آراء

خِطَابُ الشَيّْخِ الخَزْعَليّْ بَدَّدَ يَأْسَ العِرَاقيّْينَ (2)

mohamadjawad sonbaفي الحلقة الأُولى من هذا المقال، وَطَّأْتُ لموضوعين؛ الأَوّل يخصُّ الدَّور الاعلامي، الذي يمارسه التحالف الأَمريكي الصّْهيوني السعودي، لترسيخ فكرة العداء بين المذاهب الاسلاميَّة، من جهة. وترهيّْب الطيّْف السُّني، من الوجود الايراني في المنطقة، من جهة ثانية. واستشهدّْتُ بخطاب وزير الاعلام الأَردني السابق (صالح القلاّب)، الذي تَحوَّلَ الى مذيع، يقدّم برنامجاً يومياً بعنوان (عين العاصفة)، الذي تبثّه فضائيَّة العربيَّة (السعوديّة)، يومياً وبأَوقات مختلفة. ورابط البرنامج على (اليو تيوب) هو: (صالح القلاب. لن اكن محايداً.).

والموضوع الثّاني؛ الذي تطرقت اليه في الحلقة السابقة، بحث الركائز التي تستند عليها فكرة الشّيعة، في حربهم المصيريّة مع الحلف الأَمريكي الصّهيوني السعودي، المتمثل بعصابات (داعش). وفي هذه الحلقة (الثانيّة)،اختم الحديث، باستعراض خيوط تآمر الحلف الأَمريكي الصّهيوني السعودي، على الشعب العراقي عموماً، وعلى شيّعة العراق خصوصاً. مع خلاصة مركّزة لهدف خطاب فضيلة الشيخ قيس الخزعلي، الذي وجهه للشَعّْب العراقي، في مرحلة حساسة ومرتبكة، من تاريخ العراق السياسي؛ فأَقول:

إِنَّ ضحايا مجزرة سبايكر، ومجزرة ناظم الثرثار يوم 24 نيسان 2015، خير شاهد على بربرية أَعداء الشّيعة ومناصريهم. كما أَنَّ تحرير ديالى وجرف الصخر وسامراء وتكريت، بجهود قوّات الحشّْد الشَعّْبي، خير دليل على إِيمان ووطنية الشّعية بقضيتهم الوطنيّة، وحبّهم للعراق والعراقيين.

لقدّْ بقى أَعداء الحشّْد الشَعّْبي، يناورون في تحركاتهم السياسية، فأَظهروا عظيم ولائهم للأَمريكان، عندما زار أَمريكا وفدٌ من حكومة محافظة الأَنبار، لتقديم فروض الولاء والطَّاعة لها، مقابل أَنّْ يوازنوا الوضع في الأَنبار، بينهم وبين عصابات داعش. لكن كل تلك الجهود، أَورثتهم الخزي والذُّلّ والهوان، لأَنَّ أَمريكا لها حساباتها وأَولويَّاتها، في التعامل مع حلفائها، كلٌّ حسب موقعه وكلٌّ حسب حجمه وتأثيره في موقع الحدث.

إِنَّ هذا النَّمط من المشبوهين، لا يطيقون أَنّْ تتحرر مدن ديالى وتكريت والأَنبار وغيرها، من براثن داعش، على يد الجيّش العراقي والحشّْد الشَعّْبي. لأَنهم يعلمون تماماً، أَنَّ ذلك سيكشف عمالتهم وتعاونهم، مع الحلف الأَمريكي الصهيوني السعودي. وستبقى وصمة العار في جباههم الى الأَبد.

من جانب آخر، زار السيد حيدر العبادي واشنطن، في 13 نيسان 2015، ويبدو أَنَّه استلَمَ تعليمات من الادارة الأَمريكيّة، مفادها عدم الاهتمام بالحشّْد الشَعّْبي، وتهميش دوره القتالي. ولتوقُّعي هذا ما يبرره، فان اطلاق يد الحشّْد الشّْعبي، في مواجهة الارهاب في العراق، يعني كشف ضعف القدرات الأَمريكيّة في محاربة داعش، وخسران رهانها الذي قدَّمته، بأَنَّ قتال الارهاب يتطلّب ثلاثين سنة، على حدّْ توّْصيف وزير الدفاع الأَمريكي السَّابق(جاك هيكل).

و لغرض ارباك المشهد على حكومة العبادي، تمّ الترويج لإِشاعةٍ في مدينة الأَنبار يومي 17 - 18 نيسان، أَدَّت الى نزوح أَكثر من   15 أَلف أُسرة من المدينة. ومن غير المستبعد أَنّْ يكون، قدّْ تسلَّل بين هذا الكمّ الكبير من النازحين، عدد من الارهابيين الذين جرى تدريبهم خصيصاً، للقيام بعمليات ارهابيّة داخل بغداد، لإِرباك الوضع الأَمني العامّ، واشاعة أَجواء عدم الثّقة، بين المواطنين والأَجهزة الأَمنيّة.

إِنَّ الكثير من الشكوك، تحوم حول دوّْر محافظ الانبار (صهيب الراوي)، وعدد من أَعضاء مجلس محافظة الأَنبار، لاسهامهم بشكل وآخر في زعزة الوضع الأَمني في الأَنبار، بعد رفضهم إِشراك الحشّْد الشَعّْبي، لتحرير مدينة الأَنبار. كما أَنَّهم لمّْ يتواجدوا، في المحافظة منذ مدّة ليّْست بالقصيرة. وكردَّة فعل بائسة، أَمام حالة النزوح من الأَنبار، قام هؤلاء الأَشخاص يوم 17 نيسان، مع عدد من النواب السُنَّة بالتظاهر، أَمام مقر السفارة الأَمريكيّة في المنطقه الخضراء ببغداد ، احتجاجاً على عدم تسليح أَمريكا لعشائر الأَنبار، لمقاتلة داعش، الأَمر الذي تسبب في سيطرة داعش، على مدينة الرمادي. هذه المحاولة توحي بالقاء المسؤوليَّة على الجانب الأمريكي فقط. كما أَنَّ هذه المحاولة، تعكس ارتباط هذه المجموعة بأَمريكا، أَكثر من ارتباطها بالحكومة العراقيَّة.

في خضم هذه الالتباسات، وجَّهَ الشَيّْخُ قيس الخزعلي، خطابه للحكومة العراقيَّة وللشَعّْب العراقيّ. مُستعرضاً دوّْر الحشّْد الشَعّْبي في الانتصارات الميدانيّْة، التي تحقَّقت في محاربة داعش. وركَّز الشيخ الخزعلي في خطابه على ثلاث نقاط مهمّة هي:

1.      على رئيس الوزراء العراقي، تحديد مَنْ تسبب في حصول المجازر المتعدِّدة، التي أَودت بحياة الكثير من أَبناء العراق، والتي كان آخرها مجزرة ناظم الثرثار.

2.      على أَعضاء مجلس النُوَّاب في التحالف الوطني، وبقية النُوَّاب الوطنيين، أَنّْ يتَّخذوا قراراً بمحاسبة المقصرين. فلا يمكن القبول بالعودة الى مسلل الهزائم من جديد. ولا يُمكن القبول مطلقاً، بتهديد المقدَّسات الشيعيَّة، التي أُريقت دماء زكيّة كثيرة من أَجل حمايتها.

3.      في حالة عدم تحقيق الفقرتين أَعلاه، فسيتمُّ توجيه الشارع العراقي للتَّظاهر السلمي، من أَجل عدم استباحة مزيد من دماء، ومُقدرات العراقيين.

إِنَّ الشَيّْخَ قيس الخزعلي، في خطابه الشُجاع والصَّريح، بادر برسم بداية صحيحة، تضعُ أَمامَ كلِّ المسؤولين في الحكومة العراقيَّة، حقيقة احترام إِرادة الشَعّْب العراقيّ. هذه الإِرادة التي استهان بها السياسيون كثيراً.

كما استطاع الشَيّْخُ الخزعلي، أَنّْ يُعيدَ الثِّقةَ بشخصيَّة الانسان العراقيّ، كوّْنَهُ العُنصر القادر على التغيير المباشر. لا سيما أَنَّه خاض تجربة الحشّْد الشَعّْبي، بكلِّ بُطولةٍ وبَسالة. والتي تُعتبرُ تجربةً فريدةً ورائدةً، دَعَتّْ إِليها المرجعيَّةُ الدِّينيَّةُ الرشيّْدةُ، بزعامة السيّد السيستانيّْ (دامَ ظلّه)، لتوجيه طاقات الشَعّْب العراقيّ، نحو هدف وطنيّ محدَّد. ومِنَ المؤكدِّ سيكون النَّجاحُ، حليفَ التَّجربة التي دَعا إِليّها الشَيّْخُ الخزعلي، لأَنَّها نابعة من إِرادة الشَعّْب العراقيّ أَيضاً، لتحقيق أَهداف سامية، تصبُّ في مصلحة الشَعّْب. والله تعالى من وراء القصد.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه

كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

 

في المثقف اليوم