آراء
تنشيط الاستثمار .. الان!
الحاجة الى تنشيط الاستثمار ملحّة الان حيث الخزينة شبه خاوية والمشاريع معطلة، والكثير من الخطط الاستثمارية تم تأجيلها الى أجل غير مسمّى.
حان الوقت لمراجعة شاملة لاسباب الفشل في الاستثمار حتى الان . عشرات المؤتمرات عقدت من أجل الترويج للاستثمار في العراق .في كل مؤتمر كان عدد المستثمرين الاجانب المشاركين يتناقص حتى بلغ الامر ببعضهم الى وصف الاستثمار في العراق بالكذبة الكبرى . كثير منهم جاء الى العراق ليذوق الامريّن ويخسر الكثير قبل أن يعود كافرا بالاستثمار في هذا البلد ناصحا لغيره أن لا يأتي . الرشاوى تطلب في أغلب المستويات،والقوانين يضرب بعضها بعضاً، والنافذة الواحدة باتت نكتة سمجة.
دعونا من المستثمر الاجنبي ولنأتي الى العراقي . كم مستثمر عراقي استطاع تنفيذ مشاريعه التي حلم باقامتها في العراق ؟ هناك مليارات من الدولارات يملكها مستثمرون عراقيون اختار اصحابها الهرب بها الى عواصم اقليمية بعدما واجهوه من عقبات واعاقات لعملهم في العراق . لديهم مشاريع تنهض بواقع الاقتصاد وتوفر فرص عمل للعاطلين وتنشط الدورة الاقتصادية، ويدخل موارد جديدة الى الخزينة.
كثير من المشاريع العملاقة يمكن أن تنفذ من قبل شركات عالمية دون ان يدفع دينار واحد من الخزينة وفق ما يعرف بطريقة BOT، أي تقوم الشركة بتشييد طريق سريع مثلا وتستحصل أجوراً ممن يستخدمونه لمدة معينة تكفي لاسترداد رأسمالها وأرباحها ثم تنتقل ملكيته الى الدولة .
أعلم ان لدى الحكومة حماس الان لتنشيط الاستثمار الداخلي والخارجي عبر تذليل الكثير من العقبات المانعة له . لكن الامر لن يحل جذريا بهذه الاجراءات رغم أهميتها. نحتاج الى تشريعات توفر الامان للمستثمرين . أولها الغاء قانون التأميم الذي يعطي الحق للحكومة بتأميم أي مشروع خارجي في العراق متى شاءت . نحتاج الى فك الارتباط بين القوانين والتعليمات . نحتاج الى إجراءات حازمة ضد الموظفين والدوائر التي تتعمد عرقلة انجاز معاملات المستثمرين باعتماد قوانين قديمة معرقلة ورفض الالتزام بالقوانين الجديدة الميسّرة. نحتاج الى عقوبات قاسية ضد كل موظف يعرقل عمل المستثمرين أو يطلب منهم الرشوة، وهو ما بلغ حدا لا يحتمل . نحتاج الى أوامر للمصارف الحكومية لتقديم تسهيلات للمستثمرين دون تعقيدات ودون رشاوى .
لكننا نحتاج قبل كل هذا الى توافق مع بعض الاطراف السياسية للتوقف عن أخذ “الخوّات” من المستثمرين مقابل السماح لهم بالعمل ضمن مناطق نفوذها، وأيضا الضرب بيد من حديد على كل محافظ أو رئيس مجلس محافظة يحاول ابتزاز المستثمرين .
حاجتنا اليوم كبيرة للقطاع الخاص، والاستثمار المحلي والاجنبي هو الكفيل بانعاش اقتصادنا، وتنفيذ مشاريع خدمية مما لم تستطع المشاريع الحكومية تحقيقه من خدمات للناس .