آراء

إعــترافـات عـشـــمـاوي الإخـــوان

hasan zayedيعد الجهاد من أركان البيعة الإخوانية، ولعل في هتاف الإخوان الدائم: الجهاد سبيلنا، ما ينبئ عن مكانة الجهاد في الفكر الإخواني. وكلامنا هذا لايعني بحال النيل من فريضة الجهاد في الإسلام، ومكانتها، والأدلة القائمة عليها من القرآن والسنة. ولكن فقط أردنا من خلال البحث في اعترافات الأستاذ / علي عشماوي، آخر قادة التنظيم الخاص، الوقوف علي حقيقة جهاد الإخوان. وللوقائع التي سنوردها ما قبلها، ولها ما بعدها، من عمليات تعد في عرف الإخوان عمليات جهادية. وأول الوقائع التي سنوردها في هذا المقال: هي واقعة جهاد الإخوان في فلسطين، والتي حيكت حولها الأساطير، من جانب الإخوان، وتعد واحدة من أهم وأكبر مفاخرهم التاريخية. وقد أوردها الأستاذ عشماوي، للإستدلال علي إختراق الأجهزة الغربية والإستعمارية لهذا الجهاز. فقد تحدث في كتابه : " التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمون "، والكلام لي، حول أن الإخوان لم يخوضوا في حرب فلسطين إلا معارك قليله جداً، ثم صدرت إليهم الأوامر من الشيخ محمد فرغلي بعدم الدخول في أي معارك مع العدو الإسرائيلي، وقد كانت حجته التي برر بها أوامره، أن هناك مؤامرة تستهدف تصفية المجاهدين. ولا أدري كيف بجماعة حشدت أعضائها لمعارك حربية جهادية، تتوقف عن المعارك بحجة تعرضها لمؤامرة القصد منها تصفية المجاهدين؟. وأي شيء غير المؤامرات يمكن أن تنتظره من العدو؟. ثم ما هي المؤامرة ؟. لقد تكشفت أبعاد المؤامرة الحقيقية ، وقد تمثلت في حماية اليهود، من إحدي القوي الخطيرة، المدربة، التي لو استعملت لمثلت خطراً داهماً علي العدو. وقد تم الإلتزام بالأوامر الصادرة، وظل الإخوان في معسكرهم، لا يشاركون في المعارك حتي عادوا من فلسطين، دون مشاركة حقيقية في المعارك. ولقد كان شباب الإخوان، في غاية من التوتر والقلق، لبقاءهم في معسكرهم، وعدم اشتراكهم في المعارك. ولقد بلغ بهم الحنق إلي حد الذهاب إلي تخوين الشيخ محمد فرغلي، لعدم قدرتهم علي تصور الإمتناع عن الجهاد وقد تواجدوا في ساحته، وعدم قناعتهم بالمبرر الذي تم دفعه إليهم لإسكاتهم. وقد وصلت القناعة بخيانة الشيخ فرغلي إلي حد اتخاذ قرار بتصفيته. وقد وصل الخبر إلي الشيخ فرغلي، فأسرع للإجتماع بهم، وشرح الأمر لهم. وقد أطلعهم الشيخ علي الأوامر التي جاءته من القاهرة، وأسبابها. وهكذا يتكشف ـ وقد شهد شاهد من أهلها، وهو ليس شاهداً عادياً، وإنما شاهداً فاعلاً ومسئولاً ـ حقيقة الجهاد الذي كان يمارسه الإخوان، والغاية من وراءه، ومدي البون بينه وبين جهاد الإسلام في مواجهة خصومة. وثاني الوقائع التي سنوردها كنموذج من الجهاد الإخواني، كما أوردها علي عشماوي في كتابه المذكور آنفاً، هي واقعة حادث فندق الملك جورج بالإسماعيلية، وهي واقعة تنطوي علي قدر هائل من الطرافة والمأساوية في آن معاً. وقد أوردها بتفاصيلها أحد أقطاب الإخوان في حينه، وهو الأستاذ صلاح شادي في مذكراته، وما لإنكارها من سبيل. وملخص هذه الواقعة أنه كان من المعروف أن فندق الملك جورج كان يعج بأفراد من المخابرات البريطانية، والعديد من الجواسيس. وكان المطلوب هو ضرب الفندق بإشعال عبوة ناسفة فيه. عملية إرهابية لا تؤدي إلي قتل أحد أو إصابته إصابة جسيمة، وإنما فقط تستهدف إعلام المخابرات البريطانية والعملاء والجواسيس أنهم ملاحقون. وقد تم تكليف رفعت النجار، من سلاح الطيران، بالقيام بالعملية. وقد تم إعداد دوسية بالعبوة الناسفة، علي أن يقوم رفعت النجار بحمله، والدخول به إلي ردهة الفندق، ووضعه إلي جوار حائط خلف ستارة مدلاة، ويشعل العبوة، ثم ينهض بعد ذلك، ويمضي خارجاً إلي خارج الفندق. وقد جري التنفيذ علي أحسن ما يرام، إلا أن رفعت النجار عندما هم بوضع الدوسيه المفخخ بالعبوة الناسفة بجوار الحائط، بعد إشعاله، رأي أحد رجال المخابرات البريطانية، والأوامر لديه ألا يقتل أو يصيب أحداً إصابة جسيمة جراء فعلته، إذ الهدف منها فقط، هو هدف إرهابي. فما كان من الرجل المسكين إلا التوقف عن اكمال المهمة، وظل واقفاً بالدوسيه المفخخ، ممسكاً به، خشية أن يُقتل رجل المخابرات البريطاني، حتي انفجر فيه، ومات متأثراً بجراحه. فهل يعد ذلك جهاداً؟. وهل يعد ما حدث للرجل استشهاداً؟. وألا يعد إصدار أوامر وتعليمات بحماية رجال المخابرات والعملاء والجواسيس خيانة وعمالة؟. أين شعار الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمي أمانينا؟. ويبقي السؤال موجهاً إلي الذين ينتمون إلي مثل هذه التنظيمات، ألا تعد قياداتكم بذلك عملاء، يتصرفون بلا رقابة، ولا تقوي من الله؟. أولئك القادة هم الذين يبايعهم الأفراد علي السمع والطاعة، فيطيع الأفراد، ويضل القادة ، ويستعملون الأفراد في غير تقوي، ولا طاعة. وإنما تنفيذاً لما تطلبه منهم أجهزة المخابرات العالمية. فهل آن الآوان أن يفيق هؤلاء من سباتهم ؟.

 

حــســـــــن زايـــــــــــد


 

في المثقف اليوم