آراء

كوردستان بحاجة الى اصلاحات اكثر من بغداد ولكنها دون حراك يُذكر .. لماذا؟

emad aliاقليم كوردستان يعيش في ظل انعدام اقل نسبة من الخدمات وليس كما يدعي السياسيون المصلحيون المسيطرون على زمام الامور منذ اكثر من عقدين من الزمن، وهو غارق في بحر من الفساد . ولكن لماذا لم تخرج الجماهير وتضغط كما هو المطلوب، واصبح الهروب من الواقع هو المسيطر على محرك الاحتجاجات والقوة التي يمكن الاعتماد عليها وهم الشباب، فاصبحت الهجرة هي الملاذ للتعبير عن السخط والاعتراض وعدم النزول الى الشارع، وهذا له اسبابه المتعددة ونتيجة العوامل المتراكمة من افعال وتوجهات السلطة الجاثمة على صدور الشعب الكوردي خلال العقدين ما بعد التحرر من الدكتاتورية العراقية .

منذ انتفاضة اذار 1991 وسيطر الحزبان الديموقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني على السلطة وقسما كل شيء مناصفة واستاثرا بما الموجود في اقليم بحرية تامة، مع الاختلاف الجزئي فيما بينهما من حيث الادارة والضغوطات على الشعب ونسبة الحرية في التعبير والاعتراض، وكيف سيطرا على مصادر التمويل والاموال العامة واقتصاد الاقليم وعملا كشركتين تجاريتين واغتنما ثروات الاقليم لمصالح شخصية وحزبية ضيقة حرموا منها الشعب الكوردستاني، ووصلا الاقليم لحافة الهاوية بحربهما الداخلية التي راحت ضحيتها الالاف من ابناء هذا الشعب المغدور الذي ظلمته السلطات المتلاحقة في بغداد وسلطته الذاتية ايضا . لم يكن الشعب الكوردي بطبيعته المعروفة وشجاعته الفائقة بهذا الوضع من الخضوع، وانه حاول وقاوم ولكن الحكم القمعي الذي فرضته السلطة الكوردستانية المتمثلة بالحزبين، والذي يمكن ان لا نفرق بينه وبين ما كان ايام النظام السابق في الجانب الامني بذرة واحدة، فكم من ناشط اغتيل في وضح النهار وكم منهم فقدوا في غياهب السجون ولا نريد ان نتكلم عن التعذيب الجسمي والنفسي للمؤسسات الامنية وملاحقة الناشطين، فانه اثر على نظرة الشباب لكوردستان ومستقبلها . سيطرة العائلة على حزب الديموقراطي الكوردستاني ومنه سيطرتهم على السلطة في كوردستان، وسيطرة حلقة ضيقة على الاتحاد الوطني الكوردستاني ومنه السيطرة على السلطة مشاركة مع آل بارزان بتقسيم موارد البلد بعد ما احلوا بالاقليم من الويلات نتيجة خلافاتهم المستمرة القديمة قدم عشرات السنين والحديثة مابعد الانتفاضة . المناصفة والصراع الكبير فرض الفساد في الاقليم اكثر من اي مكان اخر، بحيث لو كان ما يجري في اقليم كوردستان في بغداد لخرج الشعب هناك منذ مدة طويلة، اضافة الى ما فعلته السلطة هنا من ازدياد هوة المعيشة بين الطبقات وافسدوا الاخلاق والتربية الشعبية .

اليوم، ليس هناك من هو راضي عن السلطة بنسبة ولو قليلة الا المصلحيين المستفيدين والذين اثروا على حساب الشعب ومستقبله . فهذا الاقليم الغني بثرواته وموارده ولا يزيد نسمته عن اكثر من خمسة ملايين بما موجود فيه من الاخرين ايضا، له امكانيات مادية في حال وجود نظام سياسي عادل ومخلص يمن ان يعيش الشعب برفاه اكثر من اي بلد اوربي، ولكن التوزيع غير العادل والفساد وسيطرة سلطة فاسدة من العائلات والحلقات فرض تبذيرا وتوزيعا غير منصفا، وكان يمكن عند وجود نظام عادل ان يعيَش الشعب باحسن حاله ويخطوا خطوات تقدمية مستقبلية، الا انه الان مدين باكثر من عشرين مليار دولار بعد كل الاموال الطائلة التي جائت الى اقليم من الواردات الذاتي ونسبة 17% من ميزانية العراق، نتيجة الفساد من راس السلطة وتخلفه وعدم معرفته بامور السلطة وخدمة الشعب ووصلت بها الحال في صراعها الى اللجوء الى اعتى الاعداء في تصفية الحسابات الداخلية وخانت الوطن وا لشعب الكوردي في مثل هذه الايام من سنة ،199 ، اي في 31 اب منها .

اذا الاسباب التي ادت الى هذا الوضع المتردي التخلفي الفاسد متعددة ويمكن حصرها في نقاط قليلة ومنها:

اولا : فساد السلطة وعدم الاكتراث بمصلحة الشعب بشكل عام نتيجة عدم المعرفة بامور السلطة والاستناد على العائلة والحزب بدلا من الخبرة .

ثانيا : الصراع الدامي والمتخلف بين الحزبين المتسلطين منذ اكثر من خمس وعشرين عاما .

ثالثا : سيطرة الحزب والمصالح الشخصية على زمام امور السلطة وفقدان شيء اسمه السلطة والوطن في سياساتهم .

رابعا : منع تجسيد نظام ديموقراطي مدني تقدمي من قبل الحزبين خلال هذه المدة من حكمهم .

خامسا : الموالاة لمحاور واطراف خارجية تفرض عليهم خطواتهم وان كانت لغير صالح الشعب .

سادسا : ضرب اية معارضة بيد من حديد لمنع كشف فسادهم وما ساروا عليه خلال هذه المدة وراح ضحية الاعتراضات والاحتاجات الكثير من ابناء هذا الشعب من المخلصين .

سابعا : سيطرة المتزلفين والمتملقين وهم كوسيلة رخيصة يستخدمون متى ما ارادت السلطة والحزبين ان ينفذوا ما يريدون منهم لضرب اي تحرك احتاجاجي بوسائلهم الدنيئة، وتعاون الحزبين اكثر من مرة في كبت الشعب وكما حصل في احتجاجات 17 شباط 2011 .

ان الوضع القائم في اقليم كوردستان اكثر سوءا من بغداد على الرغم من تحرر الاقليم من ايدي النظام الدكتاتوري السابق منذ 1991 . وهنا ربما يصبر الشعب لامور تخص مستقبل الاقليم وهو لازال في اول الطريق وكل ما يذهب اليه الشباب هو الهروب من الواقع لتجنب الاضرار بقضية الشعب وهذا ما يحسب لهم على غير اخلاق وعادة السلطة والحزبين الذين ضربا تلك المصالح العامة عرض الحائط بصراعهما وحربهما الداخلية وما افرطوا فيه على حساب الشعب . اي اننا بحاجة الى التظاهرات والاصلاح اكثر من بغداد ولكن الظروف الخاصة بالكورد وحس الشعب العالي من الخطورات الخارجية المحيطة به استغلتها السلطة الكوردستانية وهي مستمرة في فسادها من اجل مجموعة خاصة من المفسدين المبتذلين من المسؤلين وابنائهم والمتملقين والمصلحيين الذي لا يعرفون الشعب ومصالحه ولا يحترمون حتى دماء الشهداء الذين ضحوا باغلى ما يملكون من اجل الشعب الكوردي وكوردستان . اما العراق فهو دولة ولها عمقها فلا يمكن ان تضر الاحتجاجت والتظاهرات بها من حيث مستقبلها وانها الخطوة الصحيحة في اصلاح الذات الذي ننتظر ان يحدث في اقليم كوردستان بكل هدوء دون ان يضر بمتطلبات المستقبل الاقيم الذي لازال على غير سكته الصحيحة .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم