آراء

تداعيات الاتفاق النووي الايراني الغربي على محاربة داعش

emad aliلا خلاف على ان داعش رغم وجود الارضية المناسبة في المنطقة لامتداده واجتياحه لاراضي شاسعة في المنطقة في الوقت القياسي الا انه نتاج اللعبات المخابراتية العالمية والاقليمية المتداخلة مع الخطوات السياسية والعسكرية المطلوبة لتحقيق اهداف استراتيجية اقليمية وغربية في المنطقة. ليس بغريب ان تعلن امريكا ان انهاء داعش سيتطلب فترة زمنية بحوالي ثلاث سنوات بالتمام والكمال او اكثر في بداية اجتياح داعش العراق، ولم يقف داعش في مسيرته التخريبية بعد،و ابى ان يقف عن حده المقبول عسكريا وفق كل الخطط العسكرية التي تفضل الامتداد خطوة خطوة بعد مسك الاراضي، الا ان اقتربت من مشارف بغداد واراد ان يخرج عن الطاعة ورد عن عقابه.

اليوم وقد بدات المنطقة مرحلة جديدة واستهلت معادلات مغايرة لما كانت عليها قبل الاتفاق النووي الايراني الغربي وحرب اليمن.

لم يعد اسقاط النظام السوري على راس اللائحة التي ادعتها القوى الكثيرة غير امريكا اتي ترددت منذ بداية الامر وحللت وفسرت وحسبت الحسابات بدقة قبل ان تطلب او تفعل لاسقاطها، وتوقفت في اللادعم واللااسقاط الى ان وصلت الى ما هي عليه اليوم، واستفادت كثيرا من التردد، وفضلت على حد قولها في حل المسالة داخليا تقريبا منافسة لروسيا على الارض رغم مخالفتها تصريحا وقولا في اكثر الاحيان وهي اي روسيا التي بقت على موقفها الحازم الواحد دوما ومنذ البداية، وروسيا التي دعمت هذا النظام ومانعت ونجته من الوقت المناسب ونجحت في الوقوف ضد كل من يفعل غير ذلك، بل اسندت النظام بكل ما تملك من القوة على الارض ايضا دون اي رادع.

الان، لم يعد حزب الله عدو اسرائيل الاول، رغم رفض اسرائيل الاتفاقية الايرانية الغربية بصيغتها الحالية، وهي تضغط على الكونرس الامريكي لحد اليوم على منع مضي الاتفاقية بما اتفقت عليه من قبل الدول المعنية، واعلنها السيد نصرالله بعظمة لسانه، كما قال لم تعد هناك معركة مع اسرائيل في المنطقة في المرحلة المقبلة، وهذا تغيير لمسار الممانعة بدرجة كبيرة، بحيث يؤثر على كل المعادلات وتتاثر دول المنطقة بمواقف حزب الله الجديدة وتوجهاتها المختلفة وتتاثر ما تجري في سوريا والعراق من الناحية السياسة وا لعسكرية والحال الموجودة الان فيها بمجريات امور الدول المجاورة لاسرائيل وفي المنطقة بشكل عام .

لا يمكن ان ننتظر نصرا حاسما وقاطعا لتحالف عاصفة الحزم على الحوثييين رغم تطمين امريكا لهذه الدول حول الاتفاقية التي عقدتها مع ايران ودعت دول الخليج الى كامب ديفيد ثانية من حيث المضمون والمتفرغ منه المخطط الامريكي الذي يهدف الى منطقة شرق اوسط مغايرة كما هو المفروض من قبل بنوك امريكا الفكرية التخطيطية الاستراتيجية ومعاهدها السياسية المرشدة .

تزايد دور ايران وجذبها لدول كان بالامكان ان يكون لها دور اكثر قوة في قضايا المنطقة الحساسة بمواقفها الحاسمة كتركيا والصين وباكستان وغيرهم من دول الشرق والاوربية بعد ةان سمعت تصريحات لا تعجبها من بعضهم . وبه يمكن ان تميل كفة الميزان الى جهة دون ان تعبر الخط المحدد لها ومن ثم تنتقل الميلان الى جهة اخرى وفق ما تتطلبه المصالح الغربية وامريكا بالذات، وهي التي تحدد زمن المرحلة او مدة ميل الكفة لتحقيق خطة تكتيكية او استراتيجية في تلك المرحلة .

هناك دولة خليجية محايدة وهي سلطنة عمان مع تحفظ بعض اخر ضمن المجلس الخليجي ضمنيا وحتى ان لم يعلنوها على الملا، وهي من الدول تعيد الحسابات وربما تتحفظ اكثر فيما بعد وتقف عند حد لا تغيض ايران في اية خطة تتخذها لمصالح عديدة منها قربها من ايران جغرافية وديموغرافية ايضا، وما تفرضها جيرتها لايران اكثر من السعودية وما تفضلها مصالحها، وهي مختلفة الى حدما مع ما تريده السعودية، وهذا ما يخفف ثقل تحالف عاصفة الحزم ويؤثر سلبا على تاسيس جيش عربي مشترك الذي لا يمكن انبثاقه دون التعاون الخليجي والعربي التام في هذا الوقت الذي يثقل الازمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض سعر النفط كاهل هذه الدول كافة .

على ما سبق من تغيير المعادلات يمكن ان نخرج بعدة استنتاجات حول حرب ومستقبل داعش ومحطاته المرسومة لها بعلمه او دونه، وهو يخططها او تصل اليه جاهزة من ثم ينفذها بتغيير توجيهاته وافعاله دون ان يعلم او برضى رؤسها المشبوهة .

لقد كسر ضلع واحد على اقل من جسم داعش بعد تحرير تكريت ومناطق اخرى حولها خلال هذا الشهر، رغم تاخر العملية في موعدها وعن مسارها كثيرا لاسباب سياسية وعسكرية وما ارتبطت بعوامل خارجية واجواء المفاوضات الامريكية الايرانية في جنيف .

اليوم، ليس امام الحكومة العراقية بظروفها الحالية من كافة النواحي السياسية العسكرية الاقتصادية الا رفع ضيم داعش كاولى اولوية في الوقت المحدد الذي يناسب المهتمين قبله، لا انه ليس في مصلحته تاجيل العملية اكثر من اللازم، وفي المقابل ما يراه المتابع من التحضيرات والاستعدادات الجارية على قدم وساق من قبل داعش في موصل مما تجعل معركتها هي اما قضم لظهرها او لمن يحاربها، وهي بداية حسم الامر وما تكون عليه المنطقة شاملة خلال عشر سنوات المقبلة . الا ان كل الاحتمالات وما تفرضه ظروف ايران المستجدة وحرب اليمن ودور السعودية فيها سيجعلنا ان نتوقع الكثير من السيناريوهات ومنها محاولة اطالة الحرب والتوشيه في اللعبة التي بداتها امريكا ومن قبلها لحين تحديد او حسم امر اليمن او متوازيا مع حرب داعش، وربما في الوقت المحدد الذي يمكن ان تعمل عليه امريكا لما تفضله في المنطقة، لانها هي التي حددت وقت تحرير تكريت في اخر المطاف وتدخلت وشاركت رغم انف الجميع . وعليه فان ايران وامريكا ان سارت امورهما كما هي عليه الان، فان حسم نهاية حرب موصل سيكون بايديدهما سياسيا وعسكريا، ولا يمكن ان يكون العراق حرا في تحديد الوقت والكيفية وشكل المعركة ومابعد حرب الموصل مهما ادعى الاستقلالية وخصوصية الامر وما تتشدق بها السلطة من السيادة الوطنية، لان ما جرى في حرب تكريت يدلنا الى تفوق الراي الخارجي على سلطة العراقية . فان لمعركة الموصل اصحاب عديدة، وهي غير تكريت التي كانت يتيمة الى حد ما وكانت داعش لوحدها اما الكثيرين، اضافة الى خصوصية الموصل من جميع النواحي الاجتماعية وا لاقتصادية والجغرافية والديموغرافية وحتى الموروثات التاريخية، لذلك نجد في يحنه ان تكون لها اصحاب، ويبرز مهتمون كثيرون بمعركة الموصل وما يهدفون لنهايتها وما بعدها، اي ان كانت السلطة العراقية خضعت لما اقدمت عليه امريكا من منع ادامة حرب تكريت لبعض الوقت لامور داخلية، فان معركة الموصل تكون متعلقة بامور دول كثيرة خارجية، اضافة الى امريكا وايران وتركيا والدول الاقليمية العربية . فان الاتفاقية الايرانية الامريكية ستكون لها تاثير مباشر على مباحثات كيفية جريان معركة الموصل وما تقدم عليه الدولتان امريكا وايران في هذا الشان اكثر من سابقتها حرب تكريت، ولم تقف تركيا بعيدة في هذا الشان كما فعلت من قبل، فهي اما ان تنسق مع الاثنتين امريكا وايران فيما يخص تحرير الموصل والمعركة بتفاصيلها وما بعدها او تفعل ما تتمكن منه للتاثير على مسار المعركة او ربما تقف ضدها او تشعل الضوء الاخضر لامور لديها وهي تعتبر الموصل ملكها الصرف رغم عائديتها رسميا الى دولة العراق، وهي فعلت من قبل من تكتيكات كثيرة من خلال تحريك داعش وتغيير توجهاته، كما فعلت على توجهات داعش نحو اقليم كوردستان. وعليه، ان اتفاقية ايران مع الغرب ستؤثر بشكل مباشر على معركة الموصل، ولم نجد السلطة العراقية الا منفذة على الارض وتنتظر ما تصل اليه المدينة من النتيجة العسكرية وربما براي بسيط لانها لا يمكن ان تفرض ما لا يتوافق مع الكبار رغم خصوصية الامر وشانه الداخلي . ولكن في كل الاحوال، ان المتضرر الوحيد هو الشعب العراقي المغدور وما يشجع عليه من التضحية على امور فرضت عليه دون ان يكون له فيها اية منفعة ذاتية انسانية، وما يحرك الجانب السياسي والعسكري الذي يحتاج الى دماء وتضحيات هو الايديولوجيا والمصالح العالمية والمناطقية والاقليمية التي تضر بافراد الشعب العراقي في النتيجة وهو ليس له يد فيما يحصل ولم يحصل فيه في اخر المطاف لا ناقة ولا جمل ابدا، ولن يعود الامر في الوضع العراقي وبالاخص في الموصل في اكثر الاحتمالات الى سابق عهده على الاقل ايضا .

 

في المثقف اليوم