آراء

زيارة ظريف الى العراق .. قراءة تحليلية!!

الزيارة التي قام بها وزير خارجية ايران الى العراق ليس كسابقتها من الزيارات، كونها حملت العديد من الرسائل المهمة سواء على المستوى الداخلي الايراني او على المستوى الإقليمي لإيران، كما انها جاءت في توقيت جيد خصوصاً بعد الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الست، والتي تكللت بتوقيع الاتفاق النهائي لتدخل ايران بوابة التسلّح النووي، الامر الذي يجعل هذا الإتفاق هو حجر الزاوية لتغيير خارطة المنطقة من جديد، كما سيساعد هذا الاتفاق على تغير في السياسية الانتقامية لبعض دول المنطقة تجاه العراق وإيران،بل عموم منطقة الشرق الأوسط، ومن اهم هذه الرسائل هي:

١) هبوط طائرة الوزير في مطار النجف الأشرف، وهو امر غير معتاد من قبل قيادات ايران، لان الزيارة رسمية وكان الاولى ان تكون الى بغداد، ولكن اختيار النجف ان تكون المحطة الاولى هى لإدراك الجمهورية ووزير خارجيتها ان عمق الوجود الاسلامي والشيعي هي النجف والمرجعية الدينية، وان ثقل العراق وشعبه هو في هذه البيوتات القديمة والتي تتعانق فيها الروحانية والعرفان مع العلم والتقوى .

٢) القناعة التي اكتسبتها الحكومة الإيرانية ان النجف ومرجعيتها لا يمكن باي حال من الاحوال تجاوزها، بل يجب ان تكون المحطة الاولى في كل شي في العراق الجديد، بل لايمكن اغفال اي دور للمرجعية في العمل السياسي وبناء الدولة العراقية، بل لايمكن اتخاذ اي قرار يخص البلاد دون الرجوع اليها .

٣) كانت رسالة مهمة لجميع الأطراف خصوصاً السنية منها ان المرحلة القادمة ستكون مرحلة التهدئة، خصوصاً بعدما خف صوت العمليات العسكرية سواء ً في الرمادي او تكريت، بل اكثر من ذلك الهدوء النسبي على الجبهة السورية، والانسحاب التكتيكي للحوثيين على جبهة عدن، الامر الذي يطلق رسالة مهمة من الجانب الايراني ان الوضع الحالي هو للتهدئة وخفض صوت النار .

٤) بالتأكيد هي رسالة مهمة لجميع الأطراف في العراق والمنطقة عموماً ان لغة السلاح لم تجني شيئاً، بل خلفت الخراب والدمار والتشريد والتهجير، وسيطرة التطرّف على المدن، واستباحة اَهلها بالقتل والذبح والتهجير .

٥) اهتمام الجانب الايراني بالعراق، كونه يمثل حلقة مهمة من حلقات أمن ايران الداخلي، ويعتبر تهديد العراق ومدنه هو تهديد للجمهورية ومدنها، وهذا بحد ذاته رسالة واضحة لجميع الأطراف الإقليمية من ان اللابةعب الجديد "الايراني" لاعب متميز لا يمكن الوقوف أمامه، خصوصاً بعد النجاح المتحقق في الملف النووي ونجاح المفاوض الايراني امام عشرات المفاوضين ومن جميع الاختصاصات، الامر الذي اثبت ان العقل الاسلامي نجاح بجدارة في هضم واستيعاب الزحف الأمريكي نحو منطقة الشرق الأوسط .

ربما تسير المنطقة نحو التهدئة، ولكن ليس بهذه السهولة، فاللاعب الأيراني ليس من النوع الذي يمكن استدراجه الى المواجهة بسهولة، لهذا ستكون المرحلة القادمة فيها الكثير من التحذير والوعد والوعيد لجميع الأطراف الإقليمية، والتي تسعى الى تخريب الإتفاق النووي الذي يحاول الرئيس الامريكي الحفاظ على هذا المنجز لحكومته، رغم ان احتمالات رفض الكونغرس للاتفاق مازالت قائمة ، واذا ما تم رفضه فانه سيصار الى نقضه من قبل الرئيس الامريكي الذي سيحرص اشد الحرص على تمريره وأقراره .

اعتقد على الجميع في العملية السياسية في البلاد ان يدرك أهمية هذا الإتفاق، وان تجرى اللقاءات والحوارات في طريقة نجاح التفاوض والحوار في اصعب ملف دولي مر بصعوبات وتعقيدات وتصريحات وتهديدات لأكثر من مرة بين الجانبين، الامر الذي يجعلنا نقف عن القدرة والقوة للدبلوماسية الإيرانية في جر وكسر الجمود الامريكي، والقبول بلغة الحوار والتفاهم، وهي رسالة اخرى ان على سياسينا ان يدركوا تماماً ان البلاد لا يمكن ان تقف مرة ثانية بهذه اللغة وهي لغة السلاح والنار، وضرورة الجلوس على طاولة الحوار والتهدئة، وإخراج البلاد من آتون الحرب الطائفية وبناء الدولة على اسس وطنية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات .

 

محمد حسن الساعدي

في المثقف اليوم