آراء

انتخابات نيوسوث ويلز عِبرٌ ونتائج

abas alimoradبعيداً عن عدد المقاعد التي خسرتها الحكومة او ربحتها المعارضة، وبعيداً عن نسبة التأرجح في الأصوات التي بلغت 9% لصالح حزب العمال، فإن انتخابات نيوسوث ويلز تميّزت عن غيرها من انتخابات جنوب استراليا، كوينزلند او فكتوريا التي خسرت فيها حكومات الأحرار بعد فترة حكم واحدة، ليس بالنتائج فقط.

اين وكيف تميّزت تلك الإنتخابات عن غيرها؟

مايك بيرد رئيس وزراء الولاية الذي وصل الى الحكم بعد استقالة باري اوفاريل العام الماضي الذي اخفق امام "ايكاك"هيئة التحقيق بالفساد في الولاية بتذكر هدية عبارة عن قنينة نبيذ بقيمة 3000$، بيرد ذهب الى الإنتخابات ووضع على اولويات حملته الإنتخابية بيع او تأجير 49% من شبكة توزيع الكهرباء (الاسلاك والاعمدة) في الولاية لمدة 100 عام، لتنفيذ مشاريع البنى التحتية من الاموال التي ستدخل الى الخزينة اذا حصل البيع، طبعاً بالإضافة الى وعود اخرى، واستطاع بيرد ان يعود الى الحكم بأكثرية مريحة (54 مقعدا من اصل 93 عدد مقاعد مجلس النواب) واستطاع ان يشكّل حكومة وضع عليها بصماته، كافأ الناجحين من وزرائه واقصى الذين تقاعسوا عن إداء واجبهم تجاه ناخبيهم، حزبياً واستطاع بيرد ان يتخلص من عناصر جناح اليمين المتشدد ويعيد تمركز الحزب في الوسط، سياسياً وليس على مستوى ولاية نيوسوث ويلز بل على المستوى الوطني. استطاع بيرد ان يعيد رسم الخريطة السياسية ليعيد بعض الثقة المفقودة بين المواطنين والسياسيين خصوصاً بعد فضائح الفساد التي طاولت سياسيين من كلا الحزبين في نيوشوث ويلز او على المستوى الفيدرالي، بالاضافة الى ظاهرة التراجع عن الوعود الإنتخابية من قبل الحزبين الكبيرين التي برزت خلال العقد الأخير، رئيس الوزراء العمالي كيفن راد تراجع عن وعود تتعلق بالاتجار بالكربون للحد من الإحتباس الحراري بعد ان اعتبرها اكبر خطر يهدد البشرية، جوليا غيلارد رئيسة الوزراء العمالية أيضاً تراجعت عن وعدها بعدم فرض ضريبة الكربون، رئيس الوزراء الحالي الأحراري طوني ابوت حاول فرض ضرائب على زيارة الطبيب وتعديل قوانين التعليم الجامعي وتغيير نظام المعاشات للمسنين والإقتطاع من ميزانية اذاعتي اس بي اس واي بي سي وتعديل قوانين مكافحة الإرهاب دون ان يعلن عن اي من هذه التعديلات والضرائب اثناء حملته الإنتخابية قبل ان يعود ويتراجع عنها جميعها تقريبا بسبب الضرر السياسي الذي الحقته بحكومته وزعامته التي وصلت الى حد تحدي تلك الزعامة، نشير الى ان حزب العمال وقف مع الحكومة في ما يتعلق بتعديل قوانين الارهاب والإحتفاظ بمعطيات الإتصالات (ميتاداتا) لمدة سنتين بعد ان ادخل عليها تعديلات تتعلق بحماية الصحافيين بعدم الكشف عن مصادر معلوماتهم. بالإضافة الى ذلك كانت التحديات السياسية على الزعامة داخل الحزبين سواء كانوا في المعارضة او الحكم، غيلارد - راد، راد - غيلارد (عمال)، مالكون بيرتبول - بريندن نيلسن - ابوت- تيرنبول (الأحرار) والتصويت الأخير بالثقة على زعامة رئيس الوزراء كلها كانت عامل من عوامل زعزعة ثقة الناخبين بالسياسيين، فعليه نستطيع ان نقول ان ما بعد انتخابات نيوسوث ويلز ليس كما قبلها.

اما على الضفة السياسية الأخرى في الولاية واثناء الحملة الإنتخابية، فقد اثبت زعيم المعارضة لوك فولي رغم قصر الفترة الزمنية لتوليه زعامة المعارضة (3 اشهر) انه استطاع ان يعيد للحزب توازنه السياسي وحصد 34 مقعداً رغم تعرض حملته الإنتخابية بمعارضة خصخصة قطاع الكهرباء لنيران سياسية صديقه من قبل سياسيين وقيادين سابقين في حزب العمال من الوزن الثقيل امثال مارتن فيركسون وزير الطاقة الفيدرالي السابق ووزيز الخزينة السابق في نيوسوث ويلز مايكل كوستا الذي كان من أشد معارضي خصخصة قطاع الكهرباء سابقاً وكذلك فعل رئيس الولاية الاسبق بوب كار ووزير خزانته مايكل ايفن الذي كتب مقالة في صحيفة ذي سدني مورننغ هيرالد بعد الانتخابات دعى الى اعادة النظر بسياسة الحزب ورئيس الولاية الأسبق موريس يما الذي اطيح به من رئاسة الولاية في ايلول من العام 2008 عند محاولته بيع قطاع الكهرباء للقطاع الخاص.

لم يتمكن فولي من استعادة بعض المقاعد التي تعتبر تاريخياً من معاقل حزب العمال مثل بيرث وباراماتا، وخسر حزب العمال مقعدي بالمين ونيوتاون لصالح حزب الخضر الذي اعطى اصواته التفضيلية لحزب العمال في 23 مقعداً آخر، ولاقت خسارة هذين المعقدين انتقادات من قبل قيادات نقابات العمال التي رأت ان الحزب ينزف شعبياً لصالح الخضر، وهناك مقاعد اخرى تقدم فيها الخضر على العمال بالإصوات الأولية لقصور في سياسة الحزب بإستعادة قواعده خصوصاً من جناح اليسار.

أخيراً، استطاع فولي كما بيرد اثناء الحملةالإنتخابية ان يرتقيا الى مستوى متقدم بالسجال السياسي الذي لم ينحدر الى الهجوم الشخصي والتجريح، وهذا الأمر كان ملفتاً للنظر في خطاب الإقرار بالهزيمة والذي اشاد فيه بمنافسه والرد الذي لاقه به بيرد.

يبقى علينا الإنتظار فيدرالياً حتى موعد الميزانية القادمة في أيارالقادم، لنرى اذ اتعظ السياسيون من انتخابات نيوسوث ويلز، وحتى العام 2019 لنرى كيف ستسير الأمور وهل ستعدّل المعارضة من مواقفها لتواكب التطورات السياسية والتغييرات الديمغرافية والإقتصادية والعودة الى قواعدها، مع العلم ان زعيم المعارضة لوك فولي ترك الباب مفتوحاً لأي تغيير في حال موافقة المجلس السياسي للحزب(الكوكس).

 

عباس علي مراد

سدني

 

 

في المثقف اليوم