آراء

حيرة حكومة اقليم كوردستان بين انقرة وبغداد

emad aliبعد فشل المباحثات الاخيرة بين العبادي والبارزاني حول ارسال حصة اقليم كوردستان من ميزانية العراق، توجه السيد نيجيرفان البارزاني الى انقرة، عسى ولعل يجد ما يحل به ولو مؤقتا الازمة المالية التي تعصف بالاقليم وو النقص في السيولة التي وقف امام حتى توفير رواتب الموظفين، في الوقت الذي اعلن نيجيرفان في بغداد بعد اجتماعاته مع العبادي ان الحكومة العراقية مفلسة، على الرغم من انها و على العكس من الاقليم، انها توفر ليس رواتب موظفي العراق وانما حتى الذين يعيشون تحت سيطرة وامرة دولة الخلافة ايضا .

المشكلة التي يعاني منها الجميع سواء في بغداد ام اربيل، انها فقدان الثقة مهما كانت هناك نوايا صحية من قبل الطرفين، فبغداد ليست حريصة على موظفي اقليم كما تحرص على ابناءها، نتيجة الوضع الحالي وما فيه الحكومة العراقية نتيجة انبثاقها من المحاصصة والطائفية والعرقية لكونها انبثقت من قبل احزاب الاسلام السياسي المذهبي . انهم اثبتوا ليسوا حكومة العراق جميعا على قدر من احساسهم بالمسؤلية الكبرى تجاه مذهبهم وجماعاتهم واحزابهم على العكس مما يعلنون . وحكومة الاقليم من جانبها، حارت بين من تؤمن بانها توفر لها الامان والضمان ومن يغشها في وضح النهار، وكونها حكومة ليست لديها الخبرة والعمق المطلوب، فانها ربما تقع فريسة الثقل الذي يتمتع بها الدول في المنطقة ويسغتلونها لاغراض واهداف خاصة بهم على حساب مصالح الشعب الكوردستاني المغبون .

المشكلة محصورة في تصدير النفط الخام من قبل الاقليم وحقوقه واحقيته في ذلك، وكيفية توفير الواردات المطلوبة لتسيير امور حكومته الفتية والدستور وحكومة المركز غير المتفهم للامر . انها الحكومة التي لا سند لها وعمق، تتكيء على مصالح الاخرين، فالمركز العراقي ليس لديه ما يؤشر على انه يؤمن بالديموقراطية مسندا للسلطة ولا يمتلك النية للتفاهم مع من له الحق في تقرير مصيره . من جانبها حكومة الاقليم، تراكمت امامها الاخطاء الداخلية والمحسوبية والمنسوبية في الحكم وسيطرة مصالح الاحزاب على امور الحكومة، فانها هشة الاسس ومتواضعة القوة وقليلة الامكانية من كافة النواحي . وانها حائرة اليوم بين جشع الجوانب التي تتعامل معها داخليا وخارجيا اي مع المركز العراقي والجوار التركي والايراني الذين لا ينظرون الى ما يهم اقليم وشعبه .

اليوم وصلت حكومة اقليم كوردستان الى مفترق طرق وفرض عليه الاختيار، اما التعاون التام والخضوع للمركز العراقي بكل شروطه او التوجه نحو انقرة بشكل تام والتسليم بكل ما تمليه عليها من الشروط .

فان اختار حكومة الاقليم اي من الطريقين فان لهما مخاطرهما الجمة، العراق ومركزيته يعيد الاقليم الى المربع الاول . الانقرة وحكومتها المصلحية ستفرض ما تمهمها وليس ما يهم الكورد، وما يفرز هذا الكثير من السلبيات . الخارطة الجديدة للمنطقة يمكن ان تتاثر ايضا بما يتحرك اقليم كوردستان ويقر بما يسير عليه، فهناك خطوات كبيرة منتظرة حكومة الاقليم كي تخرج من حيرتها الحالية وتختار ما يهمها ايضا، فاما الانقطاع وعدم الاهتمام والاعتماد على المركز واختيار الادارة الذاتية او التنازل عن ما سارت عليه منذ عقدين من الخصوصية التامة .

اليوم وفي الوقت هذا الذي نعيش وما تتميز بها منطقتنا وهي مصابة بافآت كثيرة، يتطلب ان يتعمق المسؤلون في امر اقليم كوردستان لاتخاذ القرار الحاسم الاصح بين الاختيارات الموجودة بين ايديهم . ولكن الاهم هو اعادة النظر في مسيرة ما يسير عليه الاقليم داخليا وما يتطلبه الواقع من اعادة النظر في الامور السياسية الذاتية والاعتماد على الشعب والديموقراطية الحقيقية والشفافية وراي الشعب في تحديد المسار بين الطريقين الوحيدين الذي وصلنا اليهما اخيرا . كيف تُعاد الثقة بين حكومة اقليم كوردستان والشعب وبين الاحزاب ذاتها وكيف يتم التعاون بين الجميع للخروج من هذه الزمة والمحنة والازمات التي نحن فيها كي نصل الى شاطيء الامان باقل ضرر متوقع، انه الامر الحاسم القاطع العقلاني الذي على السلطة في اقليم اتخاذه وبه يمكن ان تخرج حكومة الاقليم والسلطة من الحيرة التي وقعت نفسها فيها نتيجة الظروف الموضوعية اضافة الى الاخطاء المتكررة الذاتية التي سارت عليها منذ عقدين من الزمن، فان وثقت بها الشعب فانه يضحي بما لديها من اجل نجاحه وتحقيق اهدافه مهما طال به الزمن، اما، ان توقع الشعب بان السلطة تفضل امور ثانوية ضيقة عل ى الاستراتيجية المهمة له فانه سيدير ظهره لها، ولا تخرج من المحنة الا بفشل ذريع .  

في المثقف اليوم