آراء

المظاهرات بداية لانبثاق حركة سياسية اجتماعية مدنية في العراق

emad aliعلى الرغم من ان الشعارات العلنية البارزة وما دفعت الى التظاهر وهي المطالبة بتوفير الخدمات من الكهرباء والماء والصحة، الا ان من يتمعن في مطالبات المتظاهرين باشكال منفردة يتاكد من ان الدافع القوي لخروجهم هو التغيير السياسي الشامل، بعدما نسمع ما يريدون من تحقيق اهداف من قبيل محاسبة الفاسدين وتغيير الوزراء والنظام الرئاسي والغاء المحاصصات والحكومة التكنوقراط، والعديد من الشعارات التي تؤكد لنا ان المطالبات ليست نابعة من نقص الخدمات فقط وانما برزت من دوافع سياسية اجتماعية نتيجة التراكمات السلبية التي فرضت الاحتقانات واللامساواة والاجحاف بحقوق البعض والفساد والفوضى العارمة وهي ما حدا بالجميع الى رفض ماهو السائد من الاسلام السياسي والمحاصصة الاثنية والمذهبية والعمامات باشكالها وانواعها المتعددة .

عندما نرى بانهم جميعا وبدون استثناء يريدون استقلالية المظاهرات وابتعاد اية جهة عنها او المزايدة بها فانها تدلنا على مرحلة جديدة في العراق تبرز ما هو مغاير لما هو الموجود منذ اكثر من عقد ولحد الان .

انه مخاض او بداية لما يبشر لنا بان الواقع مرفوض ولا يمكن ان يسود الا الصحيح المناسب في هذا البلد، انها حركة نابعة من ذات الشعب وهو ما انتظر طويلا توفر فرصة للتعبير العفوي عما في داخله رافضا الشواذ والاستثناءات التي فرضت نفسها عنوة نتيجة استغلالها الفرصة والفوضى التي حدثت نتيجة التغيير المفاجيء للسلطة في العراق دون دراسة وتخطيط وتمهيد باي شكل كان . انه بداية لترتيب الامور والنظام وفق الحقوق والواجبات رغم السدود والموانع التي تواجهه الجماهير في مسيرتها، اي انها بداية لعملية طويلة تحمل مولود في رحمها فتحتاج لمخاض ربما طويل وعسير لولادتها في المستقبل القريب، وان اراد البعض استغلال المتغيرات من اجل مصالح ضيقة سياسية كانت ام اقتصادية .

انها حركة واضحة المعالم ولكن تحتاج لمن يمكن ان يديرها ويستمدها بشكل علمي صحيح بحيث يعيد تنظيم الواقع السياسي الاجتماعي وفق ما تتطلبه المرحلة بعيدا عن الموجود من الاحزاب السياسية الفاسدة، واستنادا على التاريخ والثقافة العراقية الراقية التي يمتاز بها العراق بشكل كبيرو استورثته اجياله المتنورة بشكل ملحوظ . اي اعادة النظر والتنظيم والترتيب المستند على قواعد راسخة في المجتمع بعيدا عن الدخيل والمستورد المزيف غير الاصيل، سوف يتمكن بما يتصف ويملك من ازاحة العوائق وشق الطريق مهما تطلب الوقت .

لقد اختبر العراق النظام السياسي الديني للاسلام السياسي بمذهبيه بشكل مفاجيء دون اية ارضية ثابتة وذاق الامرين على ايدي من يمثلونه منذ عشر سنوات كما ضاق الشعب الكوردستاني بهم ذرعا من سلوك وسيطرة الاحزاب القومية الضيقة الافق والدينية ايضا، وعلى الجماهير الكوردستانية ان تنظم نفسها من اجل رفض العمامات الخضراء والصفراء المقسمين للاحزاب القومية المقسمن لاقليم كوردستان الى منطقتين سياسيا اجتماعيا واقتصاديا وبما يفعلونه على الخارطة ايضا،كما رفضت جماهير العراق العمامات البيض والسود، والمطلوب الحقيقي الصحيح هو الاعتماد على النظام المدني العلماني الصحيح تُقر فيه مصالح الشعب وليس الاحزاب والحلقات الضيقة والفاسدين المسيطرين على زمام الامور في كوردستان كما هو حال العراق نصا وطبقا، اي ان كوردستان بحاجة الى اصلاح جذري يعيد الهيبة والسيادة للجماهير ويرفض الجاثمين على صدور الشعب باسم الشعب كما يحتاج اليه الشعب العراقي ايضا .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم