آراء

ماذا تنتظر سوريا من ايران

emad aliان سيطرة حلقة صغيرة على حكم في غفلة من الزمن لا تعني ان الدولة هي التي فرضت ذلك . وما شهده العراق طوال ثمانية عقود ونيف من التناقضات وعدم الاستقرار(الا في عهد الملك لحدما) وما الت اليه حاله بعد جبروت نظام حكم لحلقة غير معروفة ولم يكن بامكانه ان يدوم الا بالقوة الغاشمة، فافضى ما كان فيه الى الفوضى بعد مغامرات رئيسه، واليوم لا يمكن ان يعيد نصابه الا بما يتمتع به من السمات والخصائص التي تفرض نفسها عليه وتجعله ان لا يحتمل غير الصحيح، سواء كانت من الناحية الاجتماعية ام التاريخية والحضارية او السياسية الخاصة به . ولسوريا ذات الشان، لا يمكن ان تستمر في ظل عدم التكافؤ بين فئات الشعب جميعا وهي سائرة على التسلط الفوقي لمجموعة استمرت في حكمها عقود دون استرضاء او قناعة الجميع، وان اعتبره البعض اهون الاشرار، وشهدت سوريا اياما لم تمر على اية دولة اخرى، نتيجة عوامل تهيمن على الوضع السوري بشكل مباشر دون غيرها، ومنها؛ تعددية مكونات الشعب وتاريخ سوريا المتلاطم، وموقعها الاستراتيجي وتغيير امكاناتها وما لعبته من الادوار في المنطقة كدرأ من الاخطار وتغطية لنواقصها الداخلية .

اليوم بعدما ارتفع موقع المذهب والمكون اهمية في فرض السلطات في المنطقة من خلال الصراعات المختلفة التي تجري، فان حكمت شلة وسيطرت، لا يعني هذا انها قادرة على الاستمرار وانها كانت تعرض امن البلد واستقراره لاكبر خطر من اجل بقائها، لكونها غير منسجمة الحال وتبني على القوة والقمع في السيطرة على الامر . وتعتبر سوريا اليوم اضعف دولة من الناحية السياسية الاقتصادية حتى وان استبعدنا عنها الحرب الداخلية، لانها يهمها الا بقائها فقط .

كما شاهدنا في لحظة خاطفة تهاوت السلطة العراقية ولم تقدر المقاومة ولو بسيطة لاقصر فترة . المعلوم عن ايران مهما ادعت بايمانها المذهبي الديني الا انها تعمل وفق ما تفرضه القومية ومتطلباتها للسلطة، وكما فعلت واصدرت من المواقف حيال تغيير الحكم في العراق وتنازلها عن المالكي لمجرد تيقنها من الحفاظ على مصالحها، فانها تعيد الموقف ذاته الف مرة، وفي مقدمة ما تفعل هو موقفها من السلطة السورية لو علمت ايضا انها لا تخسر موقعها في سوريا او تحفظ على ماء وجهها على اقدر تقدير بعدما تقدمت خطوات في مفاوضاتها النووية مع امريكا . فالمعروف عن ايران انها قومية مصلحية بغطاء المذهب الذي يمكنها ان تخدع الشعب به وليست بقادرة على ضمان الحكم المستقر المتوافق بين مكوناتها العديدة التي ان بدات شرارة التغيير وحان وقتها لا يمكن ان تصدها قوة ايران مهما تجبرت .

ان كانت لايران نقاط ضعف لا يمكنها تلافيها لحد اليوم، سواء من الناحية الفكرية او السياسية وهي تسير على التوازن الذي تعمل على بقائه لصالحها بشتى الطرق ومنها الترهيب والترغيب والخداع والتضليل .

البديهية التي تفرض نفسها في الشرق الاوسط هي، لا يمكن ان تستمر السلطة التي تستند على حلقة ضيقة او مجموعة او حزب او اقلية تفرض نفسها على جميع بلدان المنطقة وسوريا من ضمنها الى الابد، لذا لا يمكن ان تعتمد سوريا على فئة معينة وتعتقد بانها سائرة في الحكم وتخرج من الورطة التي وقعت فيها . الحيَل التي تتبعها ايران في طريقة خوضها للصراع في المنطقة واستنادها مذهبيا لا يمكن ان نعتقد بانها لا تواجه عرقلة تنبثق قريبا و تردها، وتحصل هذه بتغيير الواقع الموجود حاليا . اما وضعها الداخلي فانها تنتظر الشرارة فقط فليس بحال يمكن الاعتماد عليها في مقاومة ما يحصل لها في لحظة ما .

ان ما وصلت اليه سوريا لا يمكن ان ننتظر غيره وهو اما السلطة الحالية بما فيها او التغيير، ولا يمكن التوافق كما يدعيه البعض من المعارضين او الدول التي تهمه السلطة الحالية اكثر من الشعب السوري . فسوريا اليوم مقسمة على الارض، فالسلطة علوية وتحكم في مناطق ذات الكثافة العلوية اكثر من غيرها، والكورد لهم كوردستانهم ومناطقهم الخاصة بكثافتهم السكانية ايضا، والدروز في مناطقهم، والمناطق السنية اكثر سخونة، اما المعارضة المتنوعة فتعتمد كل منها على جزء وشكل من الاشكال وتريد منها مسندا وارضية لاسقاط النظام والوصول الى السلطة، ولا يمكن ان تسيطر ان تكون ضمن الاكثرية في تلك المناطق وتتوافق مع الاخرين .

ان كانت المعادلات الدولية هي التي اوقفت النظام على بقاءه الهش لحد اليوم، وما يهم روسيا هو بقاء النظام اكثر من غيرها، الا انه عندما تتهاوى الاجزاء الكبيرة من البلاد لا يمكن لايران وروسيا ايضا ان تقف بقوة خلف النظام وتمنعا تلاشيه، ولا تتمكنا من اسناده ومعاونته ايضا ويمنعا وصول المعارضين اليه،لانهما لا يمكن ان يبقيا على النظام في مساحة ضيقة جدا ويجعلوها دولة داخل دولة، وهذا الواقع لا يمكن استمراره، ويكون مصيره الفشل، ويفشل النظام في المقاومة الى النهاية .

لذا، لا يمكن ان ننتظر غير السقوط المدوي لنظام السوري دون ان تتمكن ايران مهما حاولت ان تصد سقوطها بشكل يكون مخزي ليس لسوريا فقط وانما لكل من عاند ودافع عنها دون وجه حق وبعيدا عن مصلحة شعبها، لا يمكن لجبروت دولة مصلحية ان توقف انهيار الحكم الدكتاتوري في سوريا نتيجة صراع منطقة او معادلة ما او لدواعي الخلل الداخلي، مهما طال زمن بقاءه . وبسقوط سوريا تتغير المنطقة جذريا من كافة النواحي لما له من التداعيات المختلفة على الجوانب السياسية الاجتماعية وعلى الصراع المحاور بين الدول والعالم في المنطقة، ويمكن ان نعتقد بان نهاية النظام السوري هي اخر المطاف ونهاية مرحلة سياسية في المنطقة .  

في المثقف اليوم