آراء

تركيا وسيناريوهات ما بعد الانتخابات

emad aliكلف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة المستقيلة أحمد داود أوغلو بتشكيل حكومة تصريف أعمال تنتهي بعد 45 يوما بموجب الدستور بعد أن انتهت الانتخابات النيابية التركية بفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم ب 40.8% من أصوات الناخبين التي تضمن له 258 مقعداً في البرلمان من أصل 550 . وهو فوز بطعم الخسارة كما وصفه بعض المراقبين لأنه لا يوفر للحزب الأغلبية المطلقة الممثلة ب 276 مقعدا التي تسمح له بتشكيل الحكومة لوحده ومن ثم المضي قدما بمشروع الحزب بالانتقال من النظام البرلماني الى نظام رئاسي يوفر للرئيس رجب طيب أردوغان المزيد من الصلاحيات لاستكمال سياساته الخارجية والداخلية

و بطبيعة الحال عندما لا يستطيع حزب العدالة والتنمية بهذه النسبة من الأصوات تشكيل حكومة بمفرده فإن الأحزاب الحاصلة على نسب أقل منه لا تستطيع هي الاخرى ذلك بدون أن تتحالف مع بعضها . وقد حصل حزب الشعب الجمهوري على 24.9% تضمن له 132 مقعدا وحزب الحركة القومية المحافظ بنسبة   16,2 % / 80 مقعدا أما حزب الشعوب الديموقراطي الذي يمثل الكرد فقد تمكّن من دخول البرلمان بحصوله على 13.1% من الأصوات مجتازا بذلك الحاجز الانتخابي الذي حدده الدستور ب 10% ضامنا 80 مقعدا وهي نسبة جاءت مخالفة لاستطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات والتي لم يتوقع المشاركون فيها هذه النسبة ويعتقد أن أصوات الاسلاميين الكرد ذهبت الى حزب الشعوب الديمقراطي على حساب العدالة والتنمية مرجحين انتماءهم القومي مما أفقد الحزب الحاكم حوالي 3% من الأصوات كان في أشد الحاجة اليها، وهذا التغيير في مواقف الناخبين الكرد جاء نتيجة الوعود التي قطعها الحزب لناخبيه والتي لا يُعتقد أنه سيستطيع الوفاء بها لأنه سيكون تحت سطوة الاحزاب الأكبر والتي ستفرض عليه شروطها إذا اضطر للتحالف مع أي منها مما قد يرجح عودة هؤلاء الى خيارهم السابق في المستقبل

في ظل هذه النتائج ليس هناك من مخرج سوى الذهاب الى تحالفات بين الأحزاب لتفادي انتخابات مبكرة فما هي توجهات هذه الاحزاب ومن سيتحالف مع من وما هو حجم التنازلات التي قد يضطر كل أو بعض هذه الأحزاب للقبول بها في الصراع من اجل المشاركة في صنع مستقبل تركيا السياسي؟

بغض النظر عن تصريحات زعماء الأحزاب بعد إعلان نتائج الانتخابات بعدم التحالف مع الحزب الحاكم الا أن هذه التصريحات لا تصمد كثيرا بعد أن تبدأ لعبة الشد والجذب في مدة قانونية لا تمنح الكثير من الوقت للمناورة

اذن فالاحتمال الأول تحالف حزب لعدالة والتنمية مع واحد أو أكثر من الأحزاب المعارضة لتشكيل أغلبية نيابية كافية لتشكيل الحكومة . الاحتمال الآخر هو تحالف الاحزاب الثلاثة ضد حزب العدالة والتنمية للوصول الى 276 مقعد تؤهلهم لتشكيل الحكومة. وفي حالة تحالف حزب الشعب الجمهوري مع الحركة القومية والشعوب الديمقراطي فإن هذا الخيار سيقربهم من الغرب ويعزز فرص تركيا بالإنضمام الى الإتحاد الاوربي لكنه احتمال لا يرجحه الكثير من المتابعين لأسباب كثيرة اهمها البون الشاسع في الرؤى والمعتقدات السياسية لهذه الأحزاب إن لم نقل الخصومة والصراع العقائدي . إذا لم ينجح أي من الإحتمالين فإن الإنتخابات المبكرة ستكون قدر تركيا هذه المرة . ويمنح القانون الانتخابي في تركيا الحق لرئيس الجمهورية الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة إذا فشلت مفاوضات تشكيل حكومة ائتلافية خلال 90 يوما من الانتخابات البرلمانية الأمر الذي سيمكن حزب العدالة والتنمية من تشكيل حكومة أقلية وهي تجربة ليست جديدة على الحياة السياسية التركية .

 

عماد عبود عباس

في المثقف اليوم