آراء

أموال النفط .. والتوحش

salem mashkorالفنانون المصريون وفاء الحكيم وحنان شوقي وأحمد ماهر كانوا بين جمع من فنانين وأدباء عرب زاروا العراق مؤخرا كانت لهم وقفة في مكان تنفيذ جريمة سبايكر. شاهدوا بأم أعينهم بقايا الدماء التي تغطي الرصيف-المذبح، وبقايا أجساد الضحايا وهي تُستخرج من مقابر جماعية. قبل أن يعود هؤلاء الى بلدانهم، بدأت ضدهم حملة واسعة مصدرها التيار الوهابي السلفي الذي يهيمن،بالمليارات السعودية، على الاعلام كما السياسة، في مصر ودول اخرى. في مصر حملة على الفنانين المصريين تتهمهم بانهم، بزيارتهم لمكان الجريمة، إنما “وقفوا الى جانب الشيعة ضد السنة”، وفي سوريا انهالت التهديدات على فنان لمجرد انه زار مرقد الامام علي عليه السلام. لكن صرخات الفنانة حنان شوقي وزملاءها، ونقلها تفاصيل مروعة مما رأت، تركت تعاطفا كبيرا من جانب المصريين والعرب الشرفاء .

من ردود الفعل التي أحدثتها الزيارة، سلبا وإيجاباً يمكن إستخلاص الملاحظات التالية:

أولا: كشفت ردود الفعل السلبية، حجم وعمق الهجمة الطائفية الشرسة على العراق، وفي نفس الوقت، حجم النفوذ الوهابي السياسي - المالي الذي حول قطاعات واسعة من شعوب بلدان المنطقة الى كيانات طائفية متوحشة تخلّت عن كل معاني العقل والحكمة والانسانية الى درجة إستنكار أي تعاطف -ولو بكلمة أو دمعة - مع الاف من الشباب قتلوا بشكل وحشي على يد عصابة ترفع شعاراً دينيا - مذهبيا ً.

ثانيا: مضمون هذه الهجمة الطائفية يشير بوضوح الى ان أصحابها يدعمون بشكل واضح الارهاب الذي تمارسه المجموعات التي تشترك في المضمون وتتباين في الاسماء، من القاعدة الى داعش وغيرها . دليلنا على هذا أن الاصوات الطائفية التي تصف حرب العراقيين على داعش بانها حرب الشيعة ضد السنة، تخرس تماما أمام مشاهد قتل العشرات من ابناء العشائر السنيّة من البو نمر والجبور على يد داعش، وتلتزم صمت الاموات أمام مشاهد تهجير أبناء المحافظات الغربية من السنة على يد داعش حتى بات اغلبهم يسكن المخيمات . ناهيك عن سكوتهم على قتل وتهجير باقي الطوائف من مسيحيين وإيزديين وغيرهم . فاي سنة يدافع عنهم هؤلاء؟ . وهل من حاجة الى دليل على أن هؤلاء يدعمون الارهاب فقط ويوصمون السنة بهذه الافعال الشنيعة؟.

ثالثا: زيارة هؤلاء وما خلفته من ردود أفعال، كانت فرصة لكشف حقيقة هذا المدّ الارهابي المتلحف بالسنة، والذي يريد تمزيق الجسد الاسلامي لاهداف واضحة . هذا يعني أن المعنيين عندنا يجب أن يضعوا جانبا كبيرا من تخصيصات المواجهة لجلب الشخصيات المؤثرة في الراي العام العربي والاسلامي لينقلوا الى ساحاتهم حقيقة ما يجري . هذا الجهد يجب أن يكون جزءاً من معركتنا ضد داعش ومثيلاتها .

رابعا: بكاء الفنانة حنان شوقي بحرقة،على الشاشات المصرية وهي تصف بقايا دماء شهداء سبايكر على الرصيف المطل على دجلة، كان رسالة بليغة إجتاحت قلوب وعواطف سامعيها. هذا يعني أن علينا أن نحافظ على معالم وآثار الجريمة ونصونها من أي تغيير لتصبح مزاراً في المستقبل، يحكي للعالم ظلامة العراقيين على يد القريب والغريب .

لنحوّل منحر سبايكر وضحاياه الى مزار، ونجلب - على نفقتنا - المزيد من صناع الرأي العام لزيارته.

 

 

في المثقف اليوم