آراء

عندما يصبح الإنسان غاز لبلده

alarabi benhamadiهل الحوثيون يمنيون أم هم غزاة شيعة قدموا من إيران واحتلوا اليمن؟ هل هم مسلمون أم كفار؟ هل هم عرب ام مجوس؟

أسئلة قد تبدو غريبة للبعض لكنها أصبحت تتردد على أكثر من لسان، في هذه الايام، على طول البلاد العربية وعرضها. والسبب هو سطوة المال السعودي والجشع الغربي . فمجمل الإعلام، شرقا وغربا، يتحدث عن مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح، المعتدية والمتمردة، و بالمقابل، يتغنى ،على مدار الساعة، باعداد القتلى من الحوثيين و ببطولات قوات التحالف العربي التي تدك مقاتلاته اليمن، دكا، مخلفة الدمار والماسي و آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، مستهدفة البني التحتية، بما فيها دور السكن والعبادة. لقد اصبحت السعودية الابن المدلل للاعلام اكثر من اسرائيل.

ان الكثير من الناس يجهلون وجود طوائف في اليمن، الى ان حصل العدوان السعودي عليه، بتزكية ودعم من مجلس الآمن الذي يكيل بمكيالين... هذا المجلس الذي يمثل مصالح، في اطار ميزان قوى مختل لصالح بعض الدول العظمى التي ستمكنها مقتنيات الأسلحة من تحقيق فائض في ميزانها التجاري بعد ان تمتص الفائض السعودي والخليجي الهائل من العملة الصعبة.

لقد انحاز الاعلام العربي انحيازا مخجلا (للفاتحين السعوديين)، متعللا بقرارات الجامعة العربية التي نفضت، فجاة، الغبار الذي كان يغطيها. ففي بلدي تونس، انحازت جل الصحف ووسائل الإعلام، بما فيها الوطنية، الى جانب الاعلام السعودي. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، اصطفت جريدة الضمير القريبة من الإسلاميين، وراء المملكة، الأخت الكبرى، حيث شنت هجوما مسعورا على الامم المتحدة مستنكرة سعيها الدءوب لإيقاف الحرب العبثية المدمرة حتى تجهض الحرب المقدسة التي تقودها المملكة، حامية أهل السنة، في مواجهه المد ألصفوي الفارسي اللعين.

لقد أصبح، اليوم، حزب الله، تنظيما إرهابيا، أسوا من إسرائيل، بعد ان كان تاجا على رؤوس العرب ومحل فخر، في زمن ليس بالبعيد.

لكن يبدو ان الإعلام الغربي وحتى العربي بدأ يعدل أوتاره بعد ان جرت الرياح بما لا تشتهي عاصفة الحزم، خاصة وان قوة شرعية هادي لا تتعدى حدود الرياض، وان الجبهة الداخلية لهذه الأخيرة أصبحت في مهب الريح، نتيجة التحريض الطائفي للدعاة السعوديين الذين جعلوا من بعض الأقطار حاضنة للإرهاب الذي أصبح يضرب الطائفة الشيعية في عقر دار المملكة .. فاصبح الاعلام يتحدث عن السابق بدل المخلوع وعن الحوثيين بدل مليشيا الحوثي.

اذا كان لهادي شرعية، لتكن، واذا كان لإيران نوايا توسعية فلتتوقف عنها. لكن هذا لا يتم عن طريق العواصف وغزو الدول وتدمير بناها وتشريد اهلها. فكما ساعدت ايران حلفائها في اليمن، كان بإمكان السعودية ان تفعل نفس الشيء وأكثر، وذلك بتنمية المناطق الحدودية اليمنية السعودية لا بمزيد تدميرها.

للمرء ان يتساءل عن مدى مصداقية البعض في رفع شعار الشرعية. فمتى نظمت السعودية انتخابات حرة؟ فالمعروف عنها أنها كانت دوما ملجأ لكل الرؤساء الغير الشرعيين الذين لفظتهم شعوبهم.

القضية تتلخص في ان دول الخليج أصابها الهلع بعد ان تخلى الراعي الأمريكي عن ضرب إيران، هذه القوة الإقليمية التي يرى فيها الحكام الخليجيين تهديدا لهم. وما المبالغة في اثارة النزعة الطائفية من طرف غلاة الخليجيين وغلاة الشيعة الا تغطية للدوافع الحقيقية لهذا الصراع.

ان غلاة الشيعة وغلاة السنة يلعبون بالنار بإشعالهم حرب طائفية قروسطية قد تأتي على الأخضر واليابس وتمكن الغرب من تحقيق أهدافه المتمثلة في إضعاف وتقسيم دول الشرق الأوسط وتوفير الأمن لإسرائيل لعدة عقود قادمة.

 

العربي بنحمادي

تونس

في المثقف اليوم