آراء

هل الوقت ملائم لاعلان الدولة الكوردستانية؟

emad aliوفق التصريحات التي صدرت، ان ما يحمله رئيس الاقليم مسعود البرزاني في زيارته الى امريكا هو طرحه مشروع تاسيس الدولة الكوردستانية ومناقشته مع اوباما والمسؤولين هناك . فان كان الهدف هذا حقيقيا وهو يمثل هذه الحساسية والخطورة بما يذهب اليه، فليس بالامكان ان يعلن على الملا الموضوع الخطير هذا بهذه السهولة في الوقت الحساس اليوم الذي لم تتخصب الارضية بشكل كامل كما حدث في المناطق الاخرى في افريقيا واوربا واسيويا عند انبثاق الدول الجديدة فيها .

من يتابع الوضع الكوردستاني الراهن والظروف الموضوعية الاقليمية والظروف الذاتية الداخلية، فانه يتاكد بان الارضية ليست على حال يمكن ان تعلن ما يخلد في البال وما يسمى بالحلم الكوردي منذ الازل بهذه السهولة والشكل والطريقة وفي وقت حدثت الضجة بمجرد الاعلان عن مشروع قرار من اللجنة العسكرية عن مجلس النواب الامريكي عن تسليح البيشمركة والعشائر السنية بمعزل عن بغداد .

رئيس الاقليم هو رئيس الحزب الديموقراطي الكوردستاني ولم يبق له الا اشهر في رئاسة الاقليم، واليوم جل المناقشات والانشغالات في الاقليم هي حول كيفية ادامة او اختيار رئيس جديد للاقليم بقانون يمكن ان نتجنب به الفراغ القانوني المتوقع في اقليم كوردستان، لانه لا يمكن اطالة مدته لمرة ثانية وفق ما قرر من قبل، هذا من ناحية . اما من الناحية الاخرى، فان موقف رئيس الاقليم وحزبه لا يحسدون عليه في تحقيق اهدافهم ومنها النظام الذي يهدفون ان يقر في دستور اقليم وهو الرئاسي، بينما كافة الاطراف والاحزاب والمنظات قاطبة يصرون على ان النظام البرلماني يلائم اقليم كوردستان وظروفه وهو ما يدعم الديموقراطية وتطبيقه بعيدا عن اي هدف اخر وما يحلو للبعض من ما ينويه لادامة الحكم وفق الاسس الحزبية العائلية بعيدا عن مصالح الشعب العامة ، اي موقف الحزب الديموقراطي الكوردستاني ليس بمكان ان يفرض ما يهدفه، وهناك اهداف مختلفة اخرى وراء اعلان ما يتحدث به رئيس الاقليم باستمرار عندما يكون في ورطة سياسية او عندما يحدث ما ليس لصالحه وحزبه من اي جانب وكما لمسناه من قبل، وكم وعد سمعناه عن اعلان الدولة الكوردية وتراجع عنه بعد ازالة الهدف الثانوي من وراء تلك الاعلاانات والترويجات . فاليوم يريد رئيس الاقليم وحزبه في خطوته هذه ان يلفت الانظار الى امكانيته وحزبه في هذا الجانب الحيوي الهام وهو استقلال كوردستان بينما حزبه يعاني من الانعزال في موقفه حول الدستور، ويريد منه ايضا ان يخفف من الجدالات حول الدستور وشكل النظام، ويهدف ان هناك اهم من رئاسة الاقليم وهو استقلال كوردستان وهذا مي يوفر له الفرصة في استمراره في الرئاسة، فيضرب بهذه الزيارة المنقذة له عصفورين بحجر واحد، والا ليس اليوم هو الوقت المناسب والظروف الموضوعية والذاتية المناسبة لمثل هذه الخطوة الجذرية الرائدة التي يمكن ان تنقذ كوردستان، ولا الوضع الاقليمي يسمح لتحقيق مثل هذا الهدف انيا . ان خطوة جريئة كهذه وان كانت مهمة للشعب الكوردستاني وما يجري في امريكا له دلالات واضحة على نيتها المستقبلية، الا ان تحقيق الهدف هذا لا يمكن ان يحققه الكورد بانفسهم بعيدا عن المساند والمدافعين الاقوياء في ظل تلاقي المصالح المختلفة بينهم .

لازالت ايران على موقفها، وتركيا ان لم تتوافق مع ايران على شيء الا انها متوافقة معها على وأد حلم الكورد وعدم تحقيق اهدافهم وامانيهم، وهذا شيء بديهي، الا ان الوضع الراهن الحامل لعدة مشاكل عراقية داخلية منذ دخول داعش وبروز الحشد الشعبي وقوة الشيعة على غير ما سبق لهم فانهم وما ورائهم من القوى الاقليمة وبالاخص ايران، لا يمكن ان يسمحوا ان يتقسم القوة العراقية الكبيرة الى قوة ضعيفة تابعة لهم واخرى يمكن ان تكون ضدهم وببعد جديد بعيدا عن عمق الدولة العراقية المبنية على تاريخ وامكانيات ثقافية اقتصادية سياسية . ولا يمكن ان يحسوا بتقطيع هلالهم المامول الى اجزاء في المنطقة . اما تركيا التي لا يمكن ان ننتظر منها غير المحاربة، فانها تعمل ما بوسعها لمنع ما يمكن ان يحدث بطرق شتى، فانها فعلت كثيرا من قبل وسكوتها عن تقرب داعش عن كوردستان كانت بنية تخريب ما وصل اليه الاقليم واعادته الى المربع الاول ونقطة الصفر في مسيرته التي بدات منذ عقدين ونصف . ومن جانب المقابل فهناك عوامل داعمة لما يمكن ان يجري ومن مصلحة الدول الاخرى الاقليمية ومنها الاردن والسعودية والكويت ايضا في ما تتامله امريكا وتعمل عليه، رغم التحفظ في مواقفهم حول ما يجري .

ان عرض رئيس الاقليم هذا الموضوع على طاولة المباحثات مع اوباما والمسؤلين فانه على حد ذاته خطوة ايجابية الى الامام، ولكنه ما يهدف به ليس الهدف ذاته بقدر ما هوخلف الهدف داخليا وخارجيا، ومنه جس نبض المعنيين وموقف امريكا ونيتها والصراع الدائر مع مركز العراق والخلافات الداخلية العراقية وما في الاقليم مع القوى الاخرى اضافة الى ما يريده شخص السيد مسعود البرزاني من تسجيل مجد في تاريخه على انه الشخص الذي طرح بصراحة موضوع استقلال كوردستان لاول مرة بشكل صريح وعلني مع اكبر دولة في العالم، وما يمكن ان يستثمره من هذا العمل في الاهداف المهمة التي يريد تحقيقه قريبا من حيث شكل الدستور المنوي اقراره وو مضمونه وما يخص رئيس الاقليم وانتخباه ونوع النظام الذي يمكن ان يكون لصالحه وحزبه واهدافهم المستقبلية .

لذا وان كان الوقت ليس بمثالي وملائم لمثل تحقيق هذه الخطوات وليس طرحها، وانما ما نعرفه عن الحزب الديموقراطي الكوردستاني يستغل اية ثغرة من اجل مصالحه الذاتية وليس الشعبية، مهما كانت نوعها مبدئية او لا، وكما لنا تجربة معه فانه دعا اعتى دكتاتورية الى اربيل في صراعه الدموي مع الاتحاد الوطني الكوردستاني اثناء الحرب الداخلية، اي انه براغماتي لحد النخاع وان كانت براغماتيته على حساب المباديء القومية والوطنية لشعب كوردستان فهو على عكس ما يدعيه في التضحية من اجل الهدف الاسمى التي يسميها دائما وهو استقلال كوردستان، وتعهدنا دائما ان نسمع منه كلمة حق يراد بها الباطل وكم تزايدوا على حساب اهداف الشعب الكوردي ولم يقصدون غير اهداف شخصية حزبية ضيقة في تاريخهم .

فكان الاحرى بالسيد البرزاني وحزبه ان ينتظر ما يؤل اليه الوضع بعد تسرب ما تهتم به امريكا من خلال بنود مشروع الميزانية لوزراة دفاعها وما يخص الكورد لاول مرة في تاريخها، ومن ثم كان الجدر ان يخطوا على غرار ما يحدث وما يصل اليه الوضع وردود الافعال التي يتلقاه مشروع القرار هذا وخصوصا لم يصدر القرار لحد الان وهو ما يراد به المراحل العديدة لحين التنفيذ، وهذا ما يحتاج لاشهر، وخصوصا لو لم يقر بنسبة الثلثين من المجلسين فان الامر يعود لاوباما ومن صلاحياته ان يقبله اويرفضه .  

في المثقف اليوم