آراء
رسائل أوباما
زيارة رئيس الوزراء الى واشنطن تتزامن مع ذكرى الاطاحة بحكم صدام على يد الاميركيين سنة ٢٠٠٣، وقيام نظام جديد في العراق بمعايير مختلفة تماما عن سابقه. الزيارة تأتي بعد أيام من التوصل الى اتفاق إيراني - أميركي بشأن الملف النووي الايراني. هي أيضا (الزيارة) تتزامن مع تحقيق تقدم كبير ضد عصابات "داعش" بقوة عراقية محورها الحشد الشعبي، والحساسية لدى واشنطن قبل بعض السياسيين السنة من هذا الدور العسكري الذي يترك آثارا سياسية غير مرغوبة أميركيا. هل من علاقة بين الزيارة وكل هذا وغيره؟. لا يمكن إنكار وجود هذه العلاقة، فشؤون المنطقة مترابطة، ونقطة الربط فيها واشنطن، وذهاب العبادي اليها بدعوة أميركية، وفي هذا التوقيت بالذات يحمل العديد من الرسائل الضمنية التي قد يؤدي تجاهلها هذه المرة الى ما لا نريده ونتوقعه.عادة ما يلجأ الاميركيون الى توجيه رسائلهم بطرق غير مباشرة، وبمستويات متفاوتة تبدأ من "ثنايا القول" لتصل الى مستويات عادة ما تكون باهظة الثمن وحالنا منذ العام ٢٠١٢ وحتى الآن يشهد على هذا. يقول أوباما بعد لقائه العبادي إن "التنسيق بيننا تحسن". هذا يعني ان هناك ضعفا في التنسيق في السنوات الماضية بين الطرفين وأن المطلوب هو تنسيق أكبر. إنها الرسالة الاولى. والسؤال هنا هو: ما هي حدود هذا التنسيق المطلوب؟ وما علاقة ذلك بما تقول واشنطن بأنه دور إيراني في العراق . وحديث أوباما عن "ضرورة أن يمر الدعم الخارجي الى العراق لمواجهة داعش من خلال الحكومة لكي نشعر أنها تملك أمرها وسيادتها"؟. إذن هذه هي الرسالة الثانية: تحفظ على مدى وطبيعة العلاقة مع طهران، وهي رسالة لا يوجهها الى الحكومة العراقية فقط، بل الى الاطراف الاقليمية المنزعجة من الاتفاق النووي مع ايران والمتخوفة من انعكاسه قبولا بدور إيراني واسع في العراق والمنطقة ككل. أوباما تحدث أيضا عن الحشد الشعبي فقال إنه "يجب أن يكون تحت إمرة الحكومة لتكون قادرة على محاسبة من يرتكب انتهاكات لحقوق الانسان". إنها الرسالة الثالثة لكنها ليست بعيدة الصلة عن الثانية. أيضا هي ليست بعيدة عن مضمون رسالته الرابعة عندما قال ان الدعم للعراق سيتوفر حينما يكون هناك اطمئنان بأن فيه حكومة تتمثل فيها كل المكونات. هي ذات الرسالة السابقة التي تثير الكثير من الاسئلة حول دوافعها والاطراف المستهدفة منها، وحجم المشاركة السنية - الكردية التي أشار اليها أوباما، وهل لذلك علاقة بمواجهة إيران في العراق؟. هي رسائل واضحة ربما لم يلتقطها، أو تجاهلها، أصحاب القرار سابقاً، فكانت لذلك تداعيات عالية الكلفة. هي في الوقت ذاته شروط واضحة للاستجابة الى أي مطلب عراقي بتسليح أميركي.
العلاقات بين الدول تقوم على المصالح. رسائل واشنطن السياسية التي عبّر عنها أوباما في حديثه القصير أمام الاعلام عقب اجتماعه بالعبادي، عبّرت عن المصالح السياسية والامنية، فيما رسائل المصالح الاقتصادية تطرح في الاجتماعات الاخرى، دون أن يعني ذلك عدم محوريتها وأولويتها.
هل نعي ضرورة العمل على خلق مصالح متبادلة دون التفريط بالسيادة؟