آراء

تركيا ليست في موقع تطلب نزع السلاح الكوردستاني

emad aliفي هذا الوقت بالذات الذي اثبتت تركيا بافعالها للجميع بانها لا تحمل في مخيلتها السلام الحقيقي ولا تنظر الى التصالح الا كتكتيك يومي من اجل اغاراض اخرى وهي تستفيد منه في تغيير الواقع التركي كما تريد وتهدف الى تمهيد ارضية لفرض نظام رئاسي جائر يتفرد فيه شخص بصفات اردوغان النرجسية ليس الا .

لقد تنازل الكورد خلال السنوات الماضية التي اعتبرت بداية خير لاعادة النظر في الاخطاء التي ارتكبها النظام التركي خلال العقود الماضية ورفع الغبن عن شعب تعداده اكثر من ثلاثيت مليونا، وتظاهر النظام بانه مصر وجدي في ذلك الا انه في اول تجربة ديموقراطية وفوز حزب الشعوب الديموقراطي بحقه الطبيعي جن جنونه ولم يتمالك نفسه الا ويكتشف ما كان ينويه من كل تلك الخطوات التي اعتبرتها عملية السلام، ولم تكن الا عملية تنوي تركيا من خلالها اعادة ترتيب اوراقها بعدما ياست من دخولها الاتحاد الاوربي، وفكرت في ان تناسب وتلائم الداخل التركي مع ما هدفت اليه من ما تمنت ان تقود المنطقة وتتوجه نحو الشرق بدلا من بقائها منتظرة رحمة الغرب الذي طال عليه السماح لدخول الاتحاد الاوربي بسبب عدم توفر الشروط التي تؤهلها ان تكون عضوا فيه .

بعد المواجهات الدامية التي بداها وعمل عليها اردوغان لمصالح ضيقة في هذه الاونة وبعد النتائج الانتخابية التي جاءت على عكس هواه نتيجة احساسه بعدم تحقيق حلمه في ان يكون رئيسا قويا يسجل لنفسه مجدا اتاتوركيا بصورته الاسلامية وبامكانية وقوة عثمانية ، واعتقد بانه خسر الاثنين معا، على الرغم من كونه رئيسا لحزبه على ارض الواقع وتكليف داود اوغلوا كمنفذ لرغباته كرئيس حززب شكلي فقط وليس رئيس حقيقي لحزب يعتبر ارجوغان نفسه مالكه الحقيقي . وبعد فشله في الحصول على الاكثرية المريحة لتحقيق اهدافه، انه يعتقد في قرارة نفسه بانه فقد منصبه الحزبي ولو رسميا فقط من اجل حلم رئاسي وهو لم ينجح في ذلك ايضا وضاعت مسيرته بين الحانة والمانة، بعد اجتياز الحزب الشعوب الديموقراطي الحاجز ودخوله البرلمان وعدم فوز حزب اردوغان بالشكل الذي نوى، فانه احس بانه خرج من المولد بلا حمص. اي كل ما يفكر فيه اليوم هو اعادة النظر في كثير من الامور لترتيب اوراقه الشخصية والحزبية واستغلال موقعه وصلاحيته وسلطته في اعادة نفسه الى مكانته السابقة على الاقل، لذلك يحاول باي شكل كان ان يمهد لاعادة الانتخابات بدون الحزب الشعوب الديموقراطي ورموزه ان تمكن، والخوض في تجسيد ارضية للحصول على الصلاحيات الرئاسية التي يحلم بها من اجل تحقيق ما يامل من السلطنة الاردوغانية .

بعد عملية ما سميت بالسلام طوال اعوام وتعيد تركيا مرارا طلب نزع السلاح لحزب العمال الكوردستاني قبل ان تقدم هي على خطوة مشجعة تضمن عدم كذبها، وهي تؤكد عليه اليوم وفي الوقت والظروف التي هي متاكدة من استحالة ذلك في هذا الوقت بالذات، بعدما كشف اردوغان نياته وتكتيكاته بعد فشله من اول تجربة ديموقراطية عملية كانت لغير صالحه، وعليه فكر وتقدم خطوة الى الامام من اتفاقه مع امريكا في محاربة داعش صوريا والتركيز على محاربة الحزب العمال الكوردستاني على الارض عمليا . متناسيا بان العالم اليوم غير الذي كان قبل صمود المقاتلين في كوباني والبسالة التي ابدوها في معركتهم نيابة عن العالم، فيما تراجع خطوات في تعامله مع الملف الكوردي والمصالحة والسلام المنشود وهو ما يؤكد عليه القاصي والداني .

من الامور التي استوضحت على الارض وما يفعله اوردوغان وحزبه، فاننا نؤكد بان الفوضىى المتقصدة ليست الا من تفعيله ولامور سياسية داخلية ليست بذات جدوى في تحقيق الاهداف الشخصية والحزبية التي ياملها اردوغان ويعتقد بانه يحققها خلال فوضى خلاقة على حساب حرية المواطن التركي والكوردي ومصلحتهما . السؤال الذي يطرح نفسه هنا،هل تتمكن تركيا من اعادة ثقلها وترتيب موقعها الى ما وصلت اليه ايران بعد نجاح مفاوضاتها مع الدول الغربية لتكون موازية لها في صراعات المنطقة ام اصبحت متخلفة بخطوات قد مر عليها الزمن وتبقى كذلك مهما حاولت خلط الاوراق واعادة توجيه الانظار اليها . اننا نعتقد بان تركيا مهما حاولت ان تعمل على احداث الفوضى وتحاول ان تخرج منها ببداية لما تعتقد انها اخطات مرات من قبل في خطواتها وما تبين هذا جليا من تلهفها في الدخول الى التحالف الغربي ضد داعش ولو اسميا في وقت قياسي وبسرعة صاروخية ودون تمهيد وبدون ماء وجه لما اصرت عليه من وقبل عنه بهذا الشكل، انها تعتقد بان دخولها التحالف ضد داعش هو النافذة التي تتمكن من خلالها ان تعيد المسار الى ما تعتقد بانها تتمكن منها، وبما تملك ما يؤهلها ان تطلب وهي عضو في حلف الناتو ولها موقعها وكلمتها وموقعها الاستراتيجي . وعليه لا يمكن الا ان ترضخ الجهات الى الطلب التي تصر عليه تركيا وهو نزع سلاح حزب العمال الكوردستاني كما تعتقد، وهي تعلم انه مرفوض من بدايته لما في العملية من مخاطر على مستقبل الكورد وحياتهم من تنفيذ ذلك الطلب غير السياسي واللامعقول ولم يحدث من قبل في مثل ما اقدمت عليه تركيا اليوم وبعد وضع غير مؤهل حتى على خطوات السلام التي سارت ببطا اصلا، وحدوث فتور بين الجهات التي لم يكن بهذا الشكل من قبل .

نقول هنا ومن قرائتنا للتاريخ، مهما تجبرت الجهات المعتدية الجاحدة وما تنويه من تحقيق اهداف بعيدة عن الحقوق للجهات المغبونة، فانها لا تستطيع تامين مستقبل لما تفعله وتقدم عليه بالقوة الغاشمة، واليوم ليس بامس في ادارة البلاد وما يشهده العالم وتواصلهم مع البعض له ما يفرضه ومتطلباته من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى تركيا ان تنظر الى ذلك بعمق وتروي . فخير لتركيا ان تفكر في العمق كدولة موجودة بما تملك من الامكانيات التي تفرض قوتها السياسية وليس على حساب مصالح وامنيات واهداف الاخرين وحقوقهم، وليس اردوغان الا عنصر عثماني في زمانه ويفكر وهو في الماضي ويفعل ما يتامله دون النظر الى متطلبات الحاضر ومستجداته والمتغيرات التي جلبها معه العصر نتيجة فرضيات التغييرات المختلفة في العالم وليس في المنطقة فقط   .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم