لمنظمة الامم والشعوب غير ممثلة، يعيش ما لا يقل عن 100،000 تركمانى عراقى في السعدية وجلولاء وكفري ويعيش ما لا يقل عن 180،000 تركمانى عراقى حاليا في مدينة كركوك، اما في تازة خورماتو وداقوق وطوز وليلان وامرلي وقرة تبة هناك اكثر من 120000، وهناك أيضا ما لا يقل عن 250،000 يعيشون في أربيل، و 100000 في بغداد، 100،000 يعيشون في نينوى، و227،000 في منطقة تلعفر [32] ومع ذلك، فإن المدن التركمانية هى اساس من محافظة ديالى وكفري إلا ان تم تكريدها بعد 2003 .

في كل الأحوال ان اقل الإحصائيات المتوفرة للتركمان من مؤسسات اجنبية معتبرة في سنة 2004 هي 2080000 نسمة وإذا ما تعاملنا الزيادة السكانية السنوية 2.8٪ حسب تقرير وزارة التخطيط وإذا اضفنا الى هذا العدد زيادة السنوات العشرة بنفس الزيادة ولغاية سنة 2014 سيكون عدد التركمان 2666867 نسمة .

إن عملية اقصاء التركمان وتهميشهم وتهجيرهم واخلاء اماكن تواجدهم واستملاك ممتلاكاتهم واراضيهم والتجاوز عليهم والتعامل معم بقساوة شديدة من قتل وتفخيخ وخطف وفرض الامر الواقع وتطبيق عمليات الاراضي المحروقة لاراضيهم تسير ليل نهار ودون توقف، وان ما يعاني منه التركمان سواء من داعش او من بعض الخصوم السياسيين بعد 2003 اسوء بكثير مما عانى من البعثييين في فتراتهم المظلمة، وان اصرار الكرد للاستفتاء والاحصاء العام وتطبيق مادة 140 من الدستور على المناطق المتنازع عليها والتي هي مناطق تركمانية غالبا هي استمرار لنفس النهج والمؤامرة التي تحاك ضد التركمان، وعلى هذا على القيادات التركمانية اتخاذ القضية بمزيد من الحساسية والاهتمام وذلك لتوعية اطفال واشبال وشباب واباء واجداد التركمان بالحفاظ على اللغة التركمانية وكل اللهجات والعادات والتقاليد السائدة فيما بينهم، لابد من عمل جاد لاعادة النازحين والمهجرين التركمان الى مناطق سكناهم وفي حال عجزنا لاعادتهم، لابد من ايجاد بدائل ومناطق اخرى لاسكانهم، وان بقاء النازحين والمهجرين في كربلاء والنجف او في اربيل خطورة كبيرة معناه اذابتهم في هذه المجتمعات وبالتالي تقليص عدد التركمان في العراق .

إن مصيبة التركمان كبيرة لابد من حل واقعي ووضع استراتيجية واضحة وعمل دؤوب واشراك الحكومة العراقية والحكومات الصديقة لتقديم الدعم والاسناد للتركمان قبل ان ينتهي التركمان ويكون بقاءهم في العراق فعل ماضي كما استسلمت المجتمعات السابقة .

 

جاسم محمد جعفر البياتي

في المثقف اليوم