آراء

العنصر البشري في التفاوض الناجح .. نموذج الفريق الإيراني في المفاوضات النووية

ali almomenالوفد الإيراني في المفاوضات النووية التي اختتمت في فيينا؛ قبل أن يكون وفداً سياسياً وقانونياً واقتصادياً وتقنياً؛ فهو وفد مهني بالدرجة الأساس؛ إذ تصل خبرة بعض أعضائه في الدبلوماسية النووية الى ما يقرب من عشرين عاماً؛ هو عمر المفاوضات الدولية حول البرنامج النووي الإيراني. وهذه الخبرة التراكمية هي جزء من إحترافية في العمل الدبلوماسي العام يبلغ معدل عمرها خمسة وثلاثين عاماً. وهي مهنية تكتنز في داخلها صفات المناورة والثقافة العالية والصبر والدقة والتواضع وروح الدعابة. والى جانب المهنية يبرز الإختصاص؛ إذ يحمل جميع أعضاء الوفد الإيراني شهادات الدكتوراه في العلاقات الدولية والقانون الدولي والعلوم السياسية والفيزياء النووية من أهم الجامعات الأمريكية والأوربية، ويتقن كل عضو أربع لغات حداً أدنى. وإذا أضفنا المهنية والإختصاص الى مواصفات التدين والوطنية والكفاءة؛ والتي تتساوى في أهميتها مع عنصري الخبرة والإختصاص؛ فسنكتشف مجموعة من أهم عناصر نجاح هذه الوفد في فرض بلاده قوة عالمية عظمى سابعة الى جانب الدول الكبرى الست التي يفاوضها معاً، وينتزع إعتراف العالم المتقدم بحقوقها الشاملة. وهذه المواصفات هي مزيج واحد؛ إذ لايمكن التخلي عن واحدة لمصلحة أخرى؛ فالمهنية والإختصاص والكفاءة الإدارية والتدين والوطنية؛ هي عناصر متخادمة لدى الوفد الإيراني؛ وقد أستخدموها بكل طاقاتها خلال سنتين متواصلتين من المفاوضات الصعبة.  

أعضاء الوفد هم:      

1- الدكتور محمد جواد ظريف، رئيس الوفد، وزير الخارجية؛ موظف متدرج في وزارة الخارجية الإيرانية؛ دكتوراه في الدراسات الدولية من جامعة دنفر الأمريكية، يتقن اللفات الفارسية والانجليزية والفرنسية ويفهم العربية.

2- البروفسورعلي أكبر صالحي، المستشار الفني للوفد، رئيس منظمة الطاقة الذرية؛ تدريسي متدرج في الجامعات الإيرانية وموظف متدرج في منظمة الطاقة الذرية، دكتوراه في الفيزياء النووية من جامعة أم آي تي الامريكية، يتقن اللغات الفارسية والعربية والاسبانية والانجليزية ويفهم التركية والفرنسية.

3- الدكتور عباس عراقجي، نائب رئيس الوفد، معاون وزير الخارجية للشؤون القانونية، موظف متدرج في وزارة الخارجية، دكتوراه في الفكر السياسي من جامعة كنت البريطانية، يتقن اللغات الفارسية والعربية والإنجليزية ويفهم الفرنسية.

4- الدكتور مجيد تخت روانجي، عضو الوفد، معاون وزيرالخارجية للشؤون الأوربية موظف متدرج في وزارة الخارجية، دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برن السويسرية، يتقن اللغات الفارسية والانجليزية والفرنسية ويفهم العربية.

5- الدكتور امير حسين زماني نيا، مستشار فني للوفد، نائب وزير النفط للشؤون الدولية، موظف متدرج في وزارة الخارجية، دكتوراه في القانون الجزائي من جامعة نيويورك، يتقن اللغات الفارسية والعربية والإنجليزية ويفهم الفرنسية.

6- البروفسور جمشيد ممتاز، المستشار القانوني للوفد، تدريسي متدرج في الجامعات الإيرانية وموظف متدرج في وزارة الخارجية وفي منظمة الأمم المتحدة، دكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس الفرنسية، يتقن اللغات الفارسية والعربية والتركية والإنجليزية والفرنسية.

أما الخبراء العشرة الذين رافقوا الوفد من رئاسة الجمهورية ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية و وزارة المخابرات ومنظمة الطاقة الذرية ووزارة النفط ووزارة الإقتصاد؛ فهم من كبار الإختصاصيين في مجالات عملهم، ومعظمهم سفراء سابقين أو حاليين ومن حملة الشهادات العليا.

الذي يعنينا في هذا المجال هو نموذج العنصر البشري الناجح الذي تطرحه إيران، وهي دولة شرق أوسطية مسلمة، تنتمي الى منظومات الدول النامية وعدم الإنحياز والجنوب. أي أنها جارة مباشرة أو غير مباشرة لدول عربية ومسلمة؛ كالعراق وافغانستان وباكستان واذربيجان والكويت والسعودية والإمارات وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين، وهي واحدة من 15 دولة شرق أوسطية، وواحدة من 52 دولة مسلمة، وواحدة من 115 دولة غير منحازة، و واحدة من 130 دولة جنوبية. ومن هنا فإن التشابه في البيئة الإنسانية والمشتركات الجغرافية والثقافية والمناخ الإقتصادي بين هذه الدول وإيران؛ ولاسيما الدول المجاورة؛ يجعل من المفيد التوقف عند التجارب الإيرانية في مجالات التنمية البشرية والإدارة الحكومية والبحث العلمي وتوطين التكنولوجيا؛ بعيداً عن طبيعة النظام السياسي والمرتكز الايديولوجي اللذين يخصان كل بلد.

 

علي المؤمن

16/7/ 2015

  

في المثقف اليوم