آراء

إستقلال ضمن العراق!

salem mashkorبيان البيت الابيض تحدث عن تجديد الرئيس أوباما للبارزاني إلتزامه دعم الاكراد في إطار استراتيجية دعم عراق فدرالي موحد . لكن لا أحد يعلم ما دار في اللقاء المغلق بين البرزاني وأوباما وما أجاب به الاخير حول ملف الانفصال الذي قيل أن البارازاني حمله الى واشنطن، فما زال الكثيرون يشكّون في رغبة البارزاني بالانفصال الان .

كثيرون يرون بأن بقاء الاقليم على حاله الفعلي حاليا، هو أكثر نفعا له من الناحية المالية والامنية . فهو الان مستقل عمليا ولكن دون إعلان رسمي يجلب له عداء أطراف إقليمية، وهو في نفس الوقت يأخذ حصة من واردات الدولة العراقية ومن مناصب الحكومة الاتحادية على كافة المستويات بما تحمله من إمتيازات مادية واعتبارية وسياسية . كل هذا سينقطع في حال أخذ الاستقلال صفة رسمية . لكن السؤال هنا : كيف نوفق بين ما أعلنه سياسيون كرد من أن البارزاني يحمل معه ملف الانفصال الى واشنطن، وبين القول بعدم رغبة الكرد بالانفصال الان ؟ هنا يبرز أمامنا إحتمالان، الاول :ان هذا الحديث هو مجرد ورقة ضغط على المركز ككل مرة، لأخذ المزيد من الامتيازات . أما الاحتمال الثاني فهو ان البارزاني يريد ضمانات أميركية بدعم عملية ضم كركوك ومناطق من الموصل وديالى الى كردستان رسميا وعندها يكون الحديث جديا عن إقامة دولة مستقلة تتوفر لها الموارد الكافية من ابار كركوك والموصل .

إذا صحّ الاحتمال الثاني فانه على الاغلب لم يحظ بموافقة الادارة الاميركية الحالية التي لا ترى مصلحة لها في تقسيم العراق حاليا . لا يتعارض هذا التحليل مع القول بدفع واشنطن باتجاه وضع قريب مما قدمه مشروع بايدن عام ٢٠٠٦ . حينها إقترح فدرالية تحمل روح التقسيم . ثلاث كيانات تجمعها فدرالية شكلية تكون شرعنة وتنظيما للاقليم الكردي مضافا اليه السني ليصبح الاقليم الشيعي بعدها تحصيل حاصل .

لو عممنا نموذج إقليم كردستان الحالي على الاقليمين الاخرين فبالتاكيد ستكون لدينا ثلاث دول مستقلة في كل شي باستثناء أمر واحد هو أن الاقليمين الكردي والسني سيظلان يأخذان من الميزانية الفدرالية التي ياتي القسم الاعظم منها من الاقليم الشيعي . هذا الوضع لن يحظى بقبول أهالي هذا الاقليم بالتأكيد . وذات الامر سيحصل في حال بقاء كردستان على وضعها الحالي في ظل تقارير تؤكد انها تبيع النفط وتأخذ موارده دون علم الحكومة المركزية، فيما تأخذ حصتها الكاملة من ميزانية لبلاد المتأتية من نفط الوسط والجنوب .أما الشؤون السياسية والعسكرية فهي مستقلة تماما، وما زيارة البارزاني ولقائه أوباما إلا دليل على ما نقول .

هنا فان بقاء الاقليم على وضعه الحالي سيعني تصاعد حالة الاحتجاج في الوسط والجنوب وسيؤدي الى تعميق الكراهية بين الشعبين . حسم الامور باتجاه الاستقلال الرسمي سيكون في مصلحة العراق بدل استمرار حالة النزيف الاقتصادي والسياسي والنفسي . أما الاقليم السني فان مقومات إقامته معتمدا على موارد الجنوب لن تكون متوفرة، بل ان إمكانية التفاهم بينه وبين الوسط والجنوبمن جهة، والغرب من جهة أخرى تكون ممكنة في حال حسم سكان الاخير أمرهم باتجاه التعايش والشراكة مع الباقين في عراق واحد .

 

في المثقف اليوم