آراء

ايهما الاَولى النضال القومي ام الطبقي في كوردستان

emad aliلاشك ان الطبقة العاملة اينما وجدت هي الاولى بالنضال والدعم بعيدا عن التعصب والخلافات ذات الاسس العرقية والعقيدية لتحقيق اهدافها، ويجب ان لا يكون التميز او الفرق في النضال والدعم مبنيا على عرق او عقيدة او لون لمن ينتمي لهذه الطبقة مع اخرى من حيث المصالح التي تهمها والاولوية لديها . هذا الكلام مستند على الماركسية نصا فكرا وفلسفة، وهذا ما نصل اليه اينما كان النضال في نهاية المرحلة ومنها ننتقل الى الاشتراكية والشيوعية في اخر المطاف . ولكن، هل يمكن ان تكون الاولوية لاي منهما في واقع ومكان لم تحقق فيه شعوبه اهدافه ولم تحصل على ابسط حقوقهم السياسية والاقتصادية في الوقت الذي يكون المانع والسد المنيع لتحقيق تلك الاهداف الطبقية هو الخلافات والموانع العرقية والعقيدية التي تفرض نفسها وتمنع اي ابراز للنضال الطبقي .

هناك دول لازالت تعاني من الضيم الحكومي والحكم المركزي وتقسيم الشعوب الى درجات اولى وثانية وثالثة في حياتها الطبيعية اليومية وتعامل السلطات معها، وتكون تلك الاختلافات مبنية على العقائد والافكار المبتذلة التي لا يمكن استئصالها الا بثورة شاملة . فان كانت الارضية لا تساعد والمقومات الضرورية للثورة من حيث الوعي العام والثقافة والامكانيات المادية والمعنوية غير موجودة لاشعال ثورة مدنية شاملة توصل الحال الى النضال الطبقي، وتؤكد الحال على الصراع القومي والعقيدي وتفرض نفسه بقوة حتى على من لا يؤمن بالصراع العرقي، فانك تضطر الى تغيير الاولوية من اجل الاعتماد على تحقيق الجزء الذي يمكن ان تحققه اكثر من الانتظار لتحقيق الكل بعملية سياسية نضالية واحدة متاخرة جدا .

من يدقق في حال العراق وما فيه من المكونات العرقية والدينية والمذهبية يرى بشكل جلي ان النضال الطبقي مختفي ومغطى بما موجود من الوضع الاجتماعي الثقافي السياسي، ويجد اي منا الفروقات الشاسعة بين حياة المكون عن الاخر من جميع النواحي، والاختلاف نابع من تاثير موروثات التاريخ والبنى التحتية والفوقية لكل مكون عن الاخر، وعليه لم نجد صلة واقعية على الارض بين الطبقة العاملة لهذه المكونات، وحتى هذه الطبقة مبتلية بافكار وعقائد وتوجهات ليس لصالحها دون ان تعي ذلك . الملايين التي تزور الائمة مشيا على الاقدام هم من الطبقة الفقيرة المغدورة المعدومة، الملايين التي تزور الائمة وتهب بما تدخر من قوت ابنائها وتسرقه المرجعيات هم من هذه الطبقة، الملايين التي تضحي بكل ما يملك من اجل نصرة حزب اسلامي هم من هذه الطبقة، والملايين التي تلبي دعوة المرجعية دون ان يعلم ما لصالحها هم من هذه الطبقة، وفي المقابل ما نجده ان الملايين التي تصوت لحزب محافظ عشائري قبلي او مستند على حلقة ضيقة هم من هذه الطبقة، والملايين التي تذهب الى الجبهات لتقاتل دون اي تلكؤ او تملص مؤمنا بنضاله القومي وبارضه وتقديس كل ما يعيش عليه دون ان يعلم مصالحه الطبقية هم من هذه الطبقة، من ناحية اخرى الملايين التي تؤيد او ترضى على الاقل بابشع تنظيم دموي مجرم قاتل ارهابي هم من هذه الطبقة والملايين التي تقاتل المكون الاخر استناد على الفروقات العرقية والمذهبية هم من هذه الطبقة . اي نجد من هم دائما في مقدمة النضالات المختلفة الا نضالهم الخاص الحقيقي هم من الطبقة الكادحة التي يجب ان تربطها المصالح الطبقية المشتركة وتفرض نفسها عليهم، وللاسف لم نجد من يدافع عن حقوقهم الطبقية الطبيعية وهم مبتلون بهذا الواقع الذي تسيطر عليه العقليات الطوباوية والدينية المذهبية والعرقية والتي لا تقترب من المصالح الطبقية الذاتية للطبقة العاملة الكادحة من قريب او بعيد .

اذا حللنا واقع الحال بين هذه المكونات، وقرانا ما فيه كوردستان، اننا نتيقن بان النضال العرقي قد تقدم على اي شيء اخر بحكم الواقع، وهذا لا يعني ان يقف من يؤمنون بالنضال الطبقي ضد هذا التوجه، والانسب ان يحتسب للاولوية المفيدة في المرحلة المعينة التي تفرض تسلسل الاولويات الواقعية وليس الافكار والفلسفات، اي لا يمكن لمجموعة ماركسية مؤمنة بالمساواة وتحقيق اهداف الطبقة العاملة ان تقف ضد التيارالقومي المغطي للواقع والعقول، بل عليها ان تقف وتنظر الى الامور بشكل واقعي وتختار الموقف العلمي الصحيح بقراءة الواقع اكثر من النصوص المعتمدة نظريا .

اليوم ما موجود في كوردستان وما تؤمن به الاكثرية الساحقة هو تحقيق الاهداف القومية الكوردستانية اكثر من النضال الطبقي لطبقة ما ، فلا يمكن لاي كان ان يقف حجر عثرة امام ما يفرضه ويتطلبه الواقع، فالافضل لمن يعتبر نفسه يساريا ان يرتب اولويته على ما يفرضه الواقع كي لا يتخلف المسيرة او يتاخر عنها ويخسر الاول والاخير ايضا، اي، تحقيق الاهداف التي لا تمنع النضال الطبقي في مرحلة تالية هو الامر الواقعي الذي يفرض نفسه على اليسار الكوردستاني اليوم مهما ادعى المثاليين اليساريين وتحفظوا عن النضالات التي تفرض نفسها قبل النضال الطبقي .

و كل الدلائل تشير الى ذلك او التاريخ يعلمنا ان النضال القومي قصير الامد لو قورن بالنضال الطبقي الحقيقي الذي يحقق الانسانية كمفهوم ملائم للطبقة العاملة من اجل تحقيق امالها وامنياتها ومن ثم تفرض المصالح المشتركة على توحيد الطبقة بعيدا عن العوائق المثالية من الدينية الى القومية، ومن يعبر مرحلة النضال القومي سريعا يتخلص من الشوائب التي تفرض عوائق على النضال الطبقي . اذا، النضال القومي الذي فرض نفسه على كوردستان وتشتد اواره نتيجة الصراع الدائم بين مركز كل دولة مع الجزء الكوردستاني الملتصق بها وتزيد حدتها وتغطي على كل مصلحة للطبقة الكادحة وتؤخر المرحلة التي يجب ان تُعبٌر بسرعة، وكلما انتهت بسرعة او قُصٌرت من الفترة الزمنية التي تتطلبها جاء النضال الطبقي الملحق بها بفترة قصيرة جدا . في كوردستان، لا يمكن ان يُقدم النضال الطبقي على الرعقي، ولكن بما موجود من التقدم الملحوظ من المقومات الضرورية للنضال الطبقي لحدما مواكبة مع النضال القومي فان المرحلة التي يمكن ان يستغرقها النضال القومي وما يمكن ان تنتقل الى ما بعده من مرحلة النضال الطبقي قليلة جدا، ومن يتابع يعتقد ان النضال الطبقي يفرض نفسه بعد التحرر وتحقيق الاهداف التي يرفعها جميع الطبقات اليوم . وبه تكون كوردستان مثالا يحتذى به للعراق اجمع وان كانت الطبقة العاملة العراقية غارقة في وحل العقائد والافكار المثالية الدينية المذهبية وهي اخطر من المعوقات الناشئة من الافكار والعقائد القومية على الطبقة العاملة كما هي حال كوردستان اليوم .  

 

في المثقف اليوم