آراء

الاتفاق النووي والتنسيق حول العراق

emad aliكلما تقدمت امريكا وا يران في تفاوضاتهما حول النووي الايراني ورفع العقوبات على ايران وتحويل القطيعة الى التعاون وربما التحالف بشكل مباشر بينهما كما تنويان، نرى انعكاسات مسار تلك المفاوضات وخطواتهما على الساحة السياسية والعسكرية العراقية بشكل واضح، والعكس صحيح ايضا . ومن جانب اخر كلما سمعنا ما يدل على عدم التنسيق او الانتقاد لاي منهما الى الاخر، نجد انهما اما تخالفا في امر ما او تريدان من خلال التصريحات الضغط على البعض من اجل الحصول على اكبر التنازلات في التفاوض . اي كلما لمسنا هدوءا وتغاضيا امريكيا او احيانا تهاونا امريكيا في ازدياد نفوذ ايران وسيطرتها على شؤون العراق وربما فسح المجال لها في مناطق اخرى تريد التقرب منها، نجد انها تريد بها امرا او لها نية في الدخول الى التفاوض باوراق جديدة . وفي المقابل فان ايران كلما اشتدت في مواقفها فسحت المجال لاحد اطراف السلطة او مسؤل ما في ايران لاطلاق تصريح شاذ او بيان مدى تدخل ايران في دول المنطقة بتفاخر وتعالي وبمبالغة كبيرة من اجل تحريض الجهات الداخلية في امريكا او حثهم على الضغط على اوباما كما حصل في الكونغرس الامريكي من اجل فك الرباط بين الجهات الرسمية للحصول على اكبر التنازلات والتسارع السلطة الامريكية المفاوضة لانهاء المفاوضات باسرع وقت ممكن خشية التشويش عليها داخليا دون ان يحصل اوباما على الفخر الذي ينتظره، وبنجاحها يمكن انقاذ ايران من الوضع الذي تعيشه نتيجة انخفاض اسعار النفط اضافة الى العقوبات المفروضة عليها وباكبر قدر ممكن من الربح الداخلي والاقليمي .

و من جانب اخر، ان لكل من الطرفين نوايا واهداف خارجية اخرى تخص علاقاتهما واستراتيجيتهما ومدى تقاربهما من روسيا ودورها وتاثير نجاح او اخفاق هذه المفاوضات على المنطقة من حيث علاقات الدول مع بعضها او مع روسيا وما يقع لصالح روسيا او ضدها في الحالات المختلفة التي ينتظرها المراقبون، وما يتضح اكثر هو تخوف امريكا الكبير من عودة الدور الحاسم لروسيا وبروزها كقطب مهما كانت قوتها لذلك نجدها اذنا صاغية لما يصدر من القوقاز والبلطيق واذنا في قاعات المفاوضات . لذا يمكن لامريكا ان تفكر في اوكرانيا بعمق وهي في غرف المفاوضات المغلقة مع ايران وتخشى ما تجده هناك وهي تفاوض وتريد انهاءه باي ثمن كان . ان ايران تستغل الواقع الحالي من تفكك الدول المحسوبة على المحور المناقض لها اي عدم تعاون تركيا مصر سعودية وخلافهم حول الاخوا المسلمين يعد عاملا مساعدا لايران من كافة النواحي، وهي تتمدد ويمكن ان تثبت هلالها المقصود على الارض دون اي اعتراض من اي طرف كان .

اي، نرى تعالي كفة المحور الايراني على الاخر نتيجة الخلافات التي تسود في جسم المحور الاخر بعد الربيع العربي الذي قسم الدول بشكل صارخ وفسح المجال امام امريكا وايران على حد سواء في اللعب بكل حرية وبامكانهما في هذه الحال من الفراغ ان ينفذوا ما يهدفون ومن الاهداف البارزة هو ترتيب الاوراق في العراق وفق ما يفرز من العوامل على التواصل بين الهلال الشيعي والابقاء على الضغوطات التي اصبحت اوراقا بارزة بيد ايران وفرضت على امريكا التجاوب مع اكثرية متطلباتها .

من المعلوم انه لا يمكن الفصل بين نجاح المفاوضات الامريكية الايرانية بعيدا عن التنسيق في شؤون المنطقة ودور ايران والتوازن الذي يفيد امريكا سياسيا اقتصاديا وتوزيعهما الادوار المفسوحة لهما مع مراعاة المحور الاخر بشكل يمكن ان يسهل مسيرتهما، وخصوصا وهو في وضع لا يحسد عليه نتيجة الامتداد الايراني وما هذا المحور المتعدد الاطراف والتوجهات والخلافات التي تنخر كيانه الا في اضعف حالها، اضافة الى دور اسرائيل وما لصالحها من كيفية وقوع المفاوضات والتوازن المطلوب بين المحورين الذي يكون لصالحها ويمكنها التعامل معه وتستفاد منه وما يوفر لها الساحة للعب فيها بشكل مريح دون ضغوطات من اي من المحورين .

اذا التنسيق الامريكي الايراني حول العراق وما يخطو كل منهما احيانا دون التوافق مرحليا ليس الا عمل تكتيكي له مببراته السياسية من اجل الضغوط على البعض من جانب وجص النبض لمدى تنازل في المفاوضات، وهذا ما يدلنا على ان نقول ان معيار التعاون والتنسيق والتقارب الامريكي الايراني يظهر بشكل ساطع على الساحة العراقية وحتى على ما يجري في المستقبل المنظور ايضا فيها ولكل مراقب ان يقراه بكل سهولة .

في المثقف اليوم