آراء

تجليات مابعد معركة تكريت

emad aliكل المؤشرات تدلنا على ان تكريت ستسقط اليوم كان ام غدا رغم المقاومة الشرسة من قبل داعش وحربه العقيدية الخطرة، وتتحرر هذه المدينة من ايدي داعش رغم التكتيكات العسكرية للتنظيم وعرقلته السير وفق الخطط العسكرية المرسومة ،بزرع الالغام وتوزيع الانتحاريين بالشكل الكبير في جميع زوايا المينة . اما ما افرزته معركة تكريت سياسيا فانه اكثر اهمية من الناحية العسكرية من كافة النواحي، بتاخر تحرير تكريت غير المتوقع وعلى العكس مما اعلنته القادة العسكريين والسياسيين العراقيين والمتحالفين، اشعل الضوء الاحمرغير المتوقع امام الجيش والحشد الشعبي وتلمسوا على الارض ما تكون عليه المعركة النهائية في الموصل وتوضحت صعوبتها للجميع، اي التدخل المكشوف لايران عسكريا واعلاميا على الرغم من مساعدتها على الارض وتعاونها بشكل مفيد عسكريا الا انه اوجد نقطة ضعف كبيرة في الحملة على تكريت، مما دفع الجهات المختلفة لاتخاذ مواقف مغايرة وحتى التحالف الدولي استدرك مدى خطورة ما يكون عليه الوضع العراقي ما بعد داعش ان سارت العمليات على هذا النمط . ازدواجية الاهداف المبنية على الاهداف السياسية الخارجية والداخلية ستضع المهتمين ومن ذوات الشان الذي يخص ما يسير عليه العراق ومستقبله سيفكرون اكثر من مرة في حربهم ضد داعش في العراق وكيفية انهائه واستئصاله بشكل قاطع . ما يخوف الشعب هو امتداد فروع ما يفرز من معارك داعش والاطالة في الزمن المطلوب لانهاء هذه المشكلة وهذا ما يقع على حساب الطبقة الكادحة ومعيشتهم وضرورات حياتهم التي صُعب الامر عليهم اكثر من المترفهين والاثرياء الجدد مابعد السقوط .

هذا الوضع يعيد الى الاذهان بداية الحرس الثوري الايراني وكذلك الحرس القومي البعثي كرديف للجيش في البلدين وكيف استخدما وما اثر على روح القتالية لمنتسبي الجيش وعلى مهنيتهم واختصاصهم وبالاخص على الضباط، على الرغم من ان اكثرية الضباط القدامى في الجيش العراقي الان استبعدوا وانخرط الكثير منهم في صفوف داعش او من يحالفه من القوى العراقية المعارضة .

خلط الاوراق السياسية مع العسكرية سيضرب بالمصداقية ويثير الشكوك لدى الاطراف المتضررة من داعش من نيات الحكومة العراقية وحلفائها في حرب داعش وربما يدفع بعض الجهات في العراق الى اعادة النظر والتغيير في المسار والتحرك بشكل لن يكون لصالح المعركة ضد داعش .

ان ما يمكن الاستفادة من معركة التكريت ليس النصر العسكري بقدر ما تجليه من النوايا المخفية وكيفية سير العمليات والتوجهات والاهداف السرية التي تبيتها السلطة التنفيذية العراقية التي لازالت بيد طيف معين مع الجهات الخارجية المشاركة بشكل مباشر في المعارك ضد داعش في الجبهات المختلفة .

من خلال سير معركة تكريت تبين اضافة الى تحرير الميدنة، ان نوايا الحكومة العراقية هو جس نبض القوى المختلفة التي لها مصلحة في معرفة ما بعد داعش وبالاخص الطيف السني وما يتوضح لدى الكورد من نيات الحكومة واستراتيجيتها البعيدة المدى، ومدى سيطرة ايران على تحركات الحكومة ضد داعش قبل التفكير في انهاء داعش، ومن المتوقع ان تكون نيات ايران غير مكشوفة لدى الحكومة العراقية ايضا والا هل من المعقول ان تُطلق تلك التصريحات النارية في الوقت الذي تنشغل فيه السلطة العراقية بمعركة تكريت وما افرز منها من التدخل العلني من قبل قاسم سليماني فيها .

ضعف او عدم وجود استراتيجية امريكية واضحة لمابعد داعش كما يتبين من تحركاتها على الارض وانتقاداتها الهزيلة من جهة، بينما نرى كيفية التلاعب بمعركة داعش من اجل سير المفاوضات النووية مع ايران من جهة اخرى، اننا نتيقن من ان امريكا لديها النظرة العامة الى المنطقة والتوازن بين ايران وحلفائها من جهة والمحور السني بمختلف توجهاته من جهة اخرى بشكل يخصها دون التوغل في التفصيلات العملية . اي لا يمكن ان نتاكد من وجود استراتيجية امريكية واضحة وبينة بشكل جلي لعراق مابعد داعش كما كانت حالها مابعد سقوط الدكتاتور العراقي . وبه يمكن ان نشير الى ادلة واضحة بهذا الشان:

اولها : عدم صدور رد فعل يوازي ما صرح به مستشار الرئيس الايراني حول الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد .

ثانيا ، انها مشغولة بجبهة انبار اكثر من اهتمامها بجبهة تكريت وعدم بيان رد فعل مناسب لعدم استشارتها في تلك المعركة .

ثالثا : عدم سماع اي موقف من الانتهاكات التي حصلت في معركة تكريت وما جرى قبلها في مناطق اخرى وكشفَها المحايدون والكثير من وسائل الاعلام .

رابعا :التخبط في التنسيق مع القوى التي تحارب داعش بشكل كبير، وربط ما تسير امريكا في سوريا مع العراق وفق نظرة سطحية بعيدة عن مستقبل الدولتين وانما ما تركز عليه هو سيطرتها على المنطقة بشكل عام، والتكتيكات المستخدمة من قبلها للمسايرة في الامر احيانا، ومن ثم التحرك وبيان الموقف لمن لم يساعدها منذ تدخلها منذ اكثر من عقدين من الزمن من اجل بيان الضغوطات عليه لاجل مهمات كبرى تحص المنطقة بشكل اكبر .

بعد انتهاء معركة تكريت يمكن للمتابع ان يكشف العديد من الامور السياسية وفي مقدمتها تحركات امريكا ومواقف الجهات الخارجية المختلفة والتحركات التي يمكن ان تحصل لتحرير الموصل ومواقف الجهات منها استنادا على معركة تكريت وما يحصل فيها . اي يمكننا ان نقول ان معركة تكريت مفصل رئيسي لاختبار السياسات التي يمكن اتباعها في تحرير المناطق الاخرى ودور كل طرف منها . والجميع على علم بموقع الموصل واهميتها للاطراف المختلفة في المنطقة .  

 

في المثقف اليوم