آراء

كيف يجب ان تتعامل الحكومة الفدرالية العراقية مع نوايا استقلال اقليم كوردستان

emad aliالكورد، وكوردستان بشكل عام باجزائها الاربعة تتسم بالمقومات الاساسية لبناء دولة وكيان خاص بهم وهذا يعترف به القاصي والداني قانونا وشرعا، ولا ينكرها المنصف مهما كانت خلفيته، فان وصل اقليم كوردستان العراق الى وضع اكثر تقدما من حيث المكانة والموقع ومن الامكانية في الوصول الى المكان الذي يمكن تحقيق الهدف الذي يحلم به الاكثرية المطلقة من الكوردستانيين، فليس بمانع ان يحققوا اهدافهم ان سمحت لهم الظروف المؤاتية الموضوعية والذاتية ودون ان يفكر احد بوضع عصا في دولاب تقدمهم الذي ليس على حساب احد وهو ات بعد معانات وتضحيات كبيرة شتى .

ان فكرت السلطة العراقية والقائمين عليها بدقة وتمعن عميق وقرات التاريخ وكيف ومن صنعه ووضع كل عامل في مكانه ومن اجل ماذا، فلابد ان تكون معتدلا وعادلا او تصل الى ذلك في اخر الامر، العراق في عمره وتاريخه لم يكن دولة متكاملة ومتجانسة ومنسجمة المكونات منذ انبثاقه على يد مستعمرها ومابعد معاهدتي سيفر ولوزان وما دخل فيهما من الامور التي قلبت الواقع وخربتها بحيث سارت المنطقة على رجل واحدة منذ الحرب العالمية الاولى .

ان تكلم اي منا وفق خلفية انسانية بحتة دون الاعتماد على ايديولوجية معينة او موقف مسبق من الكورد او من منطلق المصلحة الخاصة التي اصبحت عالة على حامليها قبل من يتضرر بها الاخرون، فاننا يمكن ان نصل الى شاطيء الامان ونصحح المسار الخاطيء الذي اطال به الزمن لاسباب وعوامل عديدة وكان لابد ان يُصحح منذ مدة . وهذا ليس تعصبا بقدر الحيادية التي تدفعني الى الكلام عن الموضوع من منطلق الحقوق المغبونة التي هي واضحة امامي عقلي وضوح الشمس، وبما افكر به انسانيا وليس اي شيء اخر . طالما حلمتْ وضحتْ الاكثرية الساحقة من مكون لتحقيق هدف معين على طول التاريخ، وطالما بقت الاكثرية الساحقة مؤمنة بما تحمل من تلك الامال والامنيات وا لاهداف دون ان تضر باي احد اخر، وطالما فكرت الاكثرية الساحقة بانسانية وتصرفت بحنكة العفو عند المقدرة والنضال عند الضعف فانه يستحق ان ينال مرامه مهما تاخر او مُنعت من تحقيق اهدافه واخطا من اعتلى زاما المور فيه او تجبٌر على شعبه قبل الاخر .

فنسمع عن اراء ومواقف مختلفة ازاء ما يُعلن ويُدعى من الخطو نحو الاستقلال بين فينة واخرى من قبل الكثيرين، وبعضه ليس الا مزايدات داخلية كوردية من اجل مصالح حزبية شخصية ضيقة وعلى حساب هذا الشعب المسكين المغلوب على امره، نعم هذا الشعب الذي عانى من ايدي الدكتاتوريات الى ان وصل الى حال يعاني اليوم على ايدي سلطته وسلوكها وما تسير عليه .

فهناك من الجانب الاخر من يدعي منع الكورد عن تحقيق اهدافهم وهو يتبع اهوائه الغريزية ونظرته الى الاخر من منطلق الاستعلاء والغرور الذي يسيطر على الانسان الشرقي المقتدر في اكثر الاحيان . والاخر يدعي التعامل معهم على اسس قانونية بما مضوا عليه هم من طلبهم لبقائهم ضمن حدود الدولة كما جاء في الدستور، ناسين انه كان طلب من السلطة واقتناعها وليس الشعب وكان استنادا على قرائتهم للظروف السياسية العامة وخوفهم من العواقب لو طلبوا ما يؤمن به الشعب بشكل عام ، وهم ساروا على اعادة بناء العراق على الخطا ذاته، اي اعادوا ما صنعه الاستعمار والاعداء بنفسهم . والاخر يدعوا الى الابتعاد عنهم (واكتفاء شرهم) ليس حبا بهم وانما كرها او تعصبا وهذا شر بذاته . والاخر يطلب منعهم من الخطو نحو الاستقلال لاسباب مصلحية ذاتية ومنها خيالية من الايديولوجيا واليوتوبيا التي يؤمن بها . وهناك من المنصفين المثقفين الانسانيين القارئين للتاريخ وهم النخبة الذي يقيٌمون واقع الكورد وتاريخه وينصفونه في تحقيق اهدافه المستحقة .

و عليه من الواجب على الحكومة الرشيدة في العراق الاتحادي اتخاذ مواقف تفيده والكورد معا، اي؛ لابد ان يستقل كوردستان اليوم كان ام غدا وكما تفرضه الظروف التي تعيش فيه وما سارت عليها من قبل الى ان وصل الى ما اضر بنفسها والدول التي التصق بها ايضا، كما فرضها لاستعمار في حينه لعوامل واسباب عديدة ليس الكلام هنا على ذلك . وعليه يجب ان تتخذ الحكومة الاتحادية العراقية خطوات انسانية قبل السياسية في هذا الشان بحيث تفيد بها نفسها قبل الكورد من حيث البقاء او الانفصال بالتراضي وقناعة الطرفين وان اتخذت، كوردستان موقف الانفصال كما هو المعلوم عنها من كافة النواحي، فان على الحكومة الاتحادية الرشيدة العاقلة التي من المفروض ان تسندها ليكون الطرفانجاران صالحان مستقبلا ويصححا الاثنان معا ما سار عليه التاريخ خطئا او فرضا من قبل الاعداء المشتركين لنا من اجل مصالح خاصة بهم دون اهل العراق بكل مكوناته .

اما داخليا في القيم كوردستان وما ابتلى به هذا الشعب المسكين من السلطة والادارة الفاسدة من جميع النواحي التي فرضت نفسها عليه، فلا يمكن تغيرها طالما بقت على هذه الحال من المزايدات والادعائات حول استقلال كوردستان والتي تضلل بها الشعب وكما هو المعروف عنهم انهم يسيرون على كلمة حق يُراد بها الباطل طوال هذين العقدين من الزمن . وبعد تحقيق اهداف الكورد السامية وتحقيق الاستقلال، يمكنه بنفسه ان يتفرغ لتغيير هذه السلطة الفاسدة المضللة التي تاخذ الاستقلال شعارا لضرب الداخل به سياسيا وليس هدفا حقيقيا له، والشعب يصحح المسار الداخلي من تغيير السلطة التي هي على هذه الحال المعلوم عنها، دون ان يتردد نتيجة ما يخيفه من ما تدعيه السلطة اليوم وما تسميه اعداء الخارج ومانعي الاستقلال وما تتحجج به من اجل البقاء على زمام الامور باي شكل وطريقة كانت .

على الاسس الناجحة التي يمكن ان تُبني على الافكار الانسانية العقلانية، وبعيدا عن تكرار ما حصل طوال هذه العقود وما نتج عنه من سفك للدماء والضحايا الهائلة وتسلسل الويلات المتلاحقة نتيجة هذه الثغرة الكبيرة في كيان العراق والمنطقة منذ انبثاق الدولة العراقية، فلابد ان تتبع السلطة خطوة جريئة ناجحة مبنية على تصحيح التاريخ ولا يمكن ان تخطوها الا عقلية مفكرة استراتيجية بعيدة عن الايديولوجيا والمصالح الضيقة ، فهل لدينا في العراق من يفكر بهذا الشكل ومن هذا المنطلق ويستبشر المستقبل بخطوات رائدة في هذا الشان ويتعامل وفق مصلحة الطرفين بعيدا عن نوايا واهداف من فرض هذا الواقع على هذه المنطقة ويريد ان يكرر ما فعله بشكل وطريقة اخرى كي يقع الواقع لصالحه ايضا ويستمر فيه طوال عقود اخرى، اي يجب قطع دابر من يريد ان يلعب بالمنطقة وما صنعته يده، وقطع الطريق عن تحقيق مرامه االخبيث وهو راس الفتنة التي وزع المنطقة على اشكال تبقى خاضعة لها وتكون ضعيفة بشكل يمكن ان يستمر في حال تحتاج اليه . هل نجد من منقذ ام يجب ان ننتظر اكثر ؟ سؤال يجيب عنه من له الصلة بما يقضي في العراق والمنطقة وما يحدث مستقبلا قريبا .

 

في المثقف اليوم