آراء

العراق بحاجة لستة وزراء خارجية؟!!

العراق بحاجة لستة وزراء خارجية، ولا يحتاج لخطب إرتجالية!!

ذلك أن معضلة العراق الجوهرية والتي ما أدركتها الأنظمة السياسية المتعاقبة، أنه محاط بستة جيران ذوي مصالح متقاطعة، ومن واجبه أن يتعلم كيف يوازن علاقاته معهم جميعا للحفاظ على أمنه وسلامته، لا أن يلعن الجغرافية ويلقي باللائمة على الآخرين ويبرئ نفسه مما أصابه.

وقد فشلت الأنظمة السابقة والحالية في وعي أهمية الجد والإجتهاد، لإبتكار آليات التفاعل الدبلوماسي السياسي الحكيم القادر على تحقيق مصالح البلاد وحماية العباد.

والفشل يتحقق بفقدان آليات التوازن، وغياب الذكاء الدبلوماسي، والميل لهذا الطرف ضد ذاك، وهكذا مضى العراق مثل قشة في مهب رياح وعواصف التفاعلات القائمة ما بين الأطراف، ولذلك أنجز أفظع الخسائر الحضارية في تأريخه.

فعلى مدى القرن العشرين لم يتمكن العراق من بناء علاقات حسن جوار مع أية دولة جارة له، بل دخل في حروب مع جارتين وتوترات متواصلة مع الباقين، ووجد نفسه في عام ألفين وثلاثة محاط بخمسة أعداء أو ستة، وهذا دليل على فداحة الغباء السياسي والدبلوماسي.

بينما المطلوب أن يتعلم العراق كيف يبني علاقات طيبة مع جميع جيرانه، وهذا يوجب عليه أن يمارس الدبلوماسية الزئبقية، أي أن لا يعطي لزمة لأحد ضد أحد، وإنما هدفه أن يلزم نفسه وبحافظ على مصالحه، وفقا لتوافقية مع كل جارة وبخصوصيات ومهارات معاصرة، مبنية على دراسات علمية وبحثية وخبرات مهنية بآليات ونظريات الحوار.

وعليه فمن الأنفع للعراق أن تكون في وزارة الخارجية ستة دوائر مهنية علمية بحثية متخصصة بكل دولة جارة، هدفها أن تبتكر الوسائل والإقترابات اللازمة لتحقيق أفضل العلاقات معها، وفقا لمقتضيات المصالح المشتركة، وأن لا تكون مع أية دولة جارة ضد أخرى أو على حسابها، وإنما تكون العلاقات متوازنة ومبنية على المصلحة الوطنية العراقية الصرفة وحسب.

ومن هنا فمنهج الدبلوماسية الزئبقية هو الأنفع للبلاد وللأجيال القادمة، ومن غير وعي هذه الحاجة الضرورية الملحة، فأن العراق سيبقى فيما هو عليه من الدوران في أفلاك التداعيات، ولن تسعفه أية قوة في الدنيا، وعليه أن يتعلم كيفيات إسعاف نفسه.

فهل ستنطلق مدرسة دبلوماسية ذات أعراف وقيم وطنية خالصة، ورؤية واعية مسترشدة بتجارب ماضية أعطت دروسا قاسية، أم أن مسيرة تكرار الأخطاء والخطايا ستتواصل، وممارسات الخسران ستتضاعف، وحصاد الرماد والرمال سيتعاظم؟

تساؤلات تستدعي تأملا ونظرا وإيمانا بالعراق والإنسان!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم