آراء

صناعة الموت- جرائم الحشد الشعبي الفضائية العربية تناقش

akeel alabodمصيبتنا اننا نمتلك فضائيات يسوق بعضها الموت، اوربما يروج نماذجا لسياسات منحرفة. إعلاميون تراهم دون ان يتحققوا، يدعون لأفكار او يحللون قضايا او اخبارا تتوقف عليها مصائر أمم وشعوب وأوطان دون دراية اواحاطة وافية منهم، وذلك ربما جزء من عمليات تجنيدهم الى هذه الجهة اوتلك دون ان يدركوا.

بالأمس مثلا انبرى احد مقدمي الفضائية العربية، وراح في مقابلة مع احد (خبراء السياسة) كما هو متعارف عليه في التسمية الإعلامية والسياسة منه براء، فهو لم يدرس أويتعلم حتى درسا في موضوع السياسة، ولكن هكذا تقتضي الامور كما يبدو بناء على منطق التهويل الإعلامي.

لذلك وبتلك الطريقة راح يناقش موضوعا يكاد ان يكون اكبر منه، بل واكبر من الفضائية نفسها، وذلك تحت عنوان (صناعة الموت)، وبجانبه عنوان فرعي اسمه (جرائم الحشد الشعبي).

والشيء المثير للجدل، ان مقدم البرنامج ذاته لا يعرف عنوان الموضوع لا من ناحية أكاديمية ولا من ناحية ثقافية، فهو لم يقدم او يعرف الجمهور عن معنى هذه الصناعة، لذلك وبطريقة ساذجة اوربما لغرض التورية الإعلامية، راح يتحدث عن جريمة احراق احد جنود داعش على يد ما تم تسميته بميليشيات الحشد الشعبي، مقارنا الصورة ذاتها بمشهد اريد به ان يكون مدخلا لمقارنة ذات الجريمة مع عقوبة إعدام داعشي لضحيته.

وهكذا وبطريقة معدلة وتحاشيا لتسليط الضوء على التفاصيل، راح معقبا بان ضحية الجندي الذي ينتمي الى الحشد لم تثبت ادانته، بينما ضحية الداعشي بما معناه، وبحسب المستبطن من القول كان قد ثبتت ادانته.

وهذه الفقرة الاخيرة إنما اريد بها تسويق فكرة مدى (التوحش الإجرامي) الذي يتصف به هذا الذي يسمى (الحشد الشعبي)، وبذلك أسدل الستار لملائمة خاتمة الموضوع مع العنوان الفرعي الذي ابتداه الإعلامي لتحقيق الغابة المطلوبة من تسويق الخطاب الخاص وفقا لاحندة الفضائية المذكورة.

حيث وبطريقة ماهرة اوماكرة تم التغاضي عن كيفية استقراء صفحات هذه الصناعة التي تفنن في ادائها جيش ما يسمونه( تنظيم الدولة).

وتم اختزال الامر بهذين الخبرين، ليتم التغاضي عن سجلات الجرائم الوحشية التي تندرج تحت عنوان ما لم يتم التطرق اليه اومناقشته، فلا (اغتصاب ولا قتل ولا احراق او تفخيخ اوذبح او تهديم قبور اواعتداء على الاثار ومواقع الحضارات المهمة في سوريا والعراق)، وكان صناعة الموت هذه التي تم تخصيصها كحلقة تلفازية، إنما اريد بها حصرا تبرير جرائم داعش امام ميليشيات الحشد التي هي أصلا تم تكليفها بسبب تلك الجرائم.

لقد استطاع مقدم البرنامج ان يكون مطية إعلامية لأجندة تتبنى ما تقوم به داعش في سياقاتها الإعلامية والخبرية حين استطاع ان يغير مربع المجني عليه ويضعه في مربع الجاني.

حيث تم استخدام جريمة الترويع التي قام بها احد منتسبي ممن تم حسابه على الحشد او احد أفراده مفتاحا لتبديل القضايا والحسابات بعد ان تم تخلية وتبرئة ساحة داعش من صناعة هذا الموت واستبداله بمن اريد له لان يكون عنوانا عريضا وليس فرعيا.

وما اريد قوله ان صناعة الموت قضية اكبر من جميع القضايا وموضوعة يراد بها استبدال مصادر الحياة بمصادر القتل والدمار، ذلك ما يراد تطبيعه وفقا لهذا النوع من الاعلام.

ان صانعي السلاح ومستخدمي الديناميت وآليات الحروب لإبادة الشعوب والأوطان هم صناع الموت وهم أنفسهم أولئك الذين يتبنون هذا النمط من الاعلام.

 

عقيل العبود

في المثقف اليوم