آراء

تركيا بين العقد الداخلية والخارجية

emad aliلم ير حزب العدالة والتنمية التركي مثل هذه المرحلة التي يعيش فيها من حيث الصعوبات والتعقيدات التي وضع نفسه فيها بيده نتيجة طموحات ونرجسية قائد الحزب من جهة ونية الحزب في الاستحواذ على كل شيء واعادة العثمانية كسلطة وامجاد ليفتخر بها ويتسلط على كرسي بقصره الجديد الذي لم يفلح في تامينه بعد نجاح حزب الشعوب الديموقراطي في كسر المانع ودخوله للبرلمان وتاثيره على عدد كراسي الحزب الحاكم وتقليصه الى اقل من النصف مما حدا الى عدم ضمان الاكثرية المريحة لتمرير قراراته وتحقيق اهدافه العديدة.

ما عقد امر السلطان وهو عدم اكتمال البنيان وانتابه بعد الانتخابات الغثيان من قلة التدبير، ومايحتاجه الان هو التعازي والصبر والسلوان، وهو يفكر ليعيد الكرٌة مرتان وبعد صياح الديك يسمع شهريارتركيا صياح الديك وقلبه ولهان، بينما فشل الحزب الحاكم في تامين ارضية لسلطة اردوغان يتوجه الزعيم لينال وبديه الصولجان ليلقى الكورد عليى يده من حقوقهم النكران واصحاب العزة والكرامة الفخامة هؤلاء يغرقونساهرين في لهو وامامهم لعبتان، واحدة داخلي مع حزبان صنوان احدهما حليف متقلب والاخر متعصب لا يرى الاخرين الا كدكان .

لنعد الى الكلام المباح، ان العقدة التي برزت بدخول حزب الشعوب الديموقراطي اصبح امرا لا يمكن تلافيه بسهولة . اردوغان حلم كثيرا ولكنه لم يحسب الاحتمالات جيدا واستيقض وهو امام فيض من السدود والعوائق لتحقيق حلمه . سيتاثر اقتصاد تركيا بشكل مباشر، ستمر البلد في فترة اللااستقرار الكامل، تشكيل الحكومة ستطول نسبة الى ما سبقتها، كل حزب له طلباته واهدافه التي تكون بالضد من مهمات حزب اردوغان وطموحاته، واجراء انتخابات مبكرة ليس حل مثالي لانه لا يمكن تغيير النتيجة التي جابها الانتخابات الاخيرة بين ليلة وضحاها، وعليه، فان حزب العدالة والتنمية امام خريف قاسي وبعده شتاء قارص من كافة النواحي، فمرت شهر عسله ولا يمكن ان يعود بالسهولة الممكنة . لذا اما يتحالف مع حزب قومي متعصب ويبعده عن ثوابته الاسلامية واما مع حزب علماني متمزمت بثوابت جمهورية تركية لا يمكن ان تتوافق مع المستجدات التي فرضها حزب اردوغان على الساحة السياسية التركية في العقد الاخير وما نجح بها في فرض نفسه كحزب الاكثرية، او يتحالف كاحسن طريق لمروره مع حزب الشعب بعد تنفيذ شروطه ويكون هو حزب السلطة الوحيد ايضا طوال مدة حكمه ولكن بتحقيق ما بداه من المصالحة والسلام مع الكورد، اي لم يبق امامه الا الطريق الابيض او الاسود .

اما السياسة الخارجية التي تفرض نفسها على اردوغان هو التفاهم والتنسيق مع اصحاب الشان في قضية سوريا وما تفرضه عليه من ايجاد منفذ يمكنه الخروج منه بسلام . فيمكنه التقرب من السعودية ومصر واردن وروسيا، وهذا له سلبياته، او التوافق مع امريكا ومتطلباتها وهذا ايضا يضرب من جهات عدة في الهدف الذي يضعه اردوغان دائما امام عينه وهو اعادة السلطنة العثمانية .

فخير طريق لتركيا هو التفاهم الداخلي وترك الاحلام والخيالات غير الواقعية، والواقع يفرض عليه العودة الى الارضية التي تعيش عليها من كافة النواحي السياسية الاقتصادية الثقافية الاجتماعية ، فان العصر يتطلب تغييرا وتقدما الى الامام وليس العودة والاعتماد على الاحلام باعادة الامجاد . اذا، ليس امام تركيا الا الخوض في عملية تفاهم صعبة بين الجهات القريبة من بعضها وهذا ما يقع لصالح البلد ان كان يهمها، ويهم اردوغان ذاته بعيدا عن نرجسيته وطموحاته الشخصية .

فما تمر به تركيا اليوم هو عبر طريق سالك صعب جدا ومن خلال محاولتها المرور بين المطبات والسدود والعوائق من خلال حل العقد الموجودة امام طريقها، وهذا ليس بسهل، وانما هناك نافذة مضائة في الافق يمكن الوصول اليها بشرط اعادة النظر في العديد من الاهداف الخيالية التي يحملها حزب العدالة واردوغان، فلننتظر .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم