آراء

منطق (أنا ربكم الأعلى)

fatimaalzahraa bolaarasلا أدري إلى متى سنظل (نحن الجزائريين) مرغمين على الاستماع إلى مسئولين يظهرون أسوأ ما فيهم (غرورهم وجهلهم) واعتقادهم الراسخ بأنهم وحدهم (يفهمون) .. لقد أساءوا إلى أنفسهم وإلى بلدهم من حيث يشعرون أولا

التواضع لم يعد له معنى وخاصة عند البعض من هؤلاء فهم يتحدثون بمنطق(العالم بالأمور) الذي لا يضاهيه أحد...وهذا دون دلائل أو أرقام وكأنهم يقولون لنا (نحن وحدنا الأرقام والأدلة)

يأتي الواحد منهم يتبجح أمام الميكروفون أو حتى عبر الهاتف ناسيا العالم حوله ثم يبدأ في الخبط (خبط عشواء) وكأنه يقوم بدور ثانوي في مسلسل قديم وردئ أيضا

هذا الانطباع خرجت به وأنا أتابع عبر إحدى الفضائيات أحد المسئولين السابقين (كنت أعتقده كبيرا) وهو يتخاصم مع الصحفية التي كانت قد طلبت رأيه حول حدث سياسي داخل الوطن

هذا المسئول إضافة إلى إيحاءات وجهه السلبية ونبرات صوته الحادة راح يتهجم على الصحفية مبرزا (عنترية) لم تعد صالحة منذ زمن بعيد كما أبان في حديثه عن استصغاره للصحفية والمشاهدين معا وكأن (سنه الكبير) الذي من المفروض أن يزيده وقارا يسمح له بإهانة الآخرين

وبمنطق (استعلائي) يشبه منطق الاستعمار الفرنسي (يبدوا أن بعض مسئولينا ورثوا كل صفاته القبيحة) راح يحلل الأمور بفوقية ويبرز أنه وحده الخبير بكل شئ ماضيا وحاضرا وأن الآخرين(بز وذراري*) ولا يجب أن يلتفت إلى رأيهم

لقد نسي هذا المسئول أن (جنانوطاب*) منذ زمن طويل هذا إن كان يوجد (جنان) أصلا

والجنان بتسكين الجيم في الجزائر هي شجرة التين لمن لا يفهم لهجتنا وهذا فيما يبدو هو ما حاول أن يقوله هذا (الجد) بطريقة فجة....لأنها عندما بررت الصحفية سؤالها بالبحث عن الحقيقة من أجل المشاهدين أجابها بمنطق (التينة الحمقاء) وقصتها المعروفة ونهايتها المحتومة إلا أن الأمر مع هذا الدينصور كان معكوسا فهو يصرعلى أنه وحده من (يعلم)و(يفهم) ثم جفت الأقلام ورفعت الصحف ولذلك فيجب أن يبقى في الواجهة مع أنه كان فيها منذ الاستقلال وهانحن (هرمنا) ولازال يصرخ في وجه الصحفيين وعلى مسمع من المشاهدين المصدومين مما ينتج عن سلوكه هذا من إساءة لبلده....دون أن يشعر بالحياء أو الخجل ودون أن يسال نفسه ماذا قدم لبلده غير الأمر والنهي والسلب والنهب

إن الشباب (في التلفزيون والصحافة المكتوبة) لم يكونوا يجارونه في(قلة أدبه) احتراما لسنه الذي يقترب من سن أجدادهم

لكن يبدو أن هذا الأدب و النغاضي من الأجيال (التي يقولون عنها فارغة ولم تفعل شيئا) هو الذي أفسح لهؤلاء الجهلة أن يسيئوا إلى بلدهم وهم يتفرجون

إن اختيار هؤلاء الشباب أصبح محصورا بين الطاعون والكوليرا عافاكم الله

أنا لا أنكر أن التجارب هي المحك الحقيقي لكل الممارسات لكن هذه التجارب إذا كانت حماقات تتراكم وأخطاء تتعاظم وتكبر في الرداءة والفشل فالأصلح أن يفسح المجال لشباب يجتهد ويخطئ بحسن نية على الأقل

إن الخبرة في الهرطقة والزندقة والعناد والصراخ...الخ ليست خبرة إنماهي سوء طالع تعاني منه الأجيال منذ الاستقلال

الجزائر أكبر من أن يحتكرها شخص أم أشخاص مهما كانت مؤهلاتهم ومهما قدموا ويجب أن يعلموا أيضا أن في الجزائر أجيال أخرى واعية مثقفة تستطيع أن تعطي أكثر لبلدها والأهم تستطيع أن تنفع اكثر لأنها أجيال تشبعت بروح النضال التي ورثوها من مخلصين اجتهدوا فأصابوا وأخطأوا ككل البشر ولهم أجرهم عند ربهم غير منقوص بإذنه

الأهم أن في الجزائر أجيال متفتحة على العالم بواسطة الإعلام المتطور ولا أحد يستطيع أن (يسوقها) بعصا كما مازال يحلم هذا الديناصور وكما عمل في مقتبل أيامه

المؤسف في كل هذ اهو المثال السئ الذين يُسوّق عن الشعب الجزائري(وهو لا يشبهه بتاتا)

وهولا يوافقهم حتى في آرائهم رغم أنه يصرون على الظهور والحضور

والحمد لله أن المواقع الاجتماعية أفسحت المجال للشباب يزفرون منها ما يطبق على صدورهم من(تخلاط) هؤلاء الذين قادونا إلى الهاوية ولا يزالون يعتقدون أنهم ليس كمثلهم أحد

قليلا من الحياء يا(هؤلاء)..إن لم يكن من الذين (تستصغرونهم) فمن أجل هؤلاء احتكرتم تاريخهم وتضحياتهم في سبيل الوطن الذي استبحتموه بجبنكم وأنانيتكم

في الأخير أقول أعتقد أن بعض مسئولينا ورثوا من الاستعمار عنجهيته وغروره ناسين أنهما سبب الثورة عليه

أتمنى أن يكون هذا (التخلاط)بسبب الزهايمر ليس إلا فذلك أرحم لنا من أن نكون قد خُدعنا حتى في تاريخنا وجهادنا

رحم الله شهداءنا الأبرار وأثابهم عنا فقد عرفوا أنهم ليسوا أكبر من الوطن ولذلك تسابقوا للشهادة وكان آخر ما يلفظونه قبل الشهادة الله أكبر تحيا الجزائر

أما هؤلاء الذين أبطرتهم النعمة فلا زالوا يتبجحون بالقول(كما كان يفعل المعمر) أنا ربكم الأعلى

في المثقف اليوم