آراء

قانون العفو العام والحرس الوطني ومهازل الاملاءات الخارجية!

الهيمنة السياسية الامريكية المطلقة على القرار السياسي العراقي لا تزال تدوس باقدامها على عزة وكرامة ووطنية العراق ورجولة العراقيين لتصادرارادة الحياة فيه، بل وتشوه قيما كريمة لبعض الكتل السياسية الوطنية وما تريده للعراق والعراقيين من خير، فتضعتهم في زاوية حرجة من خلال قيامها بأغتصاب القيم الوطنية من خلال دعمها لشراذم البعثيين السنة ممن صدرت بحقهم احكاما قضائية، فتحاول هذه الادارة اليوم من اعادة تقيمهم "كوطنيين اخضعوا للتهميش"، لكن العدالة الامريكية انبرت "لانصافهم"!!!.

أن هذه "العدالة" الامريكية، كانت وراء السبب الذي قاد الى شراء ذمم قيادات الجيش وقوى الامن في الموصل والانبار ورميها في مستنقع الخيانة والعبث بالمصير العراقي برمته. فما حدث في الموصل والانبار يعتبر من الكوارث الوطنية الكبرى التي أملت انسحاب هذه القوات الكبرى من الجيوش والعساكر من كل من الموصل والانبار بذلك الشكل المهمين، تاركين اسلحتهم ومعداتهم المتطورة لداعش والبيشمركة، بسبب، ان مواقف ادارة الرئيس اوباما، ابدت تعاطفا كبيرا جدا مع هؤلاء البعثيين في كلا المحافظتين، ممن كانوا في مواقع يستطيعون التأثير فيه على تلك القيادات وفرض انسحابها. فلولا تماهي الادارة الامريكية مع هؤلاء الخونة، لما حدثت تلك الخيانات الكبرى والتي، لم نسمع من حكومة الدكتور العبادي أي بنت شفة، ورأيناها كيف ابتلعت هذه الحكومة الذليلة هوانها بصلف منقطع النظير، لتعلن للعراقيين انه كان (انسحابا تكتيكيا)...من الانبار؟؟؟؟!!!

أن هذه الهيمنة الامريكية الباغية على الحياة والارادة لتدميرالمستقبل العراقي، أملت على العراقيين الخضوع والخنوع لارادة مصالحها وتعاملت مع الوطن العراق وكأنه لا يزال تحت البند السابع في سلسلة من المؤامرات المحبوكة باسم "ترسيخ" الديمقراطية ونشر "المقبولية" وتحت ذريعة "تهميش" السنة لتهديم الكيان العراقي الواحد. وقد صاحب تلك الاجراءات الامريكية القسرية اعلاما "مهذبا" لكنه كان كثير الخبث وفروض دكتاتورية سافرة من قبل السفارة الامريكية في بغداد، ووفق تفاهمات مسبقة مع حفنة من شراذم البعثيين الخونة الذين أتت بهم ادارة الرئيس اوباما وفرضتهم على حكومة السيد المالكي فرضا وعلى العملية السياسية، من اجل إعادة مجرمي الارهاب اليوم والذين صدرت بحقهم احكاما قضائية امثال طارق الهاشمي واحمد العلواني ورافع العيساوي وغيرهم، والذين لا تزال ادارة الرئيس اوباما تحاول ان تبدي "تعاطفا" معهم، وتصويرهم ك"أبطال وطنيين"، وقعوا تحت "ظلم "الشيعة" . ولكن الحقيقة المعروفة، ان ادارة الرئيس اوباما تجد في هؤلاء واخرين من امثالهم ضالتها المنشودة في اعادة هيمنة البعثيين وتمكينهم من مواقع في الحكومة والعملية السياسية بسبب افتقارهم الولاء للعراق . فالادارة تدرك انهم عبيد لأنظمة السعودية وقطروالامارات وتركيا والاردن، وهي تعتمد عليهم من اجل ان يستمر العراق والدولة العراقية مسرحا لتنفيذ اراداتها واملاءاتها من اجل مصالحها ومصالح وأمن اسرائيل، ليستمر السيربالعراق نحو فوضى التقسيم وهاوية الانهيار من خلال ألادوارالتخريبية لهؤلاء والسماح لتدخلات تلك الانظمة الخارجية المذكورة ووفق انتماءات هذه الشراذم البعثية لكل من تلك الدول الشريرة الخاسئة.

وإلا، كيف يمكن ان يعقل، ان قوى عسكرية وامنية هائلة تستطيع ان تديرظهورها بهذا الاذلال العسكري المهين تاركة اسلحتها وكراماتها لداعش، لولا ان يكون ما قد حدث سوى وفقا لقرارأمريكي لهذه الشراذم لاكمال المؤامرة القادمة في الانقضاض على الشرعية الدستورية التي تجلت في الانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع وانتخاب الحكومة الشرعية. فباعتقادنا، أنه كان قرارا من الادارة الامريكية لهذه الشراذم البعثية السنية لا يقبل النقاش أوالجدل من قبل حكومة العبادي التي لا تزال تشعر بالسعادة لبقائها في مستنقع الخيانة. فهي ملتزمة في قبول ما يفرض عليها، و(من لا تعجبه الاحوال والعيش تحت تلك الشروط، فما عليه سوى ترك العراق، ويبحث له عن وطن اخر...!!)

والسؤال الكبير هنا، هو هل يا ترى ان هذه العلاقة القائمة بين العراق والولايات المتحدة اليوم، هي علاقات سياسية متكافئة وكما يطالب بها الشعب العراقي من ان تكون عليه؟ او هل يرتضي الشعب الامريكي الحر الشجاع في ان تتصرف الادارة الامريكية بهذا العبث والاستهتار بحق شعوب الارض كما تفعل في العراق؟ أليس ما تفعله ادارة الرئيس اوباما، هو نوعا من عبودية واضطهاد ودكتاتورية ومهانة ولي ألاذان؟؟؟؟!!!!

فأين مصداقية ادارة الرئيس اوباما في دعمها للشعوب المظلومة والمستضعفة؟ أين شعاراتها العريضة عن الحريات وتقرير مصير الشعوب وعدم تدخلاتها في شؤونها ودعمها حتى تقف على أقدامها؟

فمنذ سقوط الصنم في 2003، ونوايا الادارات الامريكية تتكشف وتثبت مسارات سياساتها تجاه العراق، ويظهر جليا، من ان اسقاط نظام صدام الفاشي لم يكن من اجل تحرير العراق من الحكم الطغموي او تحت ذريعة اسلحة الدمار الشامل، بل كان من اجل تقسيم العراق والهيمنة على مصادر الطاقة واعادة رسم خريطة المنطقة لضمان امن اسرائيل بالدرجة الاولى.

أفليس من المعيب والمؤسف ان نجد أن الولايات المتحدة اليوم، وهي التي تدعي انها راعية الديمقراطيات في العالم ان تسلك سلوكا شبه استعماري مع الشعب العراقي وتملي عيه فروض الولاءات والطاعة تحت ذرائع لم تعد خافية على العالم وما ينضح من سلوكها من اضطهاد لارادة الشعب العراقي وارباك الحياة فيه، وهي التي كانت تعيب وتغضب وتحتج بشدة على استغلال الانظمة الشيوعية في العالم في ممارساتهم ضد الحريات الشخصية والمدنية لشعوبها؟؟، لتصبح هذه الادارة اليوم،هي ألاقل عدلا مع الشعوب التي تمر بمحن كالعراق، بينما هي ماضية في دعم داعش، وتقدم الدعوات الرسمية للارهابيين من العراقيين كالهارب من العدالة رافع العيساوي، فترسم له وتمهد له طريق تقسيم العراق وتدعم البعثيين من خلال اصرارها على تشريع قانون العفو العام ومشروع الحرس الوطني سيئ الصيت من اجل ان تعيد للعراق اهوال البعث الفاشي من جديد ليكون في ذلك مبررات كافية من اجل الوصول لهدفها في تقسيم العراق.

أن على ادارة الرئيس اوباما ان تدرك، ان الشعبين العراقي والامريكي معا سوف لن يذكرا مواقف ادارته بما يفترض له من العدالة والانصاف والحكمة التي اتسمت بها تأريخيا سياسيات رؤساء الولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك، فان الشعب العراقي سيظل يتذكر ان ادارة الرئيس اوباما لم تكن سوى مواقفا سياسية اندرجت تحت محاولات مستمرة من اجل تغليب مصالح مكون طائفة السنة البعثيين على المكونات الاخرى لنشر التفرقة والتحريض على اثارة النعرة الطائفية والتذرع من اجل وسائل وسبل اقامة الاقليم السني .

أن التداعيات السياسية التي تضر بالعراق والتي لا تزال ادارة ألرئيس اوباما تنتهجها تفرض على حكومة العبادي البحث عن وسائل ناجعة لدى حكومات العالم ممن يمكن ان تكون اكثر عدلا وحكمة لتلقي الدعم في محاربة داعش والقضاء عليه، ان لم تدرك الادارة الامريكية خطل سلوكها الذي يسير بالعراق نحو الهاوية . فبالاضافة للحرب الطاحنة مع داعش، فان الشعب العراق يعيش معاناة اضافية اخرى تتجلى في وقوف الادارة ألامريكية كداعم قوي للبعثيين السنة ومنحهم ولاءاتها لكي يعودوا الى السلطة، ليعود الخراب وتعود المعانات لشعب لا يزال يعيش مأساة ذاك النظام البعثي الفاشي ومقابره الجماعية وسلطة القهر واحواض التيزاب.  

أن ادارة الرئيس اوباما مطالبة اليوم اعادة النظر بسياساتها تجاه الوطن العراقي . وعليها الالتزام بمبادئها التي كانت رمزا للحريات والتحرر والحياة الكريمة، قبل ان يضطر الشعب العراقي للقيام بما تملي عليه مستقبل أجياله من تضحيات، لاعادة مسار الاوضاع لطبيعتها بنفسه، ثم لا تجد الادارة الامريكية لنفسها بعد ذلك ما تتمناه من العراق وشعبه.

حماك الله يا عراقنا السامق...  

 

أ . د . حسين حامد

 

في المثقف اليوم