آراء

الجالية والزعماء المتوّجون ذاتياً

abas alimoradنعيش اليوم زمن العولمة بحسناته وسيئاته، ومن ضمن ذلك الإرهاب المعولم الذي يضرب في كل مكان.

مناسبة هذا الكلام، ردود الفعل والمواقف التي صدرت حول العمليات الارهابية التي حصلت في سدني، باريس، نيجيريا، ليبيا،العراق وغيرها.

حاول البعض المطابقة بين الإرهاب والمسلمين والجاليات الإسلامية جراء اعمال البعض الخارجة والبعيدة عن القيم الإنسانية.

جاءت بعض التصريحات التي ارادت ان تحمّل المسلمين تبعات الأعمال الإرهابية، وكأن الجميع مسؤول عن الإرهاب الذي تقوم به مجموعات معروفة العنوان والأهداف ولا توفّر حتى المسلمين والشواهد لا تُعد ولا تُحصى!

هل اصبح كل بريء متّهم حتى تثبت براءته؟ بينما القاعدة الذهبية القانونية تقول العكس تماماً ولا تختصّ بمواطن دون آخر او اذا اردنا استعمال اللغة الأكثر رواجاً هذه ألأيام لا تختصّ بجالية او طائفة او دين بعينه.

اولاً، وفي استراليا لسنا أقل التزاماً بأمن البلد ويجب الا نكون وهذه بديهة ومسلمة لا نقاش فيها، ثانياً لسنا أقل شعوراً بالأسى والحزن لخسارة الأرواح البريئة، ولسنا ضد وضع باقات الزهور، ولسنا ضد مواساة أهالي الضحايا،وهذا ما لا نجادل فيه ايضاً،لأن احدنا كان يمكن ان يكون احد هؤلاء الضحايا حيث اعمالنا غير منفصلة عن أعمال الباقين من الموطنين والذين نتشارك وإياهم حلو الحياة ومرّها. ولكن لنقولها وبصراحة لا بل بمنتهى الصراحة، يجب ان تكون مواقفنا غير مبنيّة على ردّات الفعل وان لا تُستغل من قبل الإعلام او بعض السياسيين وان الطريق الأسهل والأسلم والأقصر الى ذلك هو التصرّف بأننا مواطنين كأي مواطن آخر، وهذا ما تضمنه القوانين والانظمة المرعية.

يوجد في الجالية عدد ضخم من الجمعيات والقيادات منها الانتهازية والجاهلة والتي لم ينصّبها او ينتخبها احد، والأنكى من ذلك انه بين ليلة وضحاها أصبح الزعماء المتوّجون ذاتياً، نجوماً اعلاميين ومحللين وخبراء في شؤون الإرهاب والتحليل النفسي وعلم الاجتماع، يطلقون التصاريح،ويتّخذون المواقف، متناسين انهم لا يملكون حق اختزال الجالية واطيافها وفئاتها بأي شكل وبأي حال، خصوصا أن البعض حاول وعمل على العزف على اكثر من وتر، وهذا ما قد يوصل الى ازمات اكبر من قدرة هؤلاء على معالجتها لأنهم غير مهيؤون سياسياً،قانونياً،اجتماعياً او ثقافياً، والشواهد على ذلك كثيرة وان كان باستطاعتهم اداء دور بسيط يعملون على تضخيمه، بالإضافة الى ان لا الدولة ولا السلطات المختصة بوارد السماح بتجاوز صلاحياتها او تجييرها لبعض اصحاب المشاريع والغايات الخاصة والشخصية من الانتهازيين الذين يصوّرون انفسهم اهل حل وربط.

بانتظار النتائج التي ستضعها وتخلص اليها اللجنة المكلفة التحقيق في حادثة مارتن بلايس، علينا ان نسأل بعض الأسئلة عن هذه القيادات وتصرفاتها.

إذن، تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبين من ينصّبون انفسهم قيادات الجالية سواء كانوا رجال دين او دنيا، والذين كما اسلفنا ان بعضهم يملك حيثية تمثيلية معيّنة ونسبية، ولكن مما لا شك فيه ان معظمهم لا يعرفون ما هي الإنتخابات او عمل المؤسسات ولا المشورة على الاقل بالرأي. علينا ان ندرك ويدرك هؤلاء الزعماء او القيادات المتوّجون ذاتياً ان الأمور لا تدار بعقلية المصلحة والمنفعة الشخصية، وان السياسيين واجهزة الأمن والإعلام ينظرون الى الأمور كل من الزاوية التي تهمه ويعتقد انها تخدم المصلحة العامة،فعلى اي اساس يتصرف بعض هذه القيادات؟!.

فهل كثير علينا ان نطلب وقف التصرفات الاستعراضية والمرتجلة لهؤلاء، لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، ولن تغيّر في شيئ ولكن من وجهة نظرنا المتواضعة قد يكون لها مردود سلبي لانها ليست على تماس مع الواقع والمواطنين .

أخيراً، وليس آخراً ان من حقنا على هؤلاء الزعماء المتوّجون ذاتياً ان يعرفوا اننا نعيش في بلاد لا تجرؤ حكومتها المتنخبة على اتخاذ اي قرار دون أخذ الرأي العام بعين الإعتبار، وتستعين بالخبراء والمستشارين واهل الاختصاص لدرء غضب الرأي العام الذي قد يطيح برئيس الوزراء او وزراء ونواب من مناصبهم.

خلاصة القول، ان الإرهاب يضرب يميناً وشمالاً، شرقاً وغرباً، وارهاب المجتمع بكل مكوناته، ويجب ان لا يكون اداة وحجة لمصادرة اراء الاكثرية الصامتة،وعلى من يريدون التزعم من اجل مصالح شخصية ان يتّقوا الله في عباده !لأنهم ليسوا هم المدافعين عن حقوقنا ولا المعبّرين عنها وكفى!

الارهاب، لا يمثلنا ولم ولن يعبرعنا وادانته معروفة مقدما، ومن حقنا ان لا نعيش بين سندان الارهابيين ومطرقة العنصريين والانتهازيين.

 

عباس علي مراد

في المثقف اليوم