آراء
التحالف لرعاية "داعش"
لفت نظري تصريح لعضو في اتحاد القوى الوطنية قال فيه أن لا إشكال في عدم إصطحاب رئيس الوزراء لممثلي المكونات الى باريس، مبررا ذلك بان السيد العبادي يشارك في مؤتمر ضد الارهاب وان كل المكونات موحدة في موقفها ضد الارهاب. لكن حكومة أقليم كردستان مستاءة، ليس من عدم اصطحاب العبادي لممثل للاقليم، بل من عدم توجيه دعوة مستقلة للاقليم للمشاركة. اللافت ان بيان حكومة الاقليم يبرر استياءها بان هذا المؤتمر مخصص “للدول” المحاربة لـ”داعش” واقليم كردستان هو ايضا ضمن محاربي هذا التنظيم، لكن حكومة الاقليم التي تطالب باعتبار الاقليم دولة مستقلة، لا تنسى التصريح دائما بأن حكومة بغداد لا تعطي المال الكافي للاقليم، ولا تمتلك جوابا على سؤال حول معنى وجود رئيس جمهورية ونواب ووزراء ودرجات خاصة كحصة للاقليم في بغداد إذا كانت تعتبر الاقليم دولة مستقلة، ولا تعتبر السيد العبادي ذاهباً الى باريس لتمثيل العراق كله . موقف الاقليم متأرجح بين النزوع نحو الاستقلال، والحرص على تحصيل المال والمواقع والامتيازات من المركز .
في باريس واضح أن السيد العبادي أفصح للمؤتمرين عن بعض ما يعتلج في صدور أكثر العراقيين . وكأنه يرّد على حملات اللّوم للحكومة والقوات الامنية والحشد الشعبي عندما قال ان دخول داعش الى الانبار يشكل هزيمة لكل دول العالم . يريد القول أن وجود طائرات ستين دولة ضمن ما يسمى بالتحالف الدولي هي المسؤولة عن دخول داعش الى الانبار، وهي التي تجوب طائراتها سماء العراق، وأقمارها الصناعية التي تكشف كل مساحات التحرك الداعشي . هذا أضعف الايمان، والا فان هذه الدول تكون متواطئة خصوصا وان بين هذه الدول من هي متهمة أساساً بدعم “داعش” ماليا وبشريا وإعلامياً و”فتوائيا”. هذا ما لا يستطيع قوله السيد العبادي صراحة لكنه قالها تلميحاً.
أسئلة لا يمكن لعراقي مغادرتها أبداً: كيف تتحرك عصابات “داعش” بأرتال طويلة في صحراء مفتوحة دون أن تقصفها طائرات التحالف الدولي. كيف يمكن تصديق أن لا يتمكن حلف من ستين دولة من إضعاف “داعش” ؟. كيف يمكن لدول داعمة للارهاب باعتراف نائب الرئيس الاميركي نفسه أن تحارب “داعش”؟. كيف يمكن لدول تشكل ممراً للارهابيين المتوجهين الى العراق ان تكون ضمن تحالف لمحاربة داعش؟.
عندما دخلت “داعش” الى العراق واحتلت الموصل قال الرئيس الاميركي بعد طول تفكير ومناقشة للموقف ان بلاده لا تستهدف القضاء على داعش بل تحجيمها . هذا يعني أن يبقى هذا التنظيم في حجم معين، أذا كَبُرَ، يجري ضربه، واذا صَغُرَ يجري مدّه بما يعيده الى حجمه السابق . هذا بالضبط ما فعله التحالف الدولي حتى الان، لكنه”انتهك” استراتيجية التحجيم هذه عندما سكت أمام اندفاع داعش داخل الرمادي، بفعل قادة عسكريين جرى تنصيبهم بدعم من دول أخرى بحجة التوازن الطائفي، رغم الشبهات التي تخص نزاهتهم وتاريخهم وارتباطاتهم، فكان أن سلّموا الرمادي وأسلحة تقدر قيمتها بلمياري دولار الى داعش دون قتال .
وما زالت دول في التحالف الدولي تردد دون خجل معزوفة المصالحة والتوازن الطائفي وكانها تقول : “داعش” أو ما نريد…
ما الذي يريدونه؟
سالم مشكور