آراء

تسريبات الإخوان بين الواقع والوهم

hasan zayedسُئلت عن التسجيلات المسربة عبر فضائيات الجزيرة القطرية، والباقة الإخوانية . وقيل أنها للرئيس السيسي، وتحوي فيما تحوي ما يعتبره الإخوان، ويحاولون التسويق له، وترويجه، وترسيخه في الأذهان، إساءة للأنظمة الخليجية التي انحازت لثورة يونيه في مواجهة الإخوان. وقد اندهشت للتساؤل، وسر اندهاشي أننا قد جربنا الإخوان ، باعتبارهم أناس قد اعتادوا الكذب. وقد زاد اندهاشي نتيجة اعتسافهم في الربط بين هذه التسريبات، وبين واقعة تالية راح ضحيتها عدد من مشجعي الوايت نايتس الزملكاوي أمام بوابة استاد الدفاع الجوي، بزعم أن هذه افتعلت للتغطية علي تلك. والواقع يقول أن التسريبات وهم مختلق، والربط بينها وبين الحادث وهم إضافي، يحاول الإخوان ومن لف لفهم تبعاً لهم، أو من يقف ورائهم كي يحركهم كعرائس الماريونت، إنزال هذا الوهم إلي أرض الواقع، كي يفعل فعلته، علي نحو ما يأملون. ولعل قليلاً من التأمل يكشف أبعاد هذا الوهم، ويدحضه، فإذا هو زاهق. ومع فرض صحة ما ورد بالتسريبات، فلا يمكن القول بأن تسريبها هو عمل وطني يصب في صالح مصر، إذ ما هي الوطنية في السعي للإضرار بالوطن؟. وإذا كان في ذلك شبهة الوطنية، فما هي الخيانة إذن؟. وبفرض صحة التسريبات، فما هي الوطنية في زرع أجهزة تنصت في مكتب وزير دفاع الوطن؟. ولمصلحة من إختراق الأمن القومي للوطن؟. لا شك أن من يقف وراء ذلك فضلاً عن كونه متحرياً للكذب فإنه يقطر خيانة، صحت هذه التسريبات أو لم تصح . وكان ذلك وراء علة عدم اكتراثي بهذه التسريبات، سماعاً لها، أو تعليقاً عليها، أو سماعاً لمن علق عليها، لأنها في النهاية نتاج الخيانة، والكذب والإنحطاط الأخلاقي، فهذا الفعل أقرب الأفعال لمن يسجل لدقائق العلاقة الحميمية بينه وبين زوجته، ثم يسرب هذه التسجيلات، كي يثبت إنحرافها. ومع ذلك جلست إلي هذه التسجيلات، وقمت بتفريغها كتابة، وقمت بمراجعة ما كتبت كلمة بكلمة. فإذا بعناوين الفيديوهات الصادمة لا تتناسب مع محتوياتها، وكأني بواضعها كنافخ الكير، بما يدل علي سوء النية، وخبث الطوية، فلم ترد في الحوار أي إهانة، أو احتقار، أو التقليل من شأن أي من حكام دول الخليج، أو دوله . وبفرض ورود بعض الألفاظ علي لساني الفريق حجازي رئيس الأركان، واللواء عباس كامل مدير مكتب الفريق السيسي في حينه، متعلقة بوجود فائض أموال لدي دول الخليج، وأنه يتعين عليها مساعدة مصر، باعتبار أن مصر قد ساعدت هذه الدول فيما قبل . فهو كلام يعبر عن وجهة نظر شخصية، لا تعبر عن وجهة نظر المؤسسة العسكرية، ولا عن وجهة نظر الدولة المصرية، وتبقي في إطارها الشخصي دون أن تتخطاه أو تتجاوزه. وكلنا يدرك أن الكلام الذي قد يصدر في الجلسات الخاصة، لا يكون منضبطاً بنفس أطر وقواعد وصرامة الكلام في الجلسات الرسمية . فالكلام في الجلسات الخاصة يتحلل من هذه القواعد قليلاً لدي الأشخاص الأسوياء في الظروف الطبيعية. كل هذا بفرض صحة هذه التسريبات المكذوبة . أما عن العلة وراء اليقين المتولد لدي بشأن كونها تسريبات مكذوبة فمردها إلي عدة أمور، منها: أن تقنية الأجهزة الحديثة أصبحت تتيح صناعة الأكذوبة عن طريق استغلال بصمة الصوت بتحديد طبقة الصوت، ونبراته، ومخارج الحروف، والألفاظ، ومحاكاتها، ثم تركيب أي حوار عليها . شأنه شأن القاريء الرقمي، وقواميس الترجمة الفورية الناطقة علي أجهزة الحاسوب. ومنها: أن وزارة الدفاع في مصر وفي أي دولة في العالم   ومكاتبها، واتصالات قادة الجيش فيها، يتم تأمينها بتقنيات محكمة، تقوم بها إدارة الحرب الإلكترونية، التابعة للقوات المسلحة، إضافة للمخابرات الحربية. وجميع الاتصالات التي يجريها القادة تتم من خلال وسائل اتصالات مؤمنة يصعب اختراقها أو التشويش عليها، ولدى إدارة الحرب الإلكترونية من الوسائل ما يمكنها من التقاط وكشف أي اختراق بسهولة ومنع التنصت تماما، كما أن الجيش له شبكة اتصالات خاصة به لا يمكن اختراقها . ليس ذلك تحسباً من جماعة الإخوان، فهي لا وزن لها، وإنما هذه الإجراءات طبيعية في ظل أنشطة أجهزة مخابرات عامة وحربية لكافة دول العالم لا تكف عن الحركة والعمل علي مدار الساعة. ومنها: أنني أعرف علي المستوي الشخصي أن رجال الجيش هم الأكثر تهذباً وأخلاقاً وانضباطاً، وخاصة رجال المخابرات العامة، والحربية: بحكم نشاطهم، وطبيعة عملهم، التي تقوم في جانب كبير منها علي التهذب وحسن الخلق. ثم هل يعد منطقياً أن أغتاب،وأخوض في سير دول أو أشخاص، أنا في أشد الحاجة لوجودهم بجانبي لو غلبنا الجانب البرجماتي المحض؟. أما عن ربط حادث استاد الدفاع الجوي بهذه التسريبات، فقد أظهرت تقارير الطب الشرعي، وتحقيقات النيابة مدي التهافت الذي يعانيه منطق من يحاول الربط بين الأمرين معتسفاً، ومن ثم فهو أمر لا يستحق عناء الرد عليه . أما عن العلاقات المصرية الخليجية، فقد بادر الرئيس السيسي بالإتصال بقادة هذه الدول، الذين أبدوا بدورهم تفهمهم للدور الخبيث المستهدف من وراء هذه التسريبات، وأنها لن تؤثر بحال علي موقف هذه الدول من شقيقتها الكبيرة مصر، عامود الخيمة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، ولتذهب أوهام بيت العنكبوت الإخواني أدراج الرياح .

 

حسن زايد

في المثقف اليوم