آراء

لن يكون اليمن لقمة سائغة لأنظمة الإستبداد

jafar almuhajirرغم انشغالنا نحن العراقيين بالكتابة عن هموم وطننا وما يعانيه شعبنا من جرائم الإرهابيين ، وسرقات الفاسدين، ومهاترات السياسيين لكننا نتألم أيضا على كل قطرة دم يسفكها الإرهابيون المجرمون من أوباش القاعدة وداعش ومن لف لفهما من عصابات القتل والجريمة في هذا البلد أو ذاك انطلاقا من المبدأ الإنساني الذي يجمع بيننا كبشر ضد قتلة الإنسان. إن الذي يحز في نفس كل إنسان يحترم كرامة أخيه الإنسان وحقه في الحياة أن يرى هذا الوطن العربي الزاخر بالإمكانات الإقتصادية الهائلة يتحول إلى ساحات مقفلة تحكمها أنظمة إستبدادية رسخت سلطاتها على شعوبها بالنار والحديد. أو تجول فيها عصابات دموية لترتكب أبشع الجرائم عن طريق الإيغال بدماء الأبرياء. لقد أصبح الحاكم العربي اليوم يضرب به المثل في الاستعباد والاستبداد وإهانة النفس البشرية وامتهان كرامتها بأبشع الصور مهما حاولت وسائل الإعلام التابعة له من تجميل وجهه القبيح بمساحيقها.وحين يثور الفقراء المضطهدون على هذا الحاكم المستبد ويشعر بالخطر المحدق به يلجأ إلى إثارة النعرات الطائفية والعنصرية بين أبناء شعبه. ثم يطلب النجدة الخارجية لإنقاذه. وهذا الذي قام به عبد ربه منصور هادي ولبت مملكة آل سعود الاستبدادية رغبته الجامحة في الحكم. فأخرجت طائرات ف16 والتورنيدو والميراج من مخابئها ونفضت عنها الغبار وآنطلقت لتصب حممها على فقراء اليمن لتقضي على المئات من الأطفال والنساء والشيوخ في مخيمات اللاجئين والأسواق العامة، وفي معمل للألبان . (وياحوم إتبع لو جرينه) حتى حكام أفغانستان والعثماني أوردغان سال لعابهم لدولارات آل سعود وأبدوا استعدادهم للإشتراك في المعركة التحريرية الكبرى. !!! ياللعار.

أما القطعان التكفيرية الضالة المتوحشة من القاعدة وأتباعها والتي ترعرعت في أحضان هؤلاء الحكام وفي مساجدهم ومدارسهم والتي ولغت بدماء الأبرياء وجعلت من مساجد الله والأسواق والساحات العامة هدفا لقتل أكبر عدد من الأبرياء.فهم اليوم تحولوا بقدرة قادر إلى( مقاومة شعبية أصيلة) يدافعون عن (الرئيس الشرعي) حسب نظرية مملكة آل سعود وإمارة قطر الوراثيتان .

إن نقل المعركة ضد شعب اليمن يمثل دعما صريحا لقوى الإرهاب لكي توغل في دماء الأبرياء أكثر فأكثر. واليمن هذا البلد الفقيرتعرض إلى سلسلة طويلة من الحروب الدموية التي أزهقت مئات الآلاف من الأرواح عبر التأريخ، لكنه ظل شعبا رابط الجأش ،قوي الشكيمة والإرادة ولقن قوى البطش الظلامية أقسى الدروس . ولم تكن مملكة آل سعود الإستبدادية يوما صديقا مخلصا للشعب اليمني المجاهد .واليوم يسعى النظام السعودي لجعله ساحة لحرب أهلية طاحنة تحرق الأخضر واليابس بحجة القضاء على النفوذ الحوثي . ووصية ملكهم الراحل عبد العزيز آل سعود للعائلة السعودية المالكة بعدم السماح لوجود دولة ديمقراطية قوية في اليمن يعرفها اليمنيون جيدا.

وإذا حقق عبد ربه منصور ووزير خارجيته المعين رياض ياسين حققا رغبتهما بتدمير اليمن من قبل مملكة الشر والظلام فماذا بعد.؟ وهل يقبل اليمنيون الأحرار على مختلف مذاهبهم والذين شاهدوا بأم أعينهم كيف يدمر الحقد السعودي الوهابي وطنهم بهذه الصورة الوحشية (مفاوضات) تحت تهديد السيف السعودي الذي له خبرة طويلة في قطع الرقاب ليكون اليمن تابعا ذليلا خانعا لإرادة آل سعود.؟

إن هذا التدخل العسكري السافر في اليمن ستكون له أوخم العواقب في المنطقه.وسيضيف تعقيدات أخرى للمشهد اليمني المعقد من أساسه. ولا يمكن أبدا لهذا الشعب المتمرس في القتال أن يكون لقمة سائغة لملوك البترول ومشايخه لكي ينشروا (الديمقراطية) فيه بأبهى صورها. كما يدعي ديناصورات الوراثة والظلام. وكان الأجدر بهم أن يحترموا شعوبهم أولا قبل أن يتجهوا إلى إنقاذ الشعوب الأخرى تحت الراية الصهيونية الأمريكية.

وما أكثر فضائح هؤلاء الحكام القتلة في غاباتهم المقفلة ؟وما أشد انتهاكات حقوق الإنسان فيها؟ وما أظلم سجونها وأقبيتها السرية التي تداس فيها كرامة الإنسان بشكل يفوق كل التصورات ويجعل العقل البشري في حيرة من أمره لشدة وحشية القائمين على أمر الشعوب والمتسلطين على رقابها منذ عشرات السنين . إن هذه الدمى المستبدة والأصنام تريد أن تعبد من دون الله ، وتغرس مخالبها القذرة في لحوم شعوبها حتى الثمالة حتى أن تمزيق لحم الإنسان البريئ وهدر دمه وتهشيم جمجمته ببساطيل العسكر المتوحش الذي يأتمر بأوامر السلطان، ويهدم البيوت الطينية على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ أصبح شجاعة مابعدها شجاعة، وفخر كبير للقتلة الأوباش ليقول لهم الحاكم أحسنتم كثيرا.لقد غزت قوات هذه المملكة البحرين لقمع شعبها   وهاهي اليوم تغزو اليمن بطريقة أشد عنفا وهمجية ولم تبعث يوما ما بإحدى طائراتها لضرب هدف صهيوني في كل الحروب التي شنها هذا الكيان على الوطن العربي . ولا يمكن أن تكون هذه المغامرة نزهة في قارب كما يتصورون . فشعب اليمن المتمرس في القتال لايمكن أن يكون لقمة سائغة لآل سعود أبدا مهما حاولت أجهزة دعايتهم قلب الحقائق وضخ الأكاذيب لكن حبل الكذب قصير والأيام القادمة ستكشف ماتبقى من عورات النظام العربي الذي غرق في طائفيته وآنتهازيته .

ومن خلال هذه الهستريا الطائفية التي تجتاح الوطن العربي يرتكب الحكام المجرمون جرائمهم دون حساب أو عقاب ولا حتى احتجاج خجول يصدر من أحد ما داخل هذه الغابات المقفلة التي يصول فيها هؤلاء الحكام الطغاة ومن يفعل ذلك فإنه يذهب في ستين داهية وكأنه آرتكب جريمة الخيانة العظمى.

إن اليمن اليوم يعيش على فوهة بركان وآل سعود يدركون تمام الإدراك إنه يختلف كليا عن البحرين التي غزوها وقمعوا شعبها. ويتذكر اليمنيون جيدا مواقف آل سعود المعادية حين وقفوا ضد الثورة اليمنية التي أطاحت بنظام الإمام الظلامي محمد البدر الذي كان يحرم حتى العلاج على اليمنيين. ولا ينسى اليمنيون حين إنطلقت طائرات ف16 من أوكارها لأول مرة لتدك بيوت الآمنين الفقراء في صعده بوحشية متناهية لم يشهد التأريخ لها مثيلا ولم تستطع قهر إرادة اليمنيين. وهكذا عودنا هؤلاء الحكام الديناصورات في غاباتهم المقفلة كيف يتحولون إلى وحوش كاسرة بحق الفقراء الثائرين . والحوثيون الذين يحاول آل سعود القضاء عليهم اليوم ليسوا إنفصاليين أو انقلابيين أو إرهابيين كما تصفهم وسائل الإعلام الطائفية التابعة لهم ولإمارة قطر. لكنهم يطالبون بحقوق أبناء شعبهم المهدورة منذ أعوام طويلة. فالطائفية التي ملأت صدور وقلوب هذه الأصنام الوراثية هي التي تدفعهم لمحاربتهم والقضاء عليهم . وأقولها بكل صدق وأمانه إنني لم أكتب هذه الكلمات انتصارا لمذهب ما ولكنني انطلقت من أفق إنساني لدعم المظلومين من أية قومية أو مذهب كانوا. ولا أدري كيف ينام هؤلاء (العلماء) من وعاظهم على أسرتهم ويشهدوا مثل هذه الانتهاكات الصارخة في عقر دارهم ثم يطالبون الغرب باحترام الإسلام وقيمه النبيلة ولا تتحرك فيهم المشاعر لنصرة المظلومين من أبناء جلدتهم من المسلمين ويرونهم كيف تتمزق وتتناثر أجسادهم بالمئات في المساجد ويتهمون من يدافع عن حقوقه بتهم ماأنزل الله بها من سلطان.

لقد أصبح هذا الوطن العربي حقا زنزانة كبرى وغابة مقفلة تمارس فيها كل عمليات القتل المحرم وما على الشرفاء والأحرار من الكتاب والمثقفين وكل من يدافع عن كرامة الإنسان وحقوقه من منظمات حقوق الإنسان الكثيرة العدد والقليلة الفعل أن تشحذ طاقاتها لوقف المجزرة في اليمن . وعلى اليمنيين الوطنيين العقلاء أن يوحدوا كلمتهم ويكونوا واعين لما يحاك ضد بلدهم من مؤامرات . والتدخل العسكري الذي يلوح به من لايريد لهذا الوطن أن يستقر سيكون وبالا على هذه الأنظمة المتعطشة إلى هذا التدخل قبل أن يكون وبالا على اليمنيين أنفسهم . لقد أنتصر الشعب الفيتنامي على أقوى دولة في الأرض بسبب عزيمته الجبارة وإرادته بعدالة قضيته. وشعب اليمن ليس أقل عزيمة وإرادة من شعب فيتنام أبدا مهما تجبرالمعتدون وتمادوا في ظلمهم وجبروتهم.

وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.    

 

جعفر المهاجر – السويد

1/4/2015م .

 

في المثقف اليوم