آراء

ايران والسعودية في ازمة حكم كبيرة

emad aliمن سمات الحكم الشمولي هو كتم الاصوات التي تنادي بالتغيير، ويسير على هوى المتسلط من كان شخصا او جماعة او حلقة حزبية او دينية او مذهبية، كما نراه منذ مدة ليست بقليلة في منطقتنا المتقلبة دائما وهي تعيش في ازمة مستمرة سواء غطي امرها المستفيدون او طرح على العلن ما خفي.

النظام الايراني بما فيه من التوجهات العديدة وحتى المتعارضة مع البعض، ولكن على راسه فرد حاكم مطلق الامر في النهاية وهو ولي الفقيه، لا يمكن ان تعيش هذه الدولة وهي مستمرة في ازماتها منذ اندلاع الثورة فيها واقرار الدستور الاسلامي الشبه الديموقراطي الخاضع لامر شخص في نهاية الامر وبشروط اسلامية مذهبية خاصة تعلق الحكم في اطار مذهبي فارسي ضيق دون اعادة النظر فيما هي عليه الى النهاية .

النظام السعودي ومنذ بداية حكم الامام محمد السعود سنة 1744 والذي يرجعونه الى بداية تاسيس الدرعية سنة 1447 وامتداده لحين تاسيس المملكة وما استفادت فيما بعد من الشيخ محمد عبدالوهاب في ترسيم حدود الحكم وشكله وما نفذته العائلة الحاكمة معتمدا على الاسلام السياسي شكلا والليبرالي العشائري مضمونا لدوام استمراره .

هناك فرق بسيط بين الحكمين، في ايران التوحد والتنسيق وفلسفة الحكم يستند على الاسلام السياسي الشيعي المذهب الفارسي المقصد والهدف وفي السعودية على الاسلام السياسي السني المذهب العربي المقصد والهدف اساسا . لا يمكن ان نمر على الحكمين دون ان نتمعن في تاريخهما الغابر والجديد بنظرة فاحصة؛ انهما ان اختلفتا في عراقتهما السياسية والفكرية الفلسفية وعدم تساوي شانهما وميل الكفة للعمق الفارسي اكثر من العربي الجزيري نتيجة ثراء التاريخ الفارسي وما موروث منه الان وما تتسم به بلاد الفارس من الغنى العلمي والمعرفي وما اثروا بنتاجاتهم الكبيرة على المنطقة والعالم اجمع، وفقر العربي الجزيري له من كافة الجوانب، لا يختلف عليه الاثنان، وكل ذلك نتيجة لعوامل عديدة مختلفة، جغرافية كانت ام تاريخية او الموقع الاستراتيجي والامكانية او التواصل بينهم وبين العالم .ان الثقافة والعلم والتراث الفارسي مليء بالعلماء والجهابذة والفطاحل الذين فرضوا انفسهم على التاريخ ويحترمهم الجميع دون استثناء . اما التراث السعودي والعربي الناشيء منه اي الجزيرة العربية فهو فقير لحد لا يمكن مقارنته بالتراث الفارسي ولم نجد منهم في التاريخ الا بعد الفتوحات الاسلامية التي لم تفد اي منطقة التي اجتاحوها ولم نجد حتى عالما واحد من الجزيرة العربية ومن صلب العشائر العربية هناك ابدا في مدى التاريخ قبل وبعد الاسلام، وما برز كان من المناطق التي غزتها الجزيرة بحجج اسلامية وبهدف سياسي اقتصادي مجرد، بل كل ما نجده هو العلماء اصلا من البلدان المفتوحة بالسيف والقوة واتبعوهم مجبرين ومرغمين دون اية حيلة لهم .

اليوم نرى ان الحكومتين الايرانية والسعودية قد عادتا من جوانب عدة لاصولهم وما يمتلكون من الامكانيات والقدرات الفكرية الفلسفية، ولكن باختلاف ان الاساس للحكم الايراني هو القومية الفارسية بشكلية شيعية والحكم السعودي على عكسه تماما بقومية عربية وشكل سني عشائري، وهي اي السعودية تتبع منطق القوة العشائرية الدينية وتتبع ايران قوة المنطق الدينية المذهبية العرقية بمضمون لحدما علمي .

لو نقارن بين الحكمين، نتيقن بانهما لازالا في مكان لن يفيدا الشعبنين وهما تاخرا عن متطلبات العصر وام يفيد الشعوب ويعيشان على عوامل الصراع منتهية المفعول منذ عقود . ان الازمة الكبيرة التي يمرا بها ليست الا نتيجة افرازات عدم توائم وتلائم عناصر ومفاصل واساسيات الحكم المفروض تطبيقها في البلدين مع عدم توافقهما مع ضرورات العصر ولم يفدا الانسانية في اي جانب كان . لذا من الطبيعي ان يعيشا في ازمات مستمرة نتيجة شذوذهما وتخلفهما عن التغييرات المطلوبة لما وصل اليه العالم من التقدم في كافة الجوانب والانساني قبل كل شيء . لا يمكن ان نستثني القوى الراسمالية العالمية في دفع هذه الانظمة الى البقاء لخير ومصلحتهم الخاصة على حساب شعوب هذه البلدان، وهي تعيش على الخلافات والازمات المستمرة في المنطقة وعلى اساس التشتت يسهل السيطرة وان لم يكن موجودا يفعلون ويطبقون شعار فرق تسد الى ما يمكنون من الادامة في سيطرتهم على المنطقة .

 

في المثقف اليوم