آراء

الشعب الايراني سينتصر لحقوقه

emad aliمن عاشر الشعب الايراني يوما سيرى الفرق الكبير بينه وبين الشعوب الاخرى من نواحي عديدة ومنها بالاخص اجتماعيا . لو تكلمنا بالتفصيل عن مميزاته يحتاج لوقت طويل، وانما ما يهم ذكره هو تذوقه العالي وحبه للحياة اكثر من اي امة اخرى، ويختلف هذا طبعا من مكون لاخر ومن بقعة لاخرى من اراضي الدولة الايرانية الشاسعة والمختلفة التضاريس والطبيعة الاجتماعية .

التاريخ الايراني الزاخر بالاحداث ونشوء امبراطوريات والتفاوت الكبير بين مراحل حياة هذا الشعب والانقلابات الفجائية التي اصيبت بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، برز فيه ما لم يبرز في دولة او شعب اخر، ومنه التناقض وجمع الاضداد من الصفات في مكون معين او بين المكونات في هذا المجتمع، ويمكن الكلام عن صفة والحكم بالمطلق على بعض جوانبها دون ان تخطا . نلمس تجسيد مجموعة من السمات المشتركة بين مكوناته المختلفة نتيجة الظروف العامة المشتركة التي مروا بها، واختلاف معيشة البعض عن الاخر من جهة اخرى، عندما تنتقل من منطقة لاخرى في هذا البلد فكانك المتابع تمر بدول مختلفة عند ولم تنقل من اقليم لاخر، وعندما يعايش من يدرس الاوضاع جميع المكونات بالشكل والعمق يرى المدى الشاسع للفروقات المجتمعية من كافة النواحي .

تجد فيهم بخيلا لحد لا يُطاق وسخيا لحد لا مثيل له، ترى بشوشا مرحا هزليا جميل المعشر وبقربه متجهما عبوسا صعب المعشر لا يمكن تحمله مهما بذلت من الجهد، ترى فيهم وفيا مخلصا مؤمنا بالصفات المثالية ومعه محنثا ومنكثا بالعهد لابسط سبب، ماديا غير ابه بالسمات الخيرة قاتلا لابسط الامور، ترى فيهم وطنيا مؤمنا ببلاده يضحي بكل ما لديه من اجله والى جانبه هناك من يبيع وطنه بابخس الاثمان لا يعترف بالدولة، ترى فيهم نخبة مثقفة عالية المستوى وعالما علميا وادبيا ومثالا للانسانية كبيرا في عقله وخلقه والى القرب منه جاهلا بابسط امور الحياة، ليس العلم والمعرفة بهمه من قريب او بعيد، انه بلد يمتليء بالفنانين والادباء والكتاب والممثلين وفيهم من اجمل الاصوات في العالم، والموهوبين من كافة المشارب، والى جانبهم هناك العبثيين والوجوديين ولا يملك في داخله الا العيش كيفما كان، ترى محششا لا يهمه الا الحصول على مخدراته وينعزل في الزوايا المتروكة للمدينة ويصادقه الصحي الفكر والعقل البعيد عن اي مرض نفسي وجسمي . اي ترى الابيض حاملا كل الصفات الحسنة مع الاسود الذي يحمل عكس الصفات لمن بجانبه، اسود من كل شي بمعنى الكلمة وابيض بكل شي ومعنى وصفة وخلق يتشاركان الموقع والمنطقة .

التاريخ الايراني المليء بالاحداث التي فرضت توارث مجموعة من السمات الفريدة لهذا الشعب لا يمكن ملاحظتها في اية بقعة اخرى في المنطقة او العالم، وهو وجود الشجاعة الفائقة في شخص في وقت ما والجبن الفاقع فيه وفي ذات الشخص دون غيره في اوقات اخرى .

اليوم، ويعيش هذا الشعب منذ اكثر من ثلاثة عقود ونصف تحت خيمة حكم اسلامي شكلا ونظام شيعي خاص لا يمت بالصلة بالجزيرة العربية وما انبثق منه هذا الدين بشيء عمقا واساسا . انه نظام قومي ديني يحكم المكونات باسم الاسلام ولكنه يمتاز بالتوجهات والاستراتيجية المذهبية ويحقق من خلالها القومية التعصبية بكل معنى الكلمة . وان كان الاسلام في بعض مراحله ومن اجل انتشاره فرض على نفسه ما هو غير حقيقته من الصفات، فان النظام الايراني المتمثل بالملالي قشر منه ما بدر من الاسلام في مراحل معينة منه من المثالية لاسباب سياسية بحتة ويسير على ما يؤمن من متطلبات القومية الصرفة .

وعليه ليس الحكم في ايران الا نظاما حياتيا ساريا تحت علم الاسلام وبهدف استراتيجي وهو ضمان بقاء الفرس على سدة الحكم باسم ما يميزهم وهو المذهب الشيعي . غير ان الواقع الاجتماعي غير ما يتمناه النظام، لذا لا يمكن لهذا الحكم المتسلط ان يستمر بهذا الشكل من فرض الذات بالقوة الغشيمة والدكتاتورية الدينية المذهبية من اجل استعلاء القومية الفارسية فقط . هناك من الكورد والعرب والاذر ومن المسلمين الشيعة والسنة والكاكائية والعلوية والمندائية والمسيحية والبهائية والايزيدية وغير ذلك من الفخوذ والاقوام المتعددة الاخرى، وكل له خصائصه وطموحاته الخاصة المختلفة عن الاخرين اجتماعيا وسياسيا وفكريا. وعليه لا يمكن الاعتقاد بان يستمر الحال في فرض النظام بالقوة الى النهاية، لان هناك من المكونات التي يمكن ان يزيد عدد سكانها وهي اكثر من القومية المتسلطة من جهة، ولها المقومات الاساسية لبناء كيانها من كافة الجوانب من جهة اخرى ، وعليه ان الواقع الايراني ينتظر خضا للماء الراكد منذ سنوات ويحدث المفاجئة التي لا تنتظرها السلطة الايرانية ولم تفكر بها يوما وسيحدث تغييرا جذريا فيها وفي المنطقة بشكل اشمل اليوم كان ام غدا .

في المثقف اليوم