آراء

الصراع بين المثقفين اكبر من الشرائح الاخرى

emad aliوفق كل المؤشرات والدلائل التي استندنا عليها عمليا او استشرفنا منها تاريخيا، والفحص الدقيق لشريحة المثفين وما استنتجناه من خلال العلاقات المتوترة بين المثقفين في كل زمان ومكان تاكدنا على ان المثقفين هم الشريحة المتنافسة مع بعضه من الاخرين . للتاكد من ذلك بحثنا بدقة في ما سار عليه المثقفون من الزمن الغابر من حيث معايشتهم مع السلطات من جهة وتنافسهم مع البعض ووشاياتهم في اكثر الاحيان على البعض للتقرب من السلطات والحصول على المكافئات حسب الخدمة من جهة اخرى . لم نشهد عصرا نموذجيا او مثاليا لتعايش المثقفين بهدوء مع البعض وفي تنافس عقلاني من اجل انتاج افضل واحسن اي التنافس الايجابي من اجل الثمرة المفيدة للعامة . كان الشعراء اكثر احتداما في الصراع من خلال كتاباتهم، حتى وصلت في اكثر الاحيان لمؤآمرات من خلال الوشايات والتقرب او التزلف للسلطات وانتقادهم لمنافسيهم لرايهم المعارض للسلطات حقيقة او تضليلا وزورا وبهتانا، ودفع المبدئيين اثمانا باهضة في مسيرتهم الثقافية . الادباء والرواة والكتاب كمثقفي زمانهم كانوا على المسير ذاته وان كان بشكل اخف نسبة الى الشعراء التي كانوا دائما قريبين من ابواب السلاطين واكثرهم قربا اقربهم الى ان يعتاش من فتات وبقايا السلطان، ولا ننسى من دفع ثمن مواقفه ونفيه وابعاده عن محل سكنه ووصلت حالات الى سجنه وحتى قتله خفية او اتهامه بشتى التهم وما اكثر من ضربت سمعته الاجتماعية لاسباب سياسية .

على الرغم انه كان الصراع السياسي مؤثرا على الصراع والتنافس الثقافي على مدى التاريخ الا انه ليس بقليل من المثقفين الذين دفعوا ثمن مواقفهم الفكرية الفلسفية واكثر من السياسيين انفسهم . لقد اختلط احيانا ما بين المهنتين وكم من الوزراء كانوا شعراءا وابدعوا في شعرهم والعكس صحيح ايضا، وكم من كتاب وادباء واهل العلم والمعرفة تنافسوا من اجل امور خاصة وتامروا ووصلت الحال بهم الى الغدر بالبعض .

و ان استمر الحال وكما كانوا الى اليوم الا ان حدوث فصل بين المهن تلك وزيادة الاختصاصات في العمل ادت الى التنافس بين المثقفين ذاتهم وفي مكان وساحة عملهم اكثر من توافدهم لباب السلطان من اجل هدف خاص ولم ينقطع هذا حتى يومنا هذا . ان النرجسية التي يتمتع بها المثقف وحبه للحياة وطموحه التي تصل احيانا الى طمع والاعتداد بالنفس لحد الغرور يدفعه الى المنافسة او الصراع المدوي احيانا . وعليه فان التوحد والاتفاق ليس من خصال المثقفين في اكثر الاحيان وانما يمكن ان تستاثر اصحاب السلطات السياسية والمواقع العامة بهم وبامكاناتهم بسهولة تامة . فان النشاط الفكري العقلاني الذي يفرض مجموعة من الصفات والسمات المميزة سواء كانت سلبية او ايجابية على سلوك واخلاقيات صاحبه لا يدع مجالا في اكثر الاحيان ان تتوحد اصحابها او تتعاون مع اببعض، لانهم كلما ازدادوا علما وامكانية وقدرة في اختصاصاتهم امتازوا بالتفرد وعدم الاعتماد على البعض في الوصول الى نتاجاتهم، هل سمعت بان شاعرا ساعد الاخر في كتابة شعر ما او كاتبا تعاون مع الاخر في كتابة ما، وهنا اقصد المحترفين وليس التربية والتعليم الثقافي التي تُعتمد احيانا كدورات لاصحاب الخبرات من اجل نشر ثقافاتهم الخاصة وما يؤمنون به على الهواة .

اما الشرائح والطبقات الاخرى التي تعتمد على الجهد العضلي والعمل المستند على القوة كان او بتخطيط فكري، فانه يمكن ان تعتمد على البعض لتكامل عملهم وتحقيق اهدافهم من خلال المجموعة وليس فرد، وعلى الرغم من الجهود الفردية التي تساعد في مساعدة الجميع على تسهيل العمل والهدف الذي ينوون تحقيقه . وفي مقدمتهم العمال او الطبقة العاملة المتكاملة المتسمة بخصائل الطبقة الخاصة بها ومن بعدها الفلاحين وان كانت التنافس كبير بينهم وصراعهم قوي مع البعض على العكس من العمال الذي يصارع اصحاب العمل والسلطة بشكل خاص . فان اكثرية المثقفين على وفاق في اكثر الاحيان مع السلطات في كل زمان ومكان الا ان المتضررين منهم لسبب ما معيشيا فهو حديث اخر، اما الشرائح والطبقات الاخرى فانهم يصارعون ولا يمكن ان يكونوا على اتفاق كامل وتام مع السلطات واصحاب العمل .

لو تمعنا في احوال المثقفين بشكل دقيق سنرى انهم اما موالين بشكل كامل للسلطة والقليل منهم يعارض وفق المباديء العامة وما لمصلحة الناس او يقود حركة ما لمصلحة فكرية فلسفية او هدف ايديولوجي يؤمن به وليس صراعا طبقيا او خاصا بشرائح وقطاعات كافة المثقفين مع السلطة . لذا نجد ان الصراع والتنافس بمختلف اشكاله وانواعه موجود بين افراد الشريحة المثقفة نفسها اكبر من الاخرين وعلى مر العصور .  

 

في المثقف اليوم