آراء

اخطرهم الفساد الاجتماعي المنتشر في العراق

emad aliلو كان الفساد المنتشر في العراق محصورا في السياسة دون الامتداد الى صلب حياة الناس الاجتماعي الثقافي وغير منتج لافرازات سلبية لكان الاهون على حياة الناس، وكان بالامكان تفاديه او على الاقل التقليل من اضراره او الحد من تاثيره على حياة الناس ومعيشتهم. ان الفساد الاجتماعي المنتشر ليس كما يمكن ان يفهمه الناس من الناحية الاخلاقية المعروفة لدى الناس بالشرف والغيرة وما الى ذلك من الامور التي ربطها المجتمع فيما يخص المراة فقط، وانما انتشار الغش والخدعة والتضليل ومحو السمات الجميلة التي اشتهر بها الشعب والتعايش السلمي الذي اثمر جانبا من السعادة والرفاه في جو من البساطة في العيش . رغم تاثير الفساد والتغييرات الديموغرافية والنزوح والتشريد والصراعات والحروب على العلاقة الاجتماعية الا ان الفساد السياسي والصراع الدموي هوالسبب الاكبر على الوضع الاجتماعي الذي بدوره يكون اخطرهم على الناس لكونه المؤثر على صفات واخلاق وسمات الناس بشكل مباشر .

ما تحول اليه الشعب العراقي محى ما كان فيه من السمات ولم يجد الا قليلا من المميزات التي تمتع بها وفرٌقه عن غيره في المنطقة وما التزم به اصالة متوارثا اياها من تاريخه الحضاري العريق .

اساء المتربعين على زمام الحكم للعراق تاريخا وحضارة وشعبا من خلال الفساد الذي نشروها بعلمهم او مجبرين نتيجة التدخلات او الظروف الموضوعية التي فرضت نفسها على حتى البعض من الصالحين ايضا . اساءة استغلال السلطة بطرق شتى ونشر المحاباة للاقرباء والاقربين وبتسلسل عرقي ديني مذهبي يعتبر من اخطر انواع الفساد الموجود في منطقتنا المتسمة بالالتزام بالعقائد والافكار المتعددة . المحسوبية والرشوة والابتزاز السياسي منتشرة دون اي رادع ومؤثرة بشكل على الوضع الاقتصادي المؤدي الى اختلالات كبيرة وانبثقت منها الدعارة وغسيل الاموال والادمان وما يسمى في العراق اليوم بالتحشيش وازدياد الفروقات الشاسعة بين الغني والفقير، مما تولٌد هذه المساحة كافة الامراض الاجتماعية الاقتصادية المؤثرة على الوضع الفرد والاسرة بشكل مباشر . لو دققنا في الواقع الاجتماعي نرى كم من اسرة تحللت واخرى تاثرت عدا ما تغيرت ولم تبق على ما كانت عليه من الالتزام والتحفظ والسمعة بينما الوضع الاقتصادي المتدهور فرض على الاخريات ما لا يمكن توقعه .

ان اكبر واوسع الطرق المتاحة لنشر الفساد في العراق هو عدم اكتمال القوانين الخاصة بالاحزاب واختلاف انواع الصلاحيات التي يتمتع بها المسؤل الذي يختلف ما ينفذها من احد لاخر، وبدوره يمكن استغلال الموقع السياسي التنفيذي في نشر الفساد المتنوع دون اي رد او ردع او حد او قانون يمنعه. الفساد الاكبر في تمويل الاحزاب في ظل انعدام قانون الاحزاب ومجلس الخدمة في الوقت الذي تنتشر المحاباة والمحسوبية الحزبية وتفرض نفسها دون ان يكون لهما اي مانع او سد ومن يفسد بعيد عن اية محاسبة .

لو دققنا في الوضع السياسي نجد ان العوامل المؤدية الى الفساد من وجود القوى المتناحرة التي تعمل على كسب اكبر عدد من المواطنين اي ما يهمها امنتمين والمؤدين بشكلها الكمي وليس الكيفي من جهة، وجمع السلطة في ايدي ليست مسؤلة امام اي مركز او قانون يردعه في التخطي خارج مكانته وصلاحياته من جهة اخرى، اضافة الى غياب الشفافية والديموقراطية في ظل انعدام ارضية التنافس الشريف البعيد عن الصراع الدموي . كل ما موجود هو حرية التعبير ليس منة من احد بقدر وجود الفضاء والقدرة الاتصالاتية والفضائيات التي تصدر خارج العراق اضافة الى الصراع الاقليمي الذي يمنع الاتفاق على منع ذلك ايضا .

اننا نعيش في بلد يتوفر فيها استثمار للاموال العامة دون قانون ما يفرض تقييدات فتظل سيطرة النخب الحزبية الانانية الفاسدة بنفسها والمنغلقة مع مجموعة من المعارف من لجل تبادل المنفعة المالية الفاسدة في الوقت الذي يعيش الموظف وهو يستلم اقل نسبة من الرواتب غير المناسبة للعيش الطبيعي في ظل ارتفاع نسبة التضخم المستمر . هذا كله في واقع ليس للراي العام اي دور في التاثير على الحال السياسية والواقع المزدري لحياة الناس، بما فيه المجتمع من الوعي والثقافة العامة المنخفضة مع انتشار النسبة الكبيرة من الامية في زمن العولمة والحداثة التي يعيشها العالم .

 

في المثقف اليوم