آراء

قلقون من "الحشد"

salem mashkorلا يشغل موضوع الحشد الشعبي بال بعض الاطراف الداخلية وحسب بل يشغل حيزا كبيرا من إهتمامات الدول والاجهزة المعنية بالموضوع الاقليمي عامة والعراقي بشكل خاص . يظهر ذلك من خلال ندوات وحلقات دراسية وتقارير توضع هنا وهناك. أحد النشاطات في هذا الاتجاه قام به في أنقرة، معهد “أورسام” القريب من حزب العدالة والتنمية التركي الذي تراجعت شعبيته في الانتخابات الاخيرة. أعد المركز تقريرا في ثلاثين صفحة حول تركيبة الحشد الشعبي ودوره والتنظيمات المنضوية تحت هذا الاسم. وفي مؤتمر حضره ممثلو الكثير من سفارات الدول المعتمدة في العاصمة التركية جرى عرض التقرير ومناقشته. الدبلوماسيون كانوا حريصين على تسجيل كل ما يسمعونه، الامر الذي يعكس مدى اهتمام دولهم بموضوع الحشد.

قال لي كاتب التقرير انه لم يضع في التقرير الا ربع المعلومات التي جمعها على الارض عن الحشد. واضح ان الباقي ذهب الى الاجهزة المعنية برسم السياسة الخارجية التركية. أهم ملاحظة على التقرير هي انه أظهر الحشد شيعيا فقط وهو ما يروّجه من يريد الاخافة منه. التقرير يدور حول سؤال محوري هو: ما مصير الحشد بعد انتهاء داعش؟ سؤال طرحه كاتب التقرير التركي تاركا الحضور يبحثون عن جواب له.

في المناقشة قلت ان الحشد لن يكون لمرحلة داعش فقط، انما هو فرصة ليكون نواةً لقوة خاصة بحماية النظام السياسي كان يجب ان تتشكل منذ قيام النظام الجديد عام ٢٠٠٣. هكذا تفعل كل الدول التي تشهد انقلابات أو تغييرات كبيرة في النظام، بهدف حمايته من فلول النظام السابق الحالمين بالعودة. لست متأكدا من ان داعش ينتهي قريبا، وان خرج فبأي اسم جديد سيعود لاحقا اذا ما اقتضت الحاجة؟. قلت ان الحشد سيتحول الى حرس للنظام ينظمّ اليه أفراد من كافة المكونات شرط الايمان بالعملية السياسية والاستعداد للدفاع عنها.

ما تضمنه تقرير “أورسام” عن الحشد، وما قدمه واضع التقرير من ايضاحات، بدا معتدلا جدا أمام ما قاله مشارك كردي في مناقشة التقرير. هو أستاذ من جامعة صلاح الدين قال انه سيناقش بموضوعية لكنه كان بعيداً عنها. إنهال بالاتهامات للحشد ووصم قادته بالمجرمين. رددت عليه بالقول انني اتفهم مدى الانزعاج لدى المسؤولين الكرد من كل قوة تحمي المركز. لا يريدون مركزا قويا، ربما بسبب معاناتهم على يد نظام صدام ، لكن هذا لا يبرر الانتقام من بغداد، فالنظام تغير وصدام ولىّ والكثير من أتباعه يعيشون في كنف حكومة الاقليم الان. الخوف من بقاء الحشد قويا يعني ان الاقليم لن يستطيع فرض “أمر واقع” في مناطق خارج الاقليم كما فعل أثناء وبعد دخول داعش الى الموصل وصلاح الدين. تخوف الكرد من بقاء وتطوير قوات الحشد أمر يثير الكثير من الاسئلة؟

في المثقف اليوم