آراء

وفدنا إلى ملتقى دافوس .. تلاميذ غير مشاكسين!

saleh altaeiدافوس مدينة ومنتدى: دافوس المدينة: مدينة سويسرية صغيرة نالت الشهرة بسبب استضافتها للاجتماعات السنوية للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يجتمع فيه نخبة من رجال السياسة والأعمال من مختلف دول العالم للتباحث حول القضايا السياسية والاقتصادية.

أما دافوس المنتدى: فهو منظمة يقولون أنها غير حكومية، أسسها أستاذ عالم الاقتصاد (كلاوس شواب) في عام 1971 لتكون حسب زعمه مساحة لتلاقى رجال النخبة من ممثلي الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى والسياسيين الكبار بحجة مناقشة المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وكيفية حلها.

748-saleh

والمعروف أن المنتدى يضع عادة المسودات الخاصة بالخطط والمشاريع الاقتصادية، وله دور كبير في تنمية السياسات الخاصة بالبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي تسعى وراء خصخصة الخدمات الأساسية وتحرير السوق وخلق مناخ يسمح بالاستثمار بكل ما يتطلبه ذلك من مصائب تقع على رؤوس الفقراء، يسمونها (إصلاحات) سياسية، تتخذ على حساب الشعوب ومصالحها. ولكم أن تعرفوا أهمية ما سيصيب المواطن المسكين من جراء سياسات البنك والمنظمة من خلال الوصف الدقيق الذي أطلقته عليها لبنى القاسمي وزيرة اقتصاد الإمارات؛ التي أسمتها: "التغييرات الأليمة"، وذلك لأن شرائح كبيرة من المجتمعات تتعرض إلى العسف والظلم والسحق بسبب هذه السياسات.

يعقد المنتدى عادة لقاء سنويا واحدا بمدينة دافوس، فضلا عن لقاءات أخرى تتراوح بين خمسة وعشرة اجتماعات على مدار العام، تعقد في أميركا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط، هدفها كما يدعون تسريع عملية الانفتاح والاندماج الاقتصادي، أما هدفها غير المعلن فهو تنفيذ الخطط المرسومة لتغيير وجه العالم. فعلى هامش تلك الاجتماعات الإقليمية، يتم عقد اجتماعات ثنائية لوضع خطط مشاريع اقتصادية محددة، منها مثلا: إمكانية إنشاء منطقة تجارة حرة بين أمريكا والعرب، ومنطقة أخرى بين العرب وإسرائيل، أما في الجانب السياسي، فمن المشاريع والخطط مثلا ما يعرف بقضية السلام الكبرى بين العرب وإسرائيل.!

إن منتدى دافوس يواجه رفضا مجتمعيا حتى بين شعوب الدول المتقدمة؛ التي ترى فيه أداة لتخنيع وتركيع الشعوب وقهرها من خلال استغلال ظروفها السياسية والمعيشية، ولكنه يلقى قبولا وارتياحا لدى فئتين دون غيرهما الأولى: أصحاب الشركات العابرة للقارات، والحالمون بالمجد ممن يتطلعون إلى مرحلة المليارية، والثانية: الحكام، الذين يريدون التشبث بكل ما يبقيهم على كراسيهم ويوفر لهم امتيازات ومنافع يتنعمون بمواردها، ولذا لا يرعوي كلاهما عن دفع مئات ألوف الدولارات رسوما للتسجيل في المنتدى أو الاشتراك في لقاءاته.

وقد يكون من سوء حظنا نحن العراقيين أننا كشعب لا نعرف الكثير عن المنتدى وتوجهاته، وكحكومة تبحث عن كل ما يديم لها الاستمرارية والبقاء. وإلا بربكم ما يعني تهافت السياسيين العراقيين على المنتدى مع أن العراق يشكو ضائقة اقتصادية وإعسارا ماليا يتهدد وجوده وحياته إذا ما كانت أجور وتكاليف وشروط الانتماء إلى المنتدى، وحضور مؤتمراته، وتقديم الأجندات الخاصة أحد الأمور المكلفة جدا ولاسيما بالنسبة إلى الدول التي تمر بأزمة اقتصادية مثل العراق، حيث يبلغ رسم العضوية السنوي 12500 دولار، ولا تقبل عضوية الشركة التي يقل رأسمالها عن المليار دولار، وتبلغ رسوم الاشتراك في المؤتمر السنوي للمنتدى 60250 دولار، ويكلف الاشتراك في وضع أجندة في المؤتمر قبل انعقاده 250000 ألف دولار، أما من يرغب أن يكون شريكا دائما فيتوجب عليه دفع مبلغ 78000 ألف دولار، فضلا عن رسوم أخرى بعضها غير معلن.

إلى هذه البؤرة الموبوءة حضر الوفد العراقي الكبير؛ الذي ضم كل من: نائب رئيس الجمهورية الدكتور أياد علاوي ونائب رئيس الوزراء الدكتور روز نوري شاويس ورئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس المجلس الاسلامي الأعلى عمار الحكيم، وحماياتهم ومرافقوهم ومعاونوهم ومستشاروهم.

حضر وفدنا اللقاء الإقليمي الذي عقد في منطقة البحر الميت بالأردن من 20-22 مايس 2015 تحت عنوان " السلام وفرص الرفاهية في الشرق الأوسط" والذي يهدف إلى وضع برنامج إقليمي اقتصادي يفتح السوق، ويجذب الاستثمار فضلا عن دراسة التحديات التي تواجه جيل المستقبل ومواضيع أخرى تتعلق بدور القانون، والسلام والأمن، وكيفية تطوير القطاع الخاص، إلى جانب العلاقات بين أمريكا والعرب، وامن الخليج والناتو والسياسة الإسرائيلية امتدادا لوضع النساء والقانون مرورا بحرية التعبير والديمقراطية في المنطقة.

لقد تناقلت وكالات الأخبار معلومات تبدو مؤكدة أثبتت أن الحضور الإسرائيلي تزامن مع معلومات أبرزتها صحف صهيونية أن ممثلين من دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، التقوا ممثلين إسرائيليين خلال اجتماع عقد على هامش لقاء دافوس، وشارك فيه أيضا دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وعلم من التقى بالصهاينة عند الله لكننا لا نبرئ أحدا ما دام ذلك بعلم الله تعالى، فباستثناء مصافحة مسعود بارزاني لشمعون بيريز، لا ندري من صافحه أيضا.! .

أهم ما في الموضوع أن العراق تحمل تكاليف المشاركة الباهظة، وخرج من المولد بلا حمص، أما إسرائيل فخرجت بجميع الحصص، وأما مصر عرابة التسوية مع الصهيونية، فخرجت بحصة الأسد، كذلك الأردن الذراع الأيمن للجهد المصري، خرجت هي الأخرى بحصة النمر، أما جميع الدول العربية الأخرى ومنها العراق على وجه الخصوص فلم تخرج حتى بحصة قط أجرب مريض، فلماذا ندفع هذه المبالغ الطائلة بلا طائل يا من تطال أيديكم الشعب بلا رحمة وتفرض عليه التقشف؟

 

صالح الطائي

 

في المثقف اليوم