آراء

هل تركيا حليف السعودية والغرب ام؟

emad aliالنوايا التركية الانية والبعيدة المدى معلومة التوجه والمضمون اامتابع المدقق في سياساتها وخطواتها، ولم تالو تركيا جهدا في اللعب بين الموانع السياسية المنتشرة في المنطقة والبارزة تامنفلقة نتيجة المشاكل الكبرى او ناتحة من الازمات الجديدة من جهة، او الموجودة اصلا نتيجة الصراع القومي المذهبي في المنطقة من جهة اخرى. هناك توافق فكري عقيدي ايديولوجي قابض على حركة بعض الجهات ومنها تركيا، نتيجة الالتزام بما هو لصالح الجهة المعنية الملتزمة بتلك الافكار وما تتبعه من التحرك المضاد حتى لنفسها احيانا لاسترضاء الضد عقيديا وفكريا، للحفاظ على التوازن السياسي الدبلوماسي الذي يحتاجه اليوم ليس الا .

تركيا تناور دبلوماسيا خارجيا في هذه المرحلة لتعرف الى اين تصل في توجهاتها الداخلية المهتمة بالتغيير الجذري في فلسفة والية حكمها المستقبلي والتغييرات المستوجبة لتطبيق ما تهتم وتنوي من الانتقال الى الحكم الرئاسي المستند على الخلفية العثمانية الخالطة مع العلمانية الثابتة في الارضية الموجودة كوريثة للافكار الاتاتوركية في العقلية العامة والوعي العام، والافكار التي تغيرت وتحولت مرحليا واستثمرت فكرا وعقلية لتصبح تركية خالصة وخاصة جدا بتركيا لوحدها، وهو نادرجدا ما يحصل مثل هذا في اي مكان اخر . اي اليوم تريد تركيا التوائم والتلائم بين ما يفيدها خارجيا مع ما تهدفه داخليا، ولم تجد طريقة الا الاعتدال والتوافق بين مجموعة كبيرة من التوجهات الاقليمية من اجل الوصول الى المبتغى داخليا اولا، ومن ثم رسم سياستها الخارجية حسب المستجد المهتمة به للمستقبل المنظور ثانيا .

تركيا تريد ان تتلاعب وتحيد نفسها شيئا ما بين ايران ودول الخليج من جهة وبين ايران والغرب من جهة اخرى وبين المحورين السني والشيعي بشكل عام من جهة ثالثة، لانها تيقنت بانها لم تستطع ان تشرف وتدير المحور السني لوحدها بعدما برزت السعودية نفسها وانبرت ان تكون هي الاولى قبل اي اخر كان، لان السعودية اجبرت على ان تتخذ الموقف هذا نتيجة بروز دور الاخوان المسلمين الذي يتقاطع مع مصالحها ودعم تركيا لهم، وهذا ما يجعلها ان تخضع لمصالح الاخوان عند رضاها عن ان تكون تركيا الاخت الاكبر .

على الصعيد الداخلي، تركيا مشغولة بنفسها كدولة تريد الانتقال من مرحلة الى اخرى مغايرة كما هي موجودة فيها الان شكلا ومضمونا اي من السلطة البرلمانية الى الرئاسية، وهذا يكون تراجعا عن الديموقراطية وحتى العلمانية ان افلح حزب العدالة وا لتنمية في تحقيق اهدافها ومرام رئيسها في ان يكون سلطان عصر العثماني الجديد ان تمكن من ذلك . وحسب كل المؤشرات ربما تستطيع تركيا داخليا في تحقيق ما ترمي اليها الا انها لم تستطع ان تحقق ما تروم االيه مستقبلا، وربما تجد لها عوائق داخلية ان لم تنه مشاكلها الداخلية باسترضاء وقناعة الجميع من الناحية السياسة والاجتماعية والاقتصادية ايضا .

على الصعيد الخارجي، اخطات تركيا كثيرا خلال السنين السابقة، اعتقدت بانها لم تجد طريق اخرى غير االتزام بالدعم الكلاسيكي لما يؤمن به حزب اردوغان، فلم تدعمها في ذلك اي في خطواتها المكشوفة الوقحة غير القطر، وفي المقابل ازدادت من المعادين لتوجهاتها ولم تبقي المحايدين على موقفهم، وابعدت المسافة بينها وبين الاخرين المنتظرين لما تنويه تركيا لبيان المواقف الواجبة اتخاذها كدول الخليج عدا القطر، ولم تكتفي بهذا فقط بل كسبت استعداء مصر والدول العربية الاخرى السارية على نهج مصر ومن اصدقائها القريبين الذي يجمعهم المصالح المتبادلة .

ياست تركيا من الاتحاد الاوربي نتيجة عدم توفر نية او حتى التلميح لقبولها كعضو حتى مراقب في القريب او البعيد، وهذا ليس نابع من عدائهم لتركيا بل لعدم توفر او توفير الشروط الواجبة وجودها في دولة تعتبر نفسها اوربية وتحب ان تتسم بسماتها، من النواحي السياسية، الديموقراطية، الاقتصادية والحرية وبالاخص من ناحية الحفاظ على حقوق الاعراق والاقليات وحقوق الانسان، اي في كافة الملفات الساخنة التي يعتمد عليها الاتحاد الاوربي في مسيرته ونظرته الى الحياة . وفي المقابل توجه تركيا الشرقية اي ايران وروسيا لم يتم بسلام كامل بحيث يجعلها ان تدير وجهها نهائيا، بل ازدادت تعقيدا نتيجة بروز القضية الارمنية ايضا وباكثر قوة في ذكرى حدوثها في هذه السنة، من النواحي القانونية القضائية والسياسية ايضا .

وبما تجد تركيا نفسها ضالة بين القضايا الشائكة الداخلية والخارجية لم تجد الا ربما السلطنة واستقواء الذات بها داخليا وكقشة تتشبث بها في نهاية المطاف لتنقذ نفسها من التردد والوسطية المصلحية او اعتماد السياسة اليومية والاستناد على التكتيك فقط لقضاء الوقت والمماطلة في اتخاذ القرارات الاستراتيجة التي تهم نفسها ومكونات شعبها والدول المحيطة بها والاقليم بشكل عام . اليوم نجد ان تركيا حائرة بين امرين، وهي ليست واضحة في علاقاتها وقراراتها رغم اصرارها على دعم الاخوان المسلمين وما ينتج عما تفعل، فهي في غمرة تفكير من اتخاذ القرار حول تحديد وجهتها العربية والاقليمة والعالمية ايضا ، فهي بين المحورين، وبين الشرق والغرب، وبين ايران والسعودية، وبين امريكا والدول الخمس الكبار وايران ايضا .

 

في المثقف اليوم