آراء

انتصاراتنا الكبرى .. هل ستجعل مسعود برزاني يعيد قراءة المشهد السياسي من جديد؟؟!!

من المعروف أن السلطة والمال والشيخوخة والغرور، هم من بين ألاعداء الطبيعيين للانسان. والغرور بالذات، داء خبيث يتشبث بالقيم الاخلاقية لشخصية الانسان فيعبث بها سالبا منها محاسن انسانيته وفارضا عليه رؤية كاذبة عن الحياة بحيث يرى فيها نفسه الاعظم والافخم . والغرور يدفع بالانسان، وخصوصا عندما يكون في قمة السلطة السياسية، على تصورعن نفسه كونه الاقوى والاكثر حكمة وشكيمة بين خلق الله تعالى، وان الاخرين ما هم سوى رعاع واتباع عليهم طاعته والامتثال لامره.

ومن خلال التجربة عمليا، فقد وجدنا أن الكثير من صفات الغروروالانانية هذه قد تمثلت، وللاسف في شخصية السيد مسعود برزاني الذي ظل على مدى الاثنتى عشرة سنة الماضية يتبختر بنوع من الوهم وفي شعور بالتفوق على الحكومة الاتحادية وعلى شعبنا، الى درجة أن غروره أعمى بصيرته بحيث لم يستطع ان يدرك أن الشعور بالغرور يشترط أيضا دوافعا ذاتية تمتاز بالاصرارعلى الاحتفاء الكبير بكبرياء الذات، بحيث كان على السيد مسعود برزاني ان لا يعيش هذه السنوات الاثنتي عشرة الطويلة على نهب الثروة النفطية وسلب الموارد العراقية وممارسة طرق الاحتيال البعيد عن كبرياء القائد سياسي المفعم والمتصالح مع غروره. وان لا يقبل لنفسه مد يده للحكومة الاتحادية طالبا المساعدات، بينما هو في الوقت نفسه، لا يزال يرفض الاعتراف بالعراق والحكومة الاتحادية وشعبنا ولا حتى بانتمائه اليه!! فغرور السيد البرزاني، اعتمد على الكذب والخديعة ونجح في ان يعتاش على لعبة التهديد بالانفصال، بسبب ان اهداف غروره تلتقي تماما مع أهداف معظم هذه الكتل الساسية السنية – الشيعية - البعثية، وما تتميزبه من جبن وخنوع وموت الاخلاق والضمائر والتي لا يهمها شيئ سوى مصالحها . فقد عودتنا مواقف السيد مسعود دائما على دعمه لكل ما من شأنه الاسائة للعراق وشعبه، الى درجة، انه جعل من الاقليم ملاذا لكل خائن ونذل من هذه الكتل وغيرها.

ان الوضع السياسي الاجرامي الذي خلقته هذه الكتل السياسية وحافظت على استمرار وجوده، كان أيضا من اسباب غرور مسعود برزاني . فلقد اعتاد هذا الرجل، انه كلما اراد مكسبا ضخما على حساب بؤس الشعب العراقي، راح يهدد بالانفصال، فتهرع له الحكومة حينئذ بالسمع والطاعة، بينما تهب للوقوف معه تلك الكتل السياسية الذليلة التي لا حظوظ لها لدى شعبنا، فنجد البرزاني يلوذ بالسكوت الى حين بعد ان يتسلم "الجائزة"، ثم لا يلبث ان يبدأ من جديد من اجل جائزة اخرى ...!!

أن غرور السيد مسعود برزاني قد تجلى من خلال سلوك لا يحتاج الى الكثير من التحليل النفسي، اذ يكفي أن جانبا اخرمن اسباب هيمنة الغرورعلى ذاته، أنه اعتقد ومن خلال تصريحات كثيرة، أن البشمركة قوة منيعة لا تقهر، والى درجة، انه وتحت ذلك التصورالمريض، لم يتورع من خيانة الامانة والأيدي العراقية التي تقدم له الاموال الطائلة بغير استحقاق له وبغيرشرعية وبلا عرفان للجميل منه، حيث سول له غروره، بالاعتقاد ان القوات العراقية التي انهارت امام داعش في الاشهر الماضية، سوف لن تقوم لها قائمة بعد الان. وأن العراق قد انتهى كدولة وكوطن، وان داعش باقية وستبسط خلافتها الدموية في العراق. وانها ستفرض على العراق التقسيم، وعندها، سيبادر مسعود للمصالحة مع داعش، وسوف لن يتورع من تقاسم عائدات نفط كركوك مع المنظمة الارهابية !! وهكذا بانت خيانة مسعود برزاني لمبادئه الكردية والاخلاقية التي طالما تبجح بها، بعد استغلاله الاحداث المفجعة وسيطرت قوات بشمركته الارهابية على ما يسمى بالاراضي "المتنازع" عليها، اضافة الى كركوك.

لقد استغل مسعود برزاني احداث فوضى الغزو الارهابي لداعش واجتياحهم المفاجئ للموصل وصلاح الدين وديالى والانبار، ليزيد العراقيين مصائب وارهابا فوق ارهاب داعش، فسارع لاحتلال كركوك والمدن الشمالية الاخرى، ومارس الاضطهاد ضد الاقليات هناك وتهجيرالاطفال والنساء من بيوتهم ومدنهم. وكان التبرير لاحتلاله ذاك، ان "الجيش العراقي قد انسحب منها وان البشمركة دخلت لحمايتها" !! .

ولكن، وبعد اسبوع واحد فقط من تصريحه الاول، وجدنا السيد مسعود يصرح، (ان البيشمركة سوف لن تخرج من الاراضي التي احتلتها، وان على الحكومة الاتحادية التعامل مع "الواقع" الجديد بعد احتلال كركوك)... !!!

أن ارهاب البرزاني هذا في احتلاله للاراضي العراقية، هو نفس التعريف الرسمي لمصطلح الارهاب المعروف في قواميس اللغة، والذي اراد به تقويض السيادة العراقية في توقعه انهيار النظام، تماما، كما هي اهداف ارهاب داعش. فلقد اعتقد مسعود برزاني ان احتلاله للاراضي العراقية سيسهل عليه مساومة الحكومة الاتحادية (في حالة بقائها)، وفرض عليها شروط "احتلاله" ذاك، ومن ثم اضطرارها "الاعتراف" بالامر الواقع؟؟!! وارهاب السيد مسعود برزاني لا يقتصر على احتلاله للاراضي العراقية فقط، بل باعتقادنا، أنه يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية اجتياح ارهاب داعش للموصل، حيث كانت قوات كبيرة من البيشمركة تتمركزفي الموصل لحمايتها عند الاجتياح . ومع كل ذلك الابتذال الاخلاقي الذي مارسه السيد رئيس الاقليم، وجدنا حكومة العبادي مع الائتلاف الشيعي - البعثي، كانوا أول من نهض لمباركة ذلك الاحتلال المهين لرئيس الاقليم، معبرين عن لا اخلاقيات لا يمكن ان نجدها إلا لدى عصابات المافيا. ووجدنا السيد عادل عبد المهدي، وبروحه المفعمة بالاحقاد والشعور بالنقص لماضيه السياسي الانتهازي المعروف، وكواحد من "منظري" هذه الكتل التي لا حظوظ ولا احتراما لها لدى شعبنا، وجدناه يعقد اتفاقية نفطية جديدة مع البرزاني ويمنحه المليارات من اموال شعبنا، بلا خوف او خشية من احد، فويل لهؤلاء من غضبة شعبنا !!

واليوم، وباذن الله تعالى، وشعبنا يعيش زهو انتصارات قواتنا المسلحة والحشد الشعبي والعشائر المباركة ويملئ جوانحنا بالفخر والتقدير بهم في هزيمة داعش وتحريرصلاح الدين وامرلي وجرف الصخر والضلوعية وديالى، وقلب كل الموازين والتصورات، نود ان نتسائل عما اذا كانت تلك الانتصارات الرائعة تعني لرئيس الاقليم شيئا جديدا لم يكن في الحسبان؟ وانها كفيلة لايقاظ غروره من سباته الطويل ومواجهة الواقع الجديد؟ وهل ان السيد برزاني سيعيد حساباته فيتعلم درسا عظيم الاهمية، من ان العراقيين لا ينامون على ضيم؟ وان البشمركة مع احترامنا الكبير لبسالتهم، لكنهم لا يمكن ان يكونوا وسيلة مطلقة لاشباع غرور السيد رئيس الاقليم في التمادي في بسط ارهابه على الارض العراقية؟؟!! وأن عليه الانسحاب بشكل ودود وطوعي من الاراضي العراقية التي احتلها وترك امور تقرير كل تلك الاختلافات الى الدستور وارادة العراقيين من الشعبين العراقي العربي والكردي. وان لا يتناسا، ان عزيمة العراقيين لن تموت ولن تخمد، وان ارضنا العراقية تعني العرض والشرف الذي لا تفريط بهما؟ وان السياسيين الجبناء الذين كانوا يتبادلون الاستقواء برئاسة الاقليم، سوف لن يستطيعوا بعد اليوم ان يكونوا أنذالا وخونة ثم يتركوا على اهوائهم كما كانوا بالامس من تلك المواقف . وسوف لن يحميهم من بطش شعبنا، غرور السيد مسعود مهما ظل أعمى وجامحا.

كما ونأمل بقليل من الحرج من انفسكم يا سيد برزاني عندما تصرحون، أنه "يحزنكم أن تكون الشهادة والتضحية من نصيب شعب كردستان ويكون الاعتبار لأناس "آخرين"...؟؟؟!!!

فالعراقيون هم وحدهم الذين يقاتلون ويستشهدون دفاعا عن العراق، ولا أحد غيرهم، ولولاهم لما تمت هزيمة داعش الكبرى هذه..  

كما ونأمل أيضا أن نجد الحكمة والموعظة الحسنة قد حلا مكان الغرور والصلف، وان نجد السيد رئيس الاقليم وقد عاد اليه رشده وبصيرته من اجل قراءة الاحداث الجديدة وبشكل مختلف، فيصبح مواطنا عراقيا مخلصا كما نتمناه له...

 

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

في المثقف اليوم